فى مثل هذا اليوم 28 اكتوبر1962م..
الاتحاد السوفيتي يعلن من خلال إذاعة موسكو إن حكومته قررت فك الصواريخ النووية المنصوبة في كوبا وإعادتها إلى الأراضي السوفيتية.
بعد مشاورات مطولة بين السوفييت والإدارة الأمريكية، وافق كيندي على المطالب المتعلقة بإزالة جميع قواعد الصواريخ الموجودة على الحدود التركية السوفييتية بالمقابل إزالة خروتشوف لجميع المنصات الموجودة بكوبا.
في الساعة ال 9:00 من صبيحة 28 أكتوبر، وصلت رسالة من خروتشوف كانت قد أذاعها راديو موسكو. صرح فيها خروتشوف التالي:«أصدرت الحكومة السوفيتية إضافة إلى القرارات السابقة بوقف أي أعمال إضافية في بناء قواعد للأسلحة، فقد أصدرت قرار جديد بتفكيك الأسلحة التي توصف بالهجومية وقواعدها وإعادتهم إلى الاتحاد السوفييتي».
وجاء رد كيندي سريعا، وذلك بإصدار بيان فيه دعوة “إلى المساهمة البناءة والهامة في عملية السلام”. واستمر فيها قائلا: “أخذت رسالتي إليك بالسابع والعشرين من أكتوبر وردك اليوم بعين الاعتبار بالقيام بمهمة قوية من جانب حكومتينا والتي ينبغي تنفيذها فورا. وستقوم الولايات المتحدة بعمل تقرير في إطار عمل مجلس الأمن بخصوص كوبا على النحو التالي: ستعلن بأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية سوف تحترم حرمة الحدود الكوبية، وسيادتها، وتتعهد بعدم التدخل بالشؤون الداخلية وعدم إقحام أنفسهم وعدم السماح باستخدام الأراضي الأمريكية كجسر لغزو كوبا، وستمنع كل من يخطط لأعمال عدوانية لكوبا سواء من الأراضي الأمريكية أو أراضي دول مجاورة لكوبا.
يعتبر كاسترو من أكبر المستفيدين من معاهدة كيندي-خروتشوف، فهي من الجانب العملي قد شددت من قبضته داخل كوبا التي لن تهاجمها أمريكا. من جانب آخر كانت كوبا هي المكان الوحيد الذي يستطيع خروتشوف أن يضع صواريخه بها لكي يقايض بها كيندي لإزالة الصواريخ الموجودة بتركيا، لهذا لن يكون للسوفييت نية اللجوء إلى حرب نووية إن كانوا خارج مرمى نيران الأمريكان. لكن بما أن سحب الصواريخ من تركيا لم يكن له صدى قوي بذلك الوقت، فإن خروتشوف بدأ وكأنه الطرف الخاسر بتلك الأزمة. وأدرك كيندي بأنه ربح الرهان ما بين القوتين الجبارتين وظهر خروتشوف كأنه ذليل. ولكن لم تكن تلك هي الحالة بشكل عام حيث أن كلا من خروتشوف وكيندي حاولا جهدهما لتجنب أزمة رغم الضغط الشعوب على حكوماتهم، واستمر خروتشوف بالحكم لمدة عامين بعد ذلك.
نتائج الأزمة
أحرجت تلك التسوية خروتشوف والاتحاد السوفياتي بشكل حاد وذلك أن سحب الولايات المتحدة لصواريخها من تركيا لم يكن له تأثير إعلامي قوي— بل كانت اتفاقية سرية ما بين كيندي وخروتشوف. واعتبر الروس بأنه انسحاب من الأوضاع التي بدؤوا بها— ولو أنهم تصرفوا بشكل جيد لأصبحت الأمور مغايرة وتسير بالإتجاه المعاكس. وقد تنحى خروتشوف عن الحكم بعدها بسنتين بسبب (وإن كان جزئيا) الإحراج الذي تلقاه المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب من سوء تصرف خروتشوف بتسريع وتيرة الأزمة في البداية وبالآخر يقدم تنازلات للولايات المتحدة. ولكن هذه الأزمة لم تكن الوحيدة التي أسقطت خروتشوف عن الحكم، إنما السبب الرئيسي هو قناعة منافسيه السياسيين مثل ليونيد بريجنيف بعدم قدرته بأخذ زمام الأمور عند الأزمات العالمية.
أما كوبا، فقد حدثت خيانة جزئية من طرف السوفيات نظرا لأن القرارات بشأن كيفية حل الأزمة قد تمت ما بين كيندي وخروتشوف، ولم تعالج المواضيع التي تهم كوبا كوضع جوانتاناموا. مما أدت إلى تدهور بالعلاقات الكوبية السوفياتية لعدة سنوات. ولكن استفادت كوبا من شرط عدم تعرضها للغزو.
أحد القادة الميدانيين بالجيش الأمريكي لم يكن راضيا عن النتيجة أيضا. إنه الجنرال ليماي الذي أبلغ الرئيس بأن ماحصل هو أكبر هزيمة بالتاريخ الأمريكي، وقد كان يجب علينا أن نبدأ الغزو مباشرة.
أزمة الصواريخ الكوبية حفزت على عمل خط ساخن ومباشر ما بين موسكو-واشنطن، الغرض من تلك الخاصية هي تسهيل عمل اتصالات مباشرة ما بين قادة الدولتين النوويتين عند حل أي أزمة شبيهة بأزمة أكتوبر 1962.
بعض المعلقون السياسيون (مثل ميلمان 1988 وهيرش 1997) قالوا بأن تلك الأزمة هيئت الأجواء لأمريكا لاستخدام الحلول العسكرية، مثل حرب فيتنام.
المواجهة الأمريكية-الروسية كانت متزامنة مع الحرب الهندية الصينية، التي بدأت وقت الحظر العسكري الأمريكي لكوبا. وتكهن المؤرخون بأن الهجوم الصيني ضد الهند من أجل أراض متنازع عليها كان مقصدها ليتزامن مع الأزمة الكوبية.!!
Discussion about this post