____قراءتي في رباعية (إذا شئت…)
للشاعر الدكتورHamed Hajji
————————————-
إذا شئتِ ان تذهبي وتُفارقَ روحكِ روحي إلى العدمِ
سأنقشُ اسمَكِ بالندّ والعودِ والطيب في معصمي
وأوشِمُ روحَكِ بالنور في الشمس أو ساطع الأنجمِ
وأبقى أحبك… ما جاد غيث! وما مرّ ريقٌ على مبسمِ!
———————————-
قال الوأواء الدمشقي:
نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي
نَقْشًا عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي
كأَنَّهُ طُرْقُ نَمْلٍ في أَنامِلِها
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْها السُّحْبُ بِالْبَرَدِ
————————————
رباعية الخلود والانبعاث
والوشم على الروح شاهد
والشاعر يكتب هويته وهويته هي هذا الحب الذي استبدّ به
لدرجة انه يبحث عن راحة الحبيبة ولو على حساب معاناته
(إذا شئتِ ان تذهبي وتُفارقَ روحكِ روحي إلى العدمِ )
هذا ان شاءت
وما تشاء الا ما يشاء القلب
وللقلب تصاريف يعجز العقل عن ادراكها
وتحليل اسبابها ودوافعها وحتى توقع نتائجها
الشاعر خيّر الحبيبة في البقاء جواره أو المغادرة
وفي الابتعاد موت لهما معا
لان روحه معلقة بروحها وروحها معلقة بروحه
وفي الفراق تبدأ رحلة العدم
هو من يحبها جدا ماذا سيكون مصيره ان قررت الرحيل عنه؟وان رحلت او بقيت جواره فهي مقيمة فيه هي التي صادت قلبه من داخل جسده
هو سيقوم بطقوس تثبّت هذا العشق وتخلده
سينقش اسمها بكل انواع الطيب على معصمه
لماذا اختار المعصم؟
الشاعر في حاجة الى كلام على هيئة معصم يشد على قلبه الملتاع والمهدد بالهجران
هكذا يكون المعصم مرآة كاشفة لاهتزازات الشاعر ومحاولاته لخلق منتج أو تمثيل رمزي إبداعي يواجه من خلاله الخوف من ابتعاد الحبيبة
ولا يكتفي بالمعصم الذي يمثل ظاهر هذا الحب او حتى سطحيته بل يغوص اكثر الى عالم الروح هذه الروح التي هي لبّ الحب والوفاء لينقش روحها في روحه وشما والوشم رمز تابيد الحب والذكرى
والوشم هو عملية نقش لرموز على البشرة
فهو نوع من الكتابة الثابتة والدائمة
لكن الشاعر ارتقى به وثبّته على بشرة الروح
وما حفر على الروح أبدًا لن يرُوح
والوشم هو كتابة بالدم تحاول أن تؤبد الزائل وتجعل العابر مقيما، لحفظ ذكرى تأبى المحو والنسيان حيث فيه هالة قدسية
فنرى روح الحبيبة تحولت الى صفحة يخط عليها الحبيب ما تحمله نفسه من مشاعر مرتبطة بلحظات حاسمة قد تغير مجرى حياته
هي مشاعر تذكره بحب حاضر بالغياب
فهذا عشق إلـهي يرتسم على روح الحبيبة يناديه بجاذبية وسحر لا يقاوم
وهذا يلزمه الوفاء الى ما وراء حدود المستحيل
حيث يقطع عهدا على نفسه انه يحبها جدا وسيظل يحبها ما دام على هذه الارض حياة
بل وابعد من ذلك
(وأبقى أحبك… ما جاد غيث! وما مرّ ريق على مبسمِ)
فالشاعر في كل رباعية يقدم لنا عضوا في الجسم(من العين الى اليد الى الفم وهانحن مع المعصم) ويوشحه بلغة شفيفة بليغة تبرز لنا نبل هذا العضو
وقدرته على التعبير عن الحب وتبليغ رسائل الحب الصامتة وبما ان الحديث عن (المعصم) هو مفتاح هذه الرباعية في تقديري أختم بابيات
للشاعر الاندلسي ابن الحاج النميري
أَلاَ مُعْصِمٌ لِلصَّبِّ مِنْ وَشْيِ مِعْصَمٍ
أَطَلْتُ إِلَيْهِ نَظْرَةَ المُتَوَسِّمِ
فَأَبْقَتْ بِهِ عَيْنِي حُلى مِنْ سَوَادِهَا
وَبَعْضَ سَوَادٍ وَسْطَ قَلْبِي المُتَيَّمِ
——————
قريحة خضلة تجود باروع الصور الشعرية النابضة حياة وجمالا دام ابداعك دكتور حمد الشاعر
فائزه بنمسعود







Discussion about this post