——-قراءتي في قصيد: (فارس وثلاثة فرسان )
للشاعر الدكتور Hamed Hajji
ا===============
يقول طبيبي الفرنسي
هيا تذكر جميع الأغاني وأمراً جلَلْ
وحلمَك والذكريات كفاك كسلْ
وتأتي ممرضتي: هل حَلُمتَ؟
وأزعم حلّقْتُ بالحلم.. أضنى فؤادي المللْ
تقول اشرَحِ الانَ ما قد حصلْ:
زَعَمتُ بأنِّيَ عطشانُ للحب
قد هدّنـي ظمــأ
وفؤادِيٓ تاق إلى السَفَرِ..
وجئت إلى الدار
أطلب ماءً على قدرٍ
مثلما جاء موسى على قدر..
وأقبل صبيانها بأباريق
حتى رويتُ
وعيني بها لَم تُمَتَّعْ مِنَ النَّظَرِ..
تعشقتُ واحدة بالوجود
ولا عَيْبَ
لو أنها ثالِث الشَّمسِ وَالقَمَرِ..
يعيرني الحاقدون بحبِّيَ أرملة
أتميزُ الرياح اللواقح بين
البراعم والنسغ في الشجَرِ!؟
زعمتُ أعلمها صهوة الخيل..
والحر
لا يخلف العهد إن وعدا..
وناديتها: اركبيه..
وقد كنت أدنيتُه
مَا أحَيلاَهُ مهرا لمّا بدا..
وعنّت إلى السرج
تمسكُ عرف الحصان
ومدت إليّ يدا..
كأن الحرارة من كفها
أجّجت في اللجام الهروب..
فأمسكتُ ريح الشكيمة كي تصعدا
وكنتُ إذا ما رأيتُ العيون تراقبها
أتمنى
يصيب العمى أعيننا حُسّدا.
وأوشك أعمى..
إذا سلّم العابرون
تَمنيتُ لو لَم أَكُن بالوجود هنا أَبَدا..
وأزعمُ تركض… تركض.. حتى وصلنا الربوع
لَوَ أنّك حَدّقْتَ من شرفات البيوت لرأسِ الجبلْ
تَجِدْنَا نثرنا الربيع على كل سهل وتلّْ
ولو أنْ تَتَبَّعْتَ أجْبِحَةَ النحل أو ذُقتٓ شهد العسلْ
لأدركتٓ
كيف زرعنا الحبور وكيف غرسنا على شفتينا القبلْ
يقول طبيبي الفرنسي
قد كدتَ تموتُ
خشينا يجيء الأجلْ
وتدنو ممرٌِضتي
بالمخدٌِر تحقنني :
كنْت تهذي هنا يا رجلْ
وكنت تصرخ: يا حب،
خذني
لأيام سعدى وحضن أمل
🍃ومن حضن سعدى الى حضن أمل
يطيب المقام ويحلو الغزل
فأما سعدى فشهد وخزان قبل
ويا صاح لا تسل عن ريق أمل
———
الشاعر أخذنا معه في جلسة علاج عند طبيب فرنسي
ولا ادرى لماذا اختار جنسية الطبيب فرنسية تحديدا
هل هي انتقاص للطب النفسي العربي
ام هي ثقة عمياء في مصداقية الطب الفرنسي
والحقيقة اقول هو موروث مجتمعي وعقلية راسخة في ثقافتنا
اننا نثق ونعجب ونقدس كل ما هو مستورد
اغلق القوس واواصل مع جلسة العلاج
في مشفى نرى الطبيب والممرضة والشاعر او المريض الذي سيكثر زعمه
والزعم هو القول بلا دليل او الخبر الذي يغلب عليه الكذب
وعلى حد قول الشاعر المصري احمد محرم
واضرب بما زعم الضعاف وجوههم ……………….. فمن المزاعم للعقول خبال
ولكن نحن أمام حالة مرضية والمريض ليس انسانا عاديا هو شاعر وخياله له شطحات وجموح وليس على الشاعر حرج
القصيدة وردت بمشهدية عالية
و نحت الى
الدرامية و البناء التصويري المشهدي وجسدت رؤى صاحبها اتساقا وتشابكا او حتى تضاربا وتعارضا ونحس وعيه بالمشهدية وحسن توظيفه لها وصبغها بالرؤية الفنية لكل المدارس الشعرية في قصيدة واحدة فهو الرومانسي(في حبه)
تعشقتُ واحدة بالوجود
ولا عَيْبَ
لو أنها ثالِث الشَّمسِ وَالقَمَرِ..
فهو اعتمدفى تشكيل صورهالشعرية على عناصر الطبيعة لانها مصدر النقاء والفطرة
وهو الرمزي الذي توجّه اٍٍلى اٍضفاء طابع رمزى على الصورة الشعرية(تَجِدْنَا نثرنا الربيع على كل سهل وتلّْ)
وهو التصويري الذي اهتمّ بالصورة الشعرية التى ( تتميز بالوضوح وبقدرتها على الاٍيحاء بصور مرئية تفيض بالحياة)
وناديتها: اركبيه..
وقد كنت أدنيتُه
مَا أحَيلاَهُ مهرا لمّا بدا..
وعنّت إلى السرج
تمسكُ عرف الحصان
ومدت إليّ يدا..
في هذا المقطع نرى الصورة والمشهد حيا متحركا امامنا بل هو نابض وفيه نّفَس وحياة
وهو السريالي حيث نلمس غرابة الصورة الشعرية والتباعد بين طرفيها عن المألوف للعقل والحواس
وجماليتها التي تكمن في شذوذها (وهذا هو مسمى الاشعاع او اللهب السريالي)
[ولو أنْ تَتَبَّعْتَ أجْبِحَةَ النحل أو ذُقتٓ شهد العسلْ
لأدركتٓ كيف زرعنا الحبور وكيف غرسنا على شفتينا القبلْ]
والشاعر له دراية واطلاع على حقل السينما والمسرح فجاءت القصيدة
عبارة عن مشهد كلي دال يتكون من عدة مشاهد جزئية، وكل مشهد مكون من لقطات، وما يربط بين هذه اللقطات والمشاهد الشاعرية هو السرد الشعري الذي يقوم بنفس الدور الذي يقوم به التركيب والتوظيب او (المونتاج)في الفيلم السينمائي عند انتقاء اللقطات والمشاهد المعبرة المؤثرة والربط بينها في تناسق وانسجام حيث يستسيغه المتلقي او الرائي وهذا القصيد خاطب المتلقي الرائي اي المشاهد في آن واحد
هذا القصيد حملنا على ان نعيش سينمائية او مَسْرَحَة الشعر
فهل يا ترى الشعر ولد من رحم المسرح ام المسرح ولد من رحم الشعر؟
واتساءل اليست قراءة الشعر في اللقاءات الادبية
تمثل شكلا من اشكال المسرح اي المشهديه ؟
النص الحلم والشاعر الذي في جلسة تفريغ امام طبيب نفسي لانه يعاني من اضطرابات نفسية حيث يحمل الحلم على الحقيقة يحكي حلمه بالتفصيل
بل ويرسم معاليمه والامكنة والازمنة الخ
والطبيب يعيده الى واقعه وهذا المقطع يثبت ذلك
ويجعل من حديث المريض مجرد هذيان مضر بالصحة العقلية والنفسية
يقول طبيبي الفرنسي
قد كدتَ تموتُ
خشينا يجيء الأجلْ
وتدنو ممرٌِضتي
بالمخدٌِر تحقنني :
كنْت تهذي هنا يا رجلْ
اعرج بعجالة على العنوان(فارس وثلاثة فرسان)
رغم ان الشاعر ارفق قصيدته بثلاث لوحات تمثل فرسانا على صهوة الخيل والفروسية اعني النيل والرفعة والشجاعة والشموخ
شخصيا أرى أن (الفارس) هو الشاعر الذي صور هذه القصيدة بفنية ومشهدية مدهشة
والفرسان الثلاثة هم الشخوص الذين أثثوا القصيدة وقاموا بالادوار على خشبة الحلم
وهم على التوالي حسب اهميتهم (الحبيبة
والطبيب الفرنسي والممرضة)
لان الفارس اي الشاعر الزمهم بادوار معينة في قصيده وحدد لهم ميدان تحركم ابرز الطبيب والممرضة بسرعة خاطفة وغيبهما لتظهر الحبيبة والفارس لمدة زمنية طويلة وتختفي ليعود الطبيب والممرضة للظهور وفي كل الحالات يبقى الفارس هو المسيطر وسيد الموقف ويتحكم في زمام السرد الشعري لذا فالثلاثة فرسان هي مجرد وجوه متعددة لفارس واحد….هو مالك ناصية اللغة
دمت مبدعا دكتور حمد الشاعر
فائزه بنمسعود
Discussion about this post