في مثل هذا اليوم10 نوفمبر1974م..
رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بمدينة نيويورك لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية.
خمسين عاما على أول خطاب الزعيم “ياسر عرفات” في تاريخ الأمم المتحدة يقف من فوق منبرها ليلقى فيه عن مطالب حركة التحرير، وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم والمساواة في الحقوق والواجبات بلا تمييز عنصري أو ديني، وكسب خطابه التعاطف مع القضية الفلسطينية التي تناضل في سبيل شعبها على الساحة الدولية، مثّل الخطاب اعترافًا بالنضال الفلسطيني وبمنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى الجانب الآخر غضب إسرائيل والجماعات اليهودية.
وجه “ياسر عرفات” رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية في يوم 13 نوفمبر عام 1974 خطابه إلى وفود دول العالم المشتركة في الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة التي كان يرأسها عبد العزيز بوتفليقة وزير خارجية الجزائر.
نستطيع التعرف على تفاصيل أحداث الخطاب من خلال تغطيه “جريدة الأهرام”، حيث تصدر الخبر الصفحة الأولى ليوم 14 نوفمبر عام 1974م، وكان المانشيت:-
* لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي
* عرفات يعلن للعالم من منبر الجمعية العامة: الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين”
“من فوق منبر الأمم المتحدة وفى خطاب تاريخ بالغ الأهمية والصدق … أعلن ياسر عرفات رئيس التحرير الفلسطينية على العالم كله الأهداف الحقيقية التي من أجلها يناضل الشعب الفلسطيني .. مناشدا المجتمع الدولي إن يقف مع حق شعبه في تقرير مصيره، وقال ان السلام والحرب يبدآن من فلسطين”.
وعلى وجه التحديد طلب قائد المقاومة الفلسطينية من المجتمع الدولي أمرين اثنين:
أولا : “تمكين الشعب الفلسطيني من العود من منفاه الإجباري الذي دفع إليه تحت حراب البنادق ليعيش في وطنه في مجتمع يضم اليهود والمسلمين والمسيحيين بمساواة في الحقوق والواجبات وبلا تمييز عنصري أو ديني”.
ثانيا: تمكين الشعب الفلسطيني من أقام سلطته الوطنية المستقلة وتأسيس كيانه الوطني على أرضه.
ترأس “ياسر عرفات” وفد المنظمة وافتتح بخطابه مناقشة قضية فلسطين في الجمعية العامة وقد بدأه بشكر رئيس الجمعية العامة على دعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في مداولات الجمعية بشأن قضية فلسطين، واعتبر “هذه الخطوة انتصارا للمنظمة الدولية كما هي انتصار لقضية شعبنا”.
(بداية الخطاب الذي استغرق ساعة و 40 دقيقة، وجه” ياسر عرفات” تحذيرا إلى الأمم المتحدة، أكد فيه أن إسرائيل تستعد لحرب خامسة، وإنها ما زالت بعيدة عن طريق السلام، تحاول تكريس احتلالها للأرض العربية).
صرح إحسان بكر مراسل الأهرام من نيويورك تفاصيل وصول الرئيس عرفات إلى نيويورك وتشديد الأمن:
(قد وصل عرفات إلى نيويورك على طائرة خاصة “بوينج – 707” في الساعة السادسة و17 دقيق ، وهبطت في منطقة منعزلة شددت فيها الحراس بمطار كيندي الدولي، وقد سلكت الطائرة مسارا خاصا لدواعي الأمن ، استغرقت رحلتها تسع ساعات ، أي أكثر من الزمن المعتاد الذي تستغرقه الرحلة عادة.
حيث استقبل “ياسر عرفات” في الأمم المتحدة وقاعة الجمعية العامة وفق المراسم التي يستقبل بها رؤساء الدول حين يقدمون إلى الجمعية العامة لإلقاء خطبهم”.
ورصد “الأهرام” استقبال عرفات إلى مبنى الأمم المتحدة وقال:
“اننى آخذ مكاني باسم شعبي”
(وقد استقبل عرفات لدى وصوله إلى مبنى الأمم المتحدة ممثل للدكتور”كورت فالدهايم”السكرتير العام للمنظم الدول وعقب وصوله اتجه أعضاء الوفد الفلسطيني إلى المكاتب المخصصة لهم، وهى 6 غرف تقع بين قاعة مجلس الأمن والقاعة المخصصة لمجلس الوصاية).
(واجتمع عرفات فور صعوده إلى غرفته بالوفد الفلسطيني الذي تكامل وصول أعضائه “32 عضوا” إلى مبنى الأمم المتحدة في حراسة سيارات رجال المباحث الفيدرالية المزودين بالمدافع الرشاشة).
وجاءت تفاصيل الخطاب في “الصفحة الرابعة” من الأهرام تحت عنوان :
• عرفات يطالب بالدولة العلمانية في كل فلسطين وبحق شعبها في إقامة السلطة الوطنية
وورد في نص الخطاب : وقال السيد الرئيس: (انتهز هذه الفرصة لأتقدم لكم باسم الشعب الفلسطيني وقائدة كفاحه الوطني منظمة التحرير الفلسطينية، بأحر التهاني على انتخابكم رئيسا للجمعية العام للدور التاسعة والعشرين للأمم المتحدة).
و بدأ الرئيس عرفات شكر للشعب الفلسطيني، وأهمية القضية الفلسطينية، وان منظمة التحرير الفلسطينية تخوض المعارك المسلحة وتواجه قساوة الإرهاب الصهيوني، فقال في خطابه:(أشكر لكم دعوتكم منظمة التحرير الفلسطينية؛ لتشارك في هذه الدورة من دورات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، وأشكر كل الأعضاء المحترمين في هيئة الأمم المتحدة، الذين أسهموا في تقرير إدراج قضية فلسطين على جدول أعمال هذه الجمعية، وفي إصدار قرار بدعوتنا لعرض قضية فلسطين).
(إنها لمناسبة هامة، أن يعود بحث قضية فلسطين إلى هيئة الأمم المتحدة، وأننا نعتبر هذه الخطوة انتصاراً للمنظمة الدولية، كما هو انتصار لقضية شعبنا؛ ولأن ذلك يشكل مؤشراً جديداً على أن هيئة الأمم اليوم ليست هيئة الأمس؛ ذلك لأن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس).
(فقد أصبحت هيئة الأمم اليوم تمثل 138 دولة، وأصبحت تعكس بصورة نسبية أوضح، إرادة المجموعة الدولية، ومن ثم فقد أصبحت أكثر قدرة على تطبيق ميثاقها ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأكثر قدرة على نصرة قضايا العدل والسلام).
(وهذا ما بدأ يلمسه شعبنا وتلمسه شعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، الأمر الذي أخذ يعلي مكانة هذه المنظمة الدولية في عيون شعبنا وعيون بقية الشعوب، ويزيد من الآمال التي تعلقها شعوب العالم على مساهمة هيئة الأمم المتحدة، في نصرة قضايا السلم والعدل والحرية والاستقلال، وتشييد عالم والاستعمار الجديد والعنصرية بكافة أشكالها، بما فيها الصهيونية).
ورصدت “وكالات الأنباء”
– مظاهرات صهيونية أمام مقر الأمم المتحدة
– إضراب عام في الضفة الغربية
– مساندة لعرفات في الأمم المتحدة
(من القدس في 13 نوفمبر – اجتاحت معظم مدن الضفة الغربية، إضرابات عامة استجابة لدعوة الإضراب العام التي وجهتها الجبهة الوطنية المؤيدة لمنظمة التحرير وذلك تعزيزا لموقف ياسر عرفات في الأمم المتحدة).
وقالت وكالة الأنباء الفرنسي من مدينة نابلس – كبرى مدن الضفة الغربية –
(أن الحياة الاقتصادية والتجارية في المدينة توقفت بالكامل، وأغلقت المدارس، ويبدو أن الإضراب العام سيستمر في مدن الضفة طوال فترة مناقشة القضية الفلسطينية في الجمعية العمومية بالرغم من قيام القوات الإسرائيلية صباح اليوم بالقبض على العديد من الأفراد).
في ختام خطابه وجه ياسر عرفات الكلمة إلى ممثلي دول العالم.
(وقبل أن ينهى عرفات خطابه، وسط عاصف مدوية من التصفيق، قال رئيس منظمة التحرير، لقد جئت إلى هنا بغصن الزيتون في يد، وبالبندقية في اليد الأخرى، فلا لاتسقطوا الغصن الأخضر، وكما أن الحرب تبدأ بفلسطين، فأن فلسطين هي طريق السلام).
أثر خطاب الرئيس “ياسر عرفات” على إسرائيل، وردود أفعال إسرائيل
ورصدت الأهرام في يوم 15 نوفمبر في الصفحة الأولى مانشيت وأحداث التي نتجت بعد خطاب “ياسر عرفات”
* تل أبيب : خطاب عرفات مطالب بتدمير إسرائيل.
* ألون يستدعى كل سفراء الدول المعتمدين فى تل أبيب لعرض موقف حكومته بعد الخطاب
(ساد إسرائيل جو هستيري نتيجة للخطاب الذي ألقاه السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية).
(وجاء أول رد فعل رسمي على الخطاب من اسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل، الذي وصفه بأنه تحدو تهديد لإسرائيل والشعب اليهودي، كما قال كل الذين سجلت إذاعة إسرائيل آراءهم: أن الخطاب مطالبة رسمية بتدمير إسرائيل. وقد استدعى إيجال ألون وزير الخارجية السفراء الأجانب لعرض موقف بعد الخطاب الذي أحدث أصداء واسعة في العالم).
غادر عرفات من نيويورك إلى هافانا، وبقى الوفد الفلسطيني السياسي لمشاركة المناقشات في الجمعية العامة، وكان أبرزها الخطاب الذي ألقاه الرئيس اللبناني سليمان فرنجية باسم الدول العربية.
وحيث بدأت سلسلة اجتماعات لمجموعة الدول غير المنحازة والدول المشتركة والدول الإسلامية، لاستعراض الاقتراحات الخاصة بمشروع القرار الذي سيصدر عن الجمعية العام في ختام مناقشاتها التي ينتظر إن تستمر حتى يوم 26 نوفمبر.
وورد في الأهرام تفاصيل اللجنة واقتراحاتها.
(كما شكلت لجنة من مصر وسوريا ومنظم التحرير الفلسطينية لمتابعة دقيقة للمناقشات لوضع الاقتراح الذي سنتبناه الدول العربية. أساسا لمشروع القرار الذي ينتظر أن يستند إلى 3 نقاط هي :
*حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والاستقلال دون اى تدخل خارجي.
*حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه.
*حق تقرير المصير حول الأرض الفلسطيني.
وخًصص باب “حديث الصور” بالصفحة الأخيرة لنفس اليوم لصور الرئيس ياسر عرفات في الأمم المتحدة تحت عنوان:
*فلسطين وأبو عمار في الأمم المتحدة.!!
Discussion about this post