في مثل هذا اليوم 19 اكتوبر1912م..
تراجع نابليون بونابرت عن موسكو بعدما تعذر عليه احتلالها.
فى مثل هذا اليوم فى 19 أكتوبر 1812 تراجع نابليون بونابرت عن موسكو بعدما تعذر عليه احتلالها، ولمن يعرف عن ذلك التاريخ فقد كانت هذا الغزو الفرنسى لروسيا، نقطة تحول فى حظوظ بونابرت، حيث أصيب الجيش الفرنسى خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لم تمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك، وفى سنة 1813، هزمت قوات الائتلاف السادس الجيش الفرنسى فى معركة الأمم، وفى السنة اللاحقة اجتاحت هذه القوات فرنسا ودخلت العاصمة باريس، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش.
ويبدو أن غزو روسيا هو مقبرة القادة، ونهاية الإمبراطوريات، فمن قرأ عن تاريخ الحرب العالمية الثانية، يعرف أن قرار غزو الاتحاد السوفيتى (روسيا الآن) من قبل الألمانى أدولف هتلر، بداية نهاية الحرب، وكلمة النهاية لإمبرطورية هتلر الأوروبية التى طالما حلم بها، وتحول مجرى الأحداث بعد تاريخ 21 أبريل 1945، من سيطرة هتلر، إلى هزيمة ساحقة انتهت بانتحاره هو ودخول قوات الحلفاء لألمانيا واحتلالها بعدما كانت سيطرت على أجزاء واسعة من القارة العجوز.
نهاية الجنرالين الكبيرين واللذين يعتبران من أبزر قادة الحرب على مدى التاريخ الإنسانى كله، كانت واحدة، والسبب واحد، هو الفشل فى غزو الدولة الروسية، وتهالك قواتهم العسكرية فى خضم هذه الحرب الدروس التى انتهت بهزائم ساحقة، فكان لمساحة دولة روسيا مترامية الأطراف وصعبة التضاريس والأجواء الجوية، فضلا لدفاع عنها أمام الغزوتان الفرنسية والألمانية على الترتيب.
يقال عن هتلر إنه كان معجب بشخصية الجنرال نابليون بونابرت، وكان ينظر لأعماله بنظرات إعجاب، وتذكر عدد من التقارير أن الفوهرر الألمانى عندما نجحت قوات بلاده فى احتلال فرنسا، وقف أمام قبر الجنرال الفرنسى وقال: “عزيزى نابليون، سامحنى لأنى هزمت بلدك.. لكن يجب أن تعرف أن شعبك كان مشغولاً بقياس أزياء النساء بينما شعبى كان مشغولاً بقياس فوهات المدافع والبنادق!”.
فى ظل مقارنات وأحداث تشابهت بين الجنرال الفرنسى نابليون بونابرت، والفوهرر الألمانى أدولف هتلر، وضع كتاب “جنرالات هتلر” للكاتب عصام فؤاد، عدد من النقاط، تمثل حجم التشابه الكبير بين حياة وزعامة الجنرالين الراحلين.
فى البداية اعتبر المؤلف أن أدولف هتلر، فشل تماما، مثلما فشل سلفه نابليون بونابرت، وكانت نهايتهم الدرامية واحدة، كما تتطرق الكاتب إلى واحدة من أبرز نقاط التوازى بين الرجلين، وهى أن كل منهما أجنبيا عن بلده التى قادها إلى كارثة، فالأول من أصول إيطالية، تولى حكم فرنسا وقادها إلى القمة ثم إلى السقوط فى الاستعمار، والثانى هتلر صاحب الأصول النمساوية والذى استطاع أن يقود بلاده لاحتلال مساحات واسعة قارة أوروبا، ثم السقوط الكبير واحتلالها هى نفسها.
ولعل هذا التوازى يقرب نقطة هى من نقاط التوازى بين الجنرالين وهى الانتصارات المبهرة فى البداية ثم إخفاقات وكوارث ثقيلة فى النهاية، فنابليون قاد بلاده إلى إمبراطورية فرنسية تمتد من بحر البلطيق إلى بحر الأدرياتيك، ولتمشل كل من البرتغال وشرق روسيا، وفى نهاية وفى ظل قرارات لم تأت بثمارها انهارت هذه الإمبراطورية وتحولت فرنسا من إمبراطورية عظمى إلى دولة محتلة.
وهو نفس الأمر الذى سار عليه هتلر، واستطاع احتلال فرنسا والنمسا وتشيكوسلوفاكيا وأوكرانيا وأجزاء من روسيا، بجانب سيطرته وصداقته مع زعيم إيطاليا موسولينى وحليفه فى أسبانيا الجنرال فرانكو، وكانت الأمور تتجه نحو تكوين إمبراطورية بقيادة الفوهرر لولا تهالك الجيش فى حرب روسيا، وتحولت ألمانيا من إمبراطورية تستعد للسيطرة على العالم إلى دولة تحتلها قوات الحلفاء.
الأسطورة العسكرية والشخصية الفذة صاحبة القدرة الكبيرة على الخطابة والتأثير فى الجماهير، ربما هى كانت ما تميز الرجلين الذين اشتهروا بالخطابة بعبارات ارتجالية، تأخذ بعقول وقلوب مشاهديه، وتخلق بداخلهم روح الحماسة والرغبة فى الفوز، وتحقيق النصر، مهما كانت الظروف التى تواجهم.
أحلام وطموحات كلها تمناها الرجلين، ولعل كان أكبر أمنياتهم هو دخول بريطانيا، المملكة التى لا تغيب عنها الشمس، ليكتبوا اسمائهم فى خانة القادة الذين استطاعوا هزم واحدة من أكبر إمبراطوريات التاريخ عمرا وقوة، لكنهم فشلوا.!!
Discussion about this post