قوة التاريخ والحضارة ..
- د.علي أحمد جديد
كل الأبواب تفتح مصاريعها عبر الصين نحو تعاون أوسع في كل المجالات المختلفة ، وتحمل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حدٍّ سواء وفي ميزان واحد على كفتيه مصالح الشعبين العليا فس سورية وفي الصين نتيجة لقاء الرئيس السوري “الدكتور بشار الأسد” الذي بات رمز الثبات والصمود في زمن الانبطاح والمنبطحين ، والصيني “شي جين بينغ” رأس القوة العالمية العظمى التي تسير بثبات مهما زرعوا من الألغام في الطريق ، ليكون ما تم الاتفاق عليه بينهما استكمالاً وتوثيقاً لمراحل التعاون السابقة التي اتسمت بصدق التعامل والاحترام المتبادل الذي أوصل إلى علاقات اليوم الأفضل ثقة والأشد إيماناً والتي سنقرأها ترجمة عملية على أرض الواقع خلال الفترة القادمة ، وهي تحمل بُعداً زمنياً غير محدود بعد تنفيذ أولى خطواته بتوقيع العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون بكل صيغ التفاهم البنّاء في مستويات الاقتصاد ، والدفاع والارتقاء بهما إلى مستوى التعاون السياسي والاستراتيجي المتطور باستمرار ، رغم مايحيط بالعالم كله من أحداث الحروب الكونية والمؤامرات الدولية التي رسمتها خطوط “الفوضى الخَلّاقَة” لتنال من العالم كله و التي مازالت مستمرة منذ أكثر من 12 سنة على سورية لتكون تلك الأحداث شاهدة على مواقف الصين الأخلاقية والإنسانية ، إلى جانب الحق المتمثل بنصرة الدولة السورية في كافة المحافل الدولية من جهة ، وفي الداخل السوري من جهة أخرى .
وما شاهده العالم في الأمس علامة فارقة في العلاقات السورية الصينية ، في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة السورية إلى تعاون واسع يخرجها من عتمة الحصار الاقتصادي الظالم المفروض منذ أكثر من عقد من الزمن ، والخروج من الجغرافيا الضيقة إلى أوسعها ، وتحقيق انطلاقتها الاقتصادية الفعلية وهي تحمل بشائر الخير تدعمها الاتفاقات مع الصين العظمى في الاقتصاد والزراعة وفي الصناعة والتجارة وأهمها في الدفاع وفي كل مجال يمكن الاستفادة منه لتأمين حاجة سورية والسوريين في صمودهم وفي التفافهم الأسطوري وراء قائد رمز كعلمها المرفرف بنجمتيه الخضراوين ، والأهم من هذا وذاك هو تحطيم مظلمة العقوبات والحصار اللذين أثقلا كاهل الشعب السوري جوراً عالمياً و ظلماً .
ومن يقرأ سطور الزيارة التاريخية باستهتار ، كما هو في مواقع وقنوات الحقد ، إنما يجهل تماماً القراءة الصحيحة في العلاقات الدولية ، ولا يعرف معنى التعاون على أسس الاحترام المتبادل ومصداقيته .
وبالدخول إلى عمق الزيارة وأهميتها ، فإنها تحمل الكثير من الأبعاد التي تضفي على الدولتين (سورية و الصين) المزيد من عناصر القوة والترابط ، في الجغرافيا الدولية التي تشهد ولادة عالم متعدد الأقطاب بأوراقه الاقتصادية والسياسية وغيرها ، وهذا ما يؤكد صوابية الزيارة وأهميتها في زمانها ومكانها ، وهذه تفرض جملة معطيات جديدة تحدد ملامح المرحلة المقبلة بمزيد من التعاون والفرص ، لترسم خارطة طريق يعبر من خلالها السوريون إلى العالم الرحب والواسع بكل أطرافه ، وخاصة تنفيذ خطة “الحزام الأخضر” الممتد من الصين إلى الهند وإيران ثم العراق وسورية ، ومنها إلى تركيا وأوروبا وتنضم إلى موقع سورية كل من الأردن ودول الخليج ، من خلال طريق بحري آخر عبر موانئ البحر الأبيض المتوسط للدول المشاركة في “الحزام والطرق” .
من هنا يمكننا تحديد الآثار الإيجابية المتوقعة للزيارة التاريخية ، التي حددت ملامح وطبيعة المرحلة المقبلة للاقتصاد السوري ، أهمها كسر الحصار الجائر على الشعب السوري ، وفتح المجال واسعاً أمام الصين للمساهمة بإعادة إعمار ما خربه الإرهاب من البنى التحتية والخدمية ومن منشآت إنتاجية وغيرها ، وصولاً إلى تعاون تجاري وصناعي يفرض إيجابياته على الأسواق ، الأمر الذي سيعمل على تخفيض الأسعار وتسهيل عملية ضبطها ، وتحقيق المساهمة في تعزيز القدرة الشرائية للمواطن لتحسين معيشته ، والذي يعزز ذلك فرص التعاون المتعددة في المجالات الأخرى ، ولاسيما في القطاع المصرفي والقروض ، وتعزيز فرص الاستثمارات في القطاعات الخدمية والإنتاجية والسياحية ، وكل ما يحمله هذا التعاون من فرص واسعة تسمح بالاستفادة منها عبر استثمار “قوة الأمس والحاضر” للخروج من الأزمة الاقتصادية التي فرضتها سنوات الحرب وشدّدت من تأثيرها الدول الاستعمارية الطامعة بخيرات سورية وموقعها العالمي في الجغرافية المتميزة ، والذي تتوسط فيه ثلاث قارات ، تسعى من خلاله الدولة السورية للعب دورها المهم على الساحة الدولية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها.
وبالتالي فإن هذه الزيارة ستكون ترسيخاً لهذا المفهوم الذي عرفت الصين كيف تقرأ فيه أبعاد نظرية الرئيس الدكتور “بشار الأسد” عن تشابك البحار ، وتأسيساً لمرحلة جديدة في التعاون (السوري – الصيني) الذي يتسم بالشفافية الصادقة ، وبالمصلحة المشتركة التي سيستفيد منها الجميع .







Discussion about this post