حول نظرية السيد الرئيس الدكتور “بشار الأسد” في تشابك(تشبيك) البحار كمشروع نهضوي ..
” تشبيك البحار الخمسة ” التي هي : بحر البلطيق والبحر الأبيض المتوسط وبحر قزوين والبحر الأسود عبر بحر آزوف . وهي النظرية التي طرحها الرئيس الدكتور “بشار الأسد” قبل اندلاع الحرب الكونية على سورية ، ما يؤكد اهتمام المثقفين العرب ، بغضّ النظر عن انتماءاتهم القِطرية ، بفهم أهمية وضرورة التحالف المشرقي ، كنتيجة حتمية للصراع الدموي الدائر في دوله .
إن المشرق العربي في معناه وسياقه التاريخي الصحيح الذي فرضه تطور الأحداث بعيد عن أية نزعة انعزالية يعمل كمحرك ديناميكي لمعركة العرب ضد محاولات التقسيم وتدمير الدولة الوطنية ، وكرَدٍّ واقعي فرضته الأحداث على مشروع (الشرق الأوسط الجديد) الإمبريالي الذي طرحه (شيمون بيريز) . وكذلك برز مشروع التحالف المشرقي في واقع جديد يعمل على إنضاج الظروف الواقعية لتجاوز حتى (سايكس – بيكو) القديم ، نحو (سايكس – بيكو 2) في تقسيم المُقسَّم وتجزيء المُجزَّأ ، أو نحو استعادة اتحاد المشرق ، أقله في صورة تحالف خماسي بين كياناته التي طرحها “الرئيس الأسد ” في نظرية “تشبيك البحار الخمسة” قبل الحرب الكونية على سورية في ظروف سياسية صعبة . وكان السيد الرئيس ، وبمنتهى حسن النية ، يعتقد بإمكانية قيام تحالف اقتصادي من أطراف متضادة سياسياً لكنها – حسب اعتقاده – يمكن أن تفكر في الانعتاق أو في الخروج من سيطرة الإمبريالية العالمية الاقتصادية . وكان يعتقد بأن هذا التشبيك الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى نتائج تقارب في السياسات ويجعل لسورية دوراً مركزياً يوفر لها الحماية من سطوة العداء الأميركي والصهيوني للدولة الوطنية السورية . ولكن حسن النوايا وحدها لا يكفي في العلاقات الدولية ، ولذلك لم يفاجأ بأن أعداءه الرئيسيين والأدوات المنفذة للحرب على سورية قادها من اعتقد بأنهم أخوة أشقاء وأصدقاء وأن بإمكانهم بناء شبكة من العلاقات الاقتصادية معاً يمكن أن تؤدي إلى علاقات سياسية مختلفة ، وكان الفخ الذي نُصب لسورية بأيادي أقرب المقربين من الأعراب والمستعربين في الخليج والأردن والأصدقاء في تركيا ، ما اضطرّها إلى خوض حربها الوطنية الكبرى ضد المؤامرة الدولية منذ 2011 وحتى اليوم .
ولم يكن مفاجئاً انخراط معظم الدول المطلة على البحار الخمسة في الحرب على سورية وآخرها اليونان الدولة التي تعتبر صديقة للعرب والتي تصرفت بعكس العلاقات التاريخية الطيبة عندما قامت بحجز طائرة وفد الدولة السورية المتوجه إلى (جنيف 2) لمدة 5 ساعات بناءً على طلب حلف الناتو . إن العلاقات الدولية لا تقوم على حسن النوايا والرغبات فقط ، ولكنها تقوم على مصالح سياسية واستراتيجية تسبق العلاقات الاقتصادية ، ومن الطبيعي إذا نظرنا إلى خريطة دول البحار الخمسة نجد أن معظمها يقيم علاقات استراتيجية مع الإمبريالية العالمية أو دول تابعة لا تستطيع الخروج تحت أي شرط أو ظرف من ذلّ التبعية إلا بتغيير ثوري يضع هذه الدول في صدام مباشر مع الإمبريالية العالمية كنقيض لها ولتطورها الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي . فدول الخليج مثلاً ، فإن أي اقتراب سياسي أو اقتصادي معها لا يُمكن إلا أن يُسخّر لخدمة الإمبريالية العالمية. ومن شبه المستحيل الاستفادة من إمكاناتها المادية في دفع الاقتصاد مع دولة مثل سورية ولكنها تدفع مئات المليارات لتدميرها لأن المال الخليجي المسروق من شعوبه مال أسود حرام لا يُسَخّر إلا في خدمة الأهداف الشيطانية للإمبريالية العالمية لضمان بقاء عروشهم . ولعل تجربة الجزائر مثل واضح للتقارب مع (السعودية) والخليج في الثمانينات من القرن الماضي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد ووزير خارجيته الأخضر الإبراهيمي ، والذي نجم عن ذلك التقارب حرب أهلية دموية استمرت 10 سنوات طوال تسعينيات القرن الماضي . ولا تزال الجزائر تعاني حتى اليوم من آثارها الاجتماعية والاقتصادية ومن التبعات السياسية التي ترتبت عليها . وتكررت التجربة في سورية بالاقتراب من دول الخليج ومحاولة تطوير الاقتصاد عبر تشجيع الاستثمارات الخليجية ، والتي تسببت بتدمير الاقتصاد السوري ، ما نتج منه مآسٍ اجتماعية انتجت حرباً كونية ماتزال مستمرة إلى يومنا هذا ضد الدولة الوطنية السورية مموّلة بالرجال والعتاد والمال الخليجي والدعم اللوجستي التركي ، دفع فيها الاقتصاد السوري – عبر حسن النية والرغبة في تشبيك سياسي واقتصادي – حيث أصبحت تركيا بوابة الهجوم العسكري على سورية في محاولة تدميرها بالكامل .
إن المجابهة مع الإمبريالية العالمية والغرب الاستعماري تقتضي توفير الظروف الملائمة والقوى التي لها مصلحة في التخلص من هيمنة الإمبريالية العالمية والتبعية ، حيث تشكّل وحدة الهدف السياسي الشرط الأول لإنجاز مهمات التحرر الوطني وبناء الدولة الوطنية المستقلة . وعلى هذا الهدف السياسي، يمكن توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتحقيق الصمود والانتصار .
وإن طبيعة الصراع الكوني المستند إلى قراءة تاريخية ، والتي تمثل القوى البحرية منذ عهد الفينيقيين إلى مابعد الاكتشافات الجغرافية والثورة الصناعية الذي يجعل من الطرق البحرية عبر “تشبيك البحار” أساس التجارة الدولية ، منهيةً بذلك طرق البَرّ التجارية كما كانت قبل صعود البورجوازيات الأوروبية وحققت فيها السيطرة الكاملة وفتحت عهد الاستعمار الاستيطاني البغيض ، واستنفاد الموارد ، لتقضي على الصناعات الوطنية ، وتحول الشعوب المُستعمَرة إلى شعوب مُستهلِكة يزداد مقدار استهلاكها أو ينقص حسب تطور القوى والعلاقات الإنتاجية في دول الرأسمالية العالمية والغرب الاستعماري . ومن هنا ، فإن الرد على هذه القوى في ساحاتها البحرية ربما يكون مكلفاً وتقريباً عديم الجدوى في الظروف الحالية ، لذلك تأتي فكرة التحالف الدولي الجديد للقوى البرية امتداداً من الصين والهند إلى روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ثم دول المشرق من سورية الطبيعية (العراق إلى سورية ولبنان) ومنها إلى تركيا وأوروبا كما هو مشروع (الحزام والطريق) . هذا التحالف الذي يشكل







Discussion about this post