في مثل هذا اليوم 6 نوفمبر1913م..
القبض على مهاتما غاندي بينما كان يقود مسيرة عمال المناجم الهنود في جنوب أفريقيا.
مَهَتمة غاندي أو موهانداس كرمشاند غاندي (بالكجراتية: મોહનદાસ ગાંધી)؛ (2 أكتوبر 1869 – 30 يناير 1948) هو السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند. كان رائداً للساتياغراها وهي مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل، التي تأسست بقوة عقب أهيمسا أو اللاعنف الكامل، والتي أدت إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم. غاندي معروف في جميع أنحاء العالم باسم المهاتما غاندي (بالسنسكريتية: महात्मा) المهاتما أي “الروح العظيمة”، وهو تشريف تم تطبيقه عليه من قبل رابندراناث طاغور، وأيضاً في الهند باسم بابو (بالغوجاراتية : બાપુ بابو أي “الأب”). تم تشريفه رسمياً في الهند باعتباره أبو الأمة؛ حيث أن عيد ميلاده، 2 أكتوبر، يتم الاحتفال به هناك كـ “غاندي جايانتي”، وهو عطلة وطنية، وعالمياً هو اليوم الدولي للاعنف. كان غاندي عنصريا فقد كان يرى أن السود هم أدنى من الهنود والبيض، وكما أيّد التفرقة بين البيض والسود ورأى أن البيض والهنود هم جنس أسمى من الجنس الأسود فآمن بنظرية العرق الآري واعتبر أن السود أناس غير متحضرين تشبه حياتهم حياة الحيوانات ذات الذكاء المنخفض وكان يطلق عليهم “الكفير” (وهو مصطلح ازدرائي). في الثورة الهندية قام غاندي باستعمال العصيان المدني اللاعنفي حينما كان محامياً مغترباً في جنوب أفريقيا، في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل الحقوق المدنية. بعد عودته إلى الهند في عام 1915، قام بتنظيم احتجاجات من قبل الفلاحين والمزارعين والعمال في المناطق الحضرية ضد ضرائب الأراضي المفرطة والتمييز في المعاملة. بعد توليه قيادة المؤتمر الوطني الهندي في عام 1921، قاد غاندي حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام ديني ووطني، ووضع حد للنبذ، وزيادة الاعتماد على الذات اقتصادياً. قبل كل شيء، كان يهدف إلى تحقيق بورنا سواراج أو استقلال الهند من السيطرة الأجنبية. قاد غاندي أيضاً أتباعه في حركة عدم التعاون التي احتجت على فرض بريطانيا ضريبة على الملح في مسيرة ملح داندي عام 1930، والتي كانت مسافتها 400 كيلومتر. تظاهر ضد بريطانيا لاحقاً للخروج من الهند. قضى غاندي عدة سنوات في السجن في كل من جنوب أفريقيا والهند.
وكممارس للأهيمسا، أقسم أن يتكلم الحقيقة، ودعا إلى أن يفعل الآخرون الشيء ذاته. عاش غاندي متواضعاً في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي، وارتدى الدوتي والشال الهنديين التقليديين، والذين نسجهما يدوياً بالغزل على الشاركا. كان يأكل أكلاً نباتياً بسيطاً، وقام بالصيام فترات طويلة كوسيلة لكل من التنقية الذاتية والاحتجاج الاجتماعي.
سافر غاندي إلى جَنُوب إفريقيا في أبريل 1893، ليكون محاميًا مَع “شّركَة دادا عبد الله وشركائه”، وَكَان يبلغ من العمر حِينَهَا 23 عامًا، وسكن في ولاية “ناتال” الواقعة على المحيط الهندي، وأقام في أهم مدنها “دربان” الّتِي عُرفت بصناعة السكر والتبغ، وأمضى في جَنُوب إفريقيا 21 عامًا، وفيها وجد نفسه مجبراً على مواجهة العنصرية.
لاحَظ غاندي مُنذ نزوله من السفينة في مَدِينَة دربان عَدَم مُعاملة الهنود بالاحترام اللّاَزِم، وَفِي “محكمة دربان” طلب القاضي منه نزع عمامته، لكنّه رفضَ ذلك وغادر المحكمة، وطلب منه عبد الله السفر إلى بريتوريا ليمثل الشّركَة في المحكمة، وحجز لَه مقعدًا في الدرجة الأولى، وَفِي بيترماريتزبرغ في الطريق إلى بريتوريا طلب منه موظَّفي القطار مُغادرة عربة الدرجة الأولى، والذهاب إلى عربة مخصصة للملونين، وَبَعد رفضه ذَلِك، دفعه شرطي إلى خارج العربة، فأمضى بقية الرحلة في غرفة الانتظار يفكر هل يُوَاصِل الرحلة ويصبر على الإهانات الّتِي يتعرض لَهَا، أم يعود إلى الهند ويُغادر البلاد، وأدرك حِينَهَا أن مَا واجهه مَا هُو إلَّا إشارة للتمييز العنصريّ في جَنُوب إفريقيا، وشعر بمسؤوليته لإصلاح الأوضاع المختلة والتخلص من التمييز العنصريّ، وَفِي اليوم التالي، أرسل شكواه إلى رَئِيس السكك الحديديَّة، وأخبر السيد عبد الله بِمَا جرى معه، وسُمح لَه بإكمال رحلته إلى تشارلز تاون، وأعتدى عليه سائق عربة بَعد أن رفضَ أن يترك مقعده ويجلس في أرضية العربة.
وركله شرطي إلى الشارع أَثناء سيره في ممر المشاة بجانب الطريق، حيثُ كَانَت قَوَانِين الملوَّنين تمنع سير الهنود على الطرق المخصصة للمشاة، وزادت واقعة طَرِيق المشاة من شعوره بمعاناة الجالية الهنديَّة، وأزعجه التحيز ضدَّ الهنود من البريطانييّن كثيرًا، وأعتبره تحيزًا مهينًا، وبدأ يشك في مكانة شعبه في الإمبراطوريَّة البريطانيَّة.
عزم غاندي على مُغادرة جَنُوب إفريقيا بَعد فراغه من قَضِيّة عبد الله في مايو 1894، ونظمت لَه الشّركَة حفلة وداع، وقرأ في إحدى الجرائد خبر يُشير إلى مَشرُوع قانون لحرمان الهنود من حَق التصويت لانتخاب أعضاء المَجلِس التشريعي بناتال، فتراجع عَن سفره وبقي للدفاع عَن حُقوق الهنود، وعُقد اِجتِمَاع في منزل زعيم الجالية الهنديَّة في ناتال تُقَرِر فِيه الاحتِجاج على مَشرُوع قانون الحرمان من حَق التصويت، وقدم غاندي ورفاقه عريضة احتجاج ووزعوها في المدينة، وأرسلوها للصحف وأيدت جريدة التايمز الهنديَّة مطالبهم، وأستقر غاندي في ناتال، وطلب من وزير الاستعمار البريطانيّ جوزيف تشامبرلين إعادة النّظَر في موقفه من القَانُون نزع حَق التصويت الّذِي أقرته الحُكومة في وَقت لاحق، ونجحت جهوده في لفت الأنظار إلى مظالم الهنود في جَنُوب إفريقيا، ومثلت هَذِه الحادثة بداية كفاح اللاعنف في مُوَاجَهَة السلطة البيضاء العنصريَّة، وناظل لاعتماده محاميًا أمام المحكمة العليا في ناتال، وساعد في تَأسِيس «المُؤتَمَر الهندي لناتال» للدفاع عَن حُقوق العمّال الهنود في عام 1894، الّذِي جَمَع الجالية الهنديَّة في جَنُوب إفريقيا كقوة سياسيَّة موحدة، غادرغاندي لجلب عائلته من الهند في 1896 وعاد إلى دربان في يناير من عام 1897.
أراد غاندي تغيير الصورة السيئة للهنود عِند الإنجليز بأنهم جبناء وَغير قادرين على المُخاطرة، وَفِي حرب البوير تطوع لتشكيل مَجمُوعَة من حاملي نقالات في عام 1900 مِثل فيلق الإسعاف الهندي في ناتال، وتكوَّنت المجمُوعة من نَحو 1100 فرد من الهنود، لتقديم الخِدمات الطبيَّة بعيدًا عَن خطوط النار في مُعظم الأوقات، وَبَعد هزيمة الجيش الإنجليزي في “معركة سبيون كوب” طُلب من الفرقة نَقل الجنود الجرحى من ساحة المعركة إلى مستشفى ميداني على بَعد عدَّة أميال، وسُرحت الفرقة من الخِدمَة بَعد نَحو شهرين من تأسيسها، وحصل غاندي وسبعة وثلاثون هنديًا آخرين على ميدالية الملكة في جَنُوب إفريقيا.
غاندي مع حاملي نقالة فيلق الإسعاف الهندي أثناء حرب البوير الثانية.
غاندي في جنوب أفريقيا في 1909
لَم تظهر المؤسسة الاستعماريَّة بَعد حرب البوير أي اهتمام بمد المُجتمع الهندي بالحُقوق المدنيّة الممنوحة للبيض في جَنُوب إفريقيا. أدَّى هَذَا إلى خيبة أمل غاندي من الإمبراطوريَّة وأثار معه الصحوة الروحية؛ كتب المؤرخ آرثر إل. هيرمان أن تجربة غاندي الإفريقيّة كَانَت جُزءًا من خيبة أمله الكبيرة تُجَاه الغرب.
ساهم غاندي في تَأسِيس صحيفة “الرأي الهندي” في 1904 الّتِي صدرت باللغة الإنجليزيَّة وبثلاث لغات هنديَّة أُخرى وهي الكجراتية والهنديَّة والتاميلية، وكتب فِيهَا لعشر سنوات، وفيها شرح مبادئ الساتياغراها، وعمل على إقامَة مستعمرة “فونيكس” الزراعيَّة بالقرب من “دربان” في العَام ذاته، وَنَقل إِلَيهَا المطبعة والعاملين في الصحيفة، وأقام فِيهَا وَكَان ينوي التخلي عَن مهنة المُحاماة، والتكسب من العَمَل بيده،
غاندي (يسار) وزوجته كاستوربا (على اليمين) (1902)
في عام 1906 أَصَدَرَت “حكومة ترانسفال” قانوناً جديداً سمي بالقَانُون الآسيوي الجَدِيد، يُلزم سكان المستعمَرة من الهنود من الرجال والنِساء والأَطفَال إعادة تسجيل أنفسهم من جَدِيد للحصول على إقامَة جديدة، وهددت بسجن وترحيل من يخالف القَانُون، وبدأ أفراد الشرطة باقتحام منازل الهنود لتفتيشها، واندلعت مظاهرات احتجاجيه في جوهانسبرج، في 11 سبتمبر 1906، وتبنّى غاندي لأول مرَّة منهجية الاحتِجاج السلمي أو ساتياغراها، وحث غاندي الهنود على تحدي القَانُون الجَدِيد وتحمّل عقوبات ذَلِك، وظهرت أفكار غاندي عَن الاحتجاجات ومهارات الإقناع والعلاقات العامَّة، الّتِي نقلها إلى الهند عام 1915. وَفِي عام 1910 أَسّس غاندي بمساعدة صديقه هيرمان كالينباخ، مجتمعًا مثاليًا أطلقوا عليه اسم “مزرعة تولستوي” بالقرب من جوهانسبرج، وفيها طور سياسته في المُقاومة السلمية.
بَعد حُصُول السود في جَنُوب إفريقيا على حَق التصويت 1994، أعلن غاندي بطلاً قومياً، وأقيمت لَه عدَّة معالم أثرية.!!
Discussion about this post