في مثل هذا اليوم 5 أكتوبر1789م..
النساء الفرنسيات يقمن بمظاهرة أمام قصر فيرساي الملكي للمطالبة بالخبز والغذاء.
المسيرة النسائية إلى قصر فرساي أو اختصارا «مسيرة النساء إلى فيرساي» وتعرف كذلك ب«مسيرة أكتوبر» لأنها وقعت في ال 5 من أكتوبر 1789، كما تعرف في مراجع أخرى ب«الزحف إلى ڤرساي». تعتبر من أوائل الأحداث الأكثر تأثيرا في مسار الثورة الفرنسية.
ظل الشغب في باريس طوال شهري أغسطس وسبتمبر، وتزايد نقص الخبز وراحت ربات البيوت يناضلن للحصول عليه من المخابز، وفي إحدى نوبات الشغب هذه أعدم العامة خبازاً وأحد مسؤولي البلدية· ودعى «جان بول مارا» إلى مسيرة للجمعية الوطنية إلى قصر الملكي فرساي:
عندما يكون الأمن العام في خطر لا بد للشعب أن يستولي على السلطة من أيدي أولئك الذين يقبضون عليها···· ضعوا هذه المرأة النمساوية (الملكة) وأخي زوجها (أرتوا Artois) في السجن··· اقبضوا على الوزراء ومساعديهم وكبلوهم بالحديد·· تأكدوا من وجود المحافظ (رئيس البلدية) ذلك البائس الدمث المستغرق في أحلام اليقظة والقادة التابعين له، لا تدعوا الجنرال لافاييت يبتعد عن نواظركم واقبضوا على مساعديه··· فلا حق لوريث العرش في الغداء طالما أنكم لا تجدون الخبز· نظموا صفوفكم المسلحة·· هيا إلى الجمعية الوطنية لنطالب معا وجميعاً بالطعام··· طالبوهم أن يكون لفقراء الأمة مستقبل آمن من خلال تضامنها· إنكم إن رفضتم الالتحاق بالتشكيلات المسلحة فليس أمامكم إلا الاستيلاء على الأراضي والذهب الذي يمتلكه الأوغاد الذين يريدون إجباركم على شروطهم في ظل الجوع، اقتسموا فيما بينكم ذهبهم وممتلكاتهم· هيا احملوا رؤوس الوزراء وتابعيهم التافهين· هيا إنه الوقت المناسب!”·
بدأت المسيرة في أسواق باريس، صباح 5 أكتوبر 1789، وانطلقت يوم 5 أكتوبر 1789، بحشود من النساء نحو قصر فرساي، ثم بدأ التجمع في وسط المدينة نحو بلدية باريس، لمطالبتها بمعالجة الأوضاع والمطالب النسائية بالاستجابة للحالة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يواجهنها، وخاصة نقص الخبز وارتفاع الأسعار والفقر الناتج عن أوضاع اللاعدل عموما. وطالبت المسيرة النسائية، بإيقاف «العراقيل الملكية» لمنع الجمعية الوطنية من أداء «أعمالها الإصلاحية»، كما طالبت أخيرا بانتقال الملك إلى باريس كدليل على حسن نواياه في القرب من الشعب ومعالجة مشاكله الاجتماعية المختلفة على نطاق واسع. عدم التجاوب مع المطالب النسائية للمتظاهرات في ساحة البلدية بباريس، سرعان ما أدى إلى التحام مظاهراتهم بالثوار الذين كانوا يطالبون بالاصلاحات السياسية التقدمية والملكية الدستورية. فباتت مسيرة تضم الآلاف، بتحريض من الثوار الذين عبثوا بترسانة الأسلحة بباريس، بحثاً عن الأسلحة، ثم تحركت المسيرة إلى قصر فيرساي. حاصرت الحشود القصر، وانتهت بمواجهة عنيفة، قدّر عدد المتظاهرات بنحو 7000 امرأة، في حين قام 20.000 عنصر من الحرس الوطني بتأمين مقر السكن الملكي. حاولت النسوة اقتحام القصر، مما أسفر عن مقتل عدة حراس، قائد الحرس الوطني تمكن من إقناع الملك بأهمية الانتقال إلى باريس كمقر الإقامة الملكية، وهو ما تمّ فعلاً في 6 أكتوبر 1789، حين انتقل الملك والعائلة المالكة من قصر فرساي إلى باريس تحت حماية الحرس الوطني.
أهداف المسيرة
كان الجوع واليأس والمعاناة الدافع الأساسي لمسيرة ال 5 من أكتوبر 1789، ولكن ما انفك البحث عن الخبز أن تطور إلى أهداف أكثر طموحا بكثير. إن فتح قصر بلدية باريس Hôtel de Ville بالفعل مخازنه الوفيرة لوجبة عامة، التي استفاد منها مثيروا الشغب. ولكن الثوار الحقيقيون المطالب النسائية في المسيرة ظلوا غير راضين: حيث لم يريدوا مجرد وجبة، ولكن المطالب تعمل على التأكيد على الأمن الغذائي على أن يكون الخبز متوفرا وبأسعار مناسبة لقدراتهم الشرائية. وكانت المجاعة الفزع الحقيقي والدائم الحضور للطبقات الدنيا والعريضة من الشعب، وكانت شائعات عن «مؤامرة الأرستقراطيين» لتجويع الشعب منتشرة مع عذه الأزمة وتم الإسيمان بها لتوفر الظروف الاقتصادية والسياسية المزرية الداعمة لهذا الاعتقاد.
التراث المعنوي
كانت المسيرة النسائية إلى قصر فيرساي حدث وإشارة مهمة في تاريخ الثورة الفرنسية، وحسب العديد من المحللين كان أثرها كبيرا على قدم المساواة مع حدث اقتحام سجن الباستيل. المسيرة باتت ملهمة لحركات التحرير العالمية والمجتمع المدني، ورمزا لقوة الحركات الشعبية، وأحد رموز النضال النسوي في العصر الحديث، وقدرة المرأة على التأثير والتغيير في مصير المجتمعات.!!
Discussion about this post