_____قراءتي في قصيدة(امرأة باكية)
للشاعر الدكتور Hamed Hadji
——————
وتسألني فوزُ عن صورة بالقصيدة أو ما بِهِ قيمَةُ الشعرِ تصفو وتَغْلُو
وكيف نصوغ مشاهد فلمٍ يمُرُّ.. وموهبةٍ بالطُّرُوسِ وهل للبلاغة فَـــضْلُ..؟
أقول لهاالشعرُ.. يا بنتَ قلبي.. كمثل المُسَافِرِ لا بُدّ يَجْمَعُه بالأحبَّةِ شَمْلُ
فزادٌ وألبسة ومناديل حُزْنِ وعطر وبين الحقائب ذكرى وصعبٌ وسَهلُ
————
وتسألني كيف أكتب نصا من الشعر حُلْوَ الشَّمَائِلِ ما له مثلُ؟
أقول لها أنا أرسم أرجوحة في سحيق الكلام تظلّ تغورُ وتعلو
وأنت اركبي الفكر.. طيري مع الكلمات وخلي الضفائرَ تَدْلُو
فإني مَسَكتُكِ جدا فلا ترهبي من سقوط فعندي رَواحُك وصْلُ
——
سأمشي بنهرالحروف إلى باسقات المعاني ويسقُطُ رطبٌ علينا ونخلُ
أظلّ أُقَمِّطُها كالرضيع وأن ليس يرعى الطفولة إلاّ حنونٌ وكهلُ
كأنّ دواتي ومحبرتي لجّةٌ والقصيدة درٌّ وغاص إليها شعور وعقلُ
فهذي القصيدة تأتي بتولا كما أم عيسى.. فنَسْلٌ وَمَا مَسَّهَا قطُّ بَعْلُ
——
وساعة تأتي بك الريحُ ويلهو بأعطافك الحبرُ.. لي فيــك شأن وشغلُ
سأترع في شفتيك رحيق الزهور ليأتيَ سرب المجاز ويَسْرَحَ نَحْلُ
إذا ما تعبتِ وأعياك جري ولهط فبين الجداول لحن يطيب وظلُّ
سيؤويك حضني كأن يَدِي ثديُ مرضعة وصراخُكِ بالحجرِ طفلُ
———
—-حمد حاجي يكتب قصيدة تحاول الغناء—-
أن تكون شاعرا فحتماً سيكون كل شيء مُختلف فحينما تكتب عن الشعر فالأمر أكبر بكثير من مجرد قصيد فالكتابة —عن الشعر شعرا —يعد معجزة ومن يتجرأ ويكتب فهو ذو حظ عظيم
واللغة باركته وباحت له بأسرارها وسلمته مفايتح غيبها ليطوّعها على مزاج شاعريته ويكتب
ويبلغ ويهتك مواطن جمال الشعر
ماذا يجيب الشاعر ( فوز) وهي تسأل عن رفعة الشعر و مقامه بين الأجناس الأدبية؟
السؤال ملحّ ويحتاج جوابا عميقا عمق البلاغة والبديع وكل ما اجتمع من فنية ومشهدية تجعل القصيدة تأتي كاملة مثالية لا نقص فيها ومقنعة
تخترق الوجدان بلا استئذان
فيكون الجواب على قدر جرأة السؤال واستثنائيته
أقول لهاالشعرُ.. يا بنتَ قلبي.. كمثل المُسَافِرِ لا بُدّ يَجْمَعُه بالأحبَّةِ شَمْلُ
فزادٌ وألبسة ومناديل حُزْنِ وعطر وبين الحقائب ذكرى وصعبٌ وسَهلُ
هذا هو الشعر ومن خلاله الشاعر رحّالة وسندباد يجوب أصقاع الأدب بحثا عن اقتناص لحظة شروق نور القصيدة
أوليست القصيدة أنثى والأنثى قصيدة؟
لذا القصائد كما النساء
منها العصية ومنها اللّينة الهينة ومنها البتول ومنها المستحيلة ومنها السهلة الممتنعة ومنها المراوغة ومنها المتمردة، ومنها الثائرة ومنها اللعوب ومنها اللئيمة المخاتلة
ومنها الفاجرة وهكذا…
وأسئلة فوز ليس لها بداية ولا نهاية بل تبدو كحبات المسبحة اصطفافا
وها هي تسأل شاعرها عن طقوس كتابة القصيد عنده فيبسط لسانه بالاعتراف
وتسألني كيف أكتب نصا من الشعر حُلْوَ الشَّمَائِلِ ما له مثلُ؟
أقول لها أنا أرسم أرجوحة في سحيق الكلام تظلّ تغورُ وتعلو
وأنت اركبي الفكر.. طيري مع الكلمات وخلي الضفائرَ تَدْلُو
فإني مَسَكتُكِ جدا فلا ترهبي من سقوط فعندي رَواحُك وصْلُ
فالشعر عنده ينشأ في رحم الاحساس حيث ينمو ويتماسك ولكنه يتربّى في مدارج الفكر
لذا هو روح الجمال وفن الاحاسيس وفلسفة الفكر وبلاغة اللغة
وما الأرجوحة إلا تلاعب الشاعر بالكلمات لتقول على لسانه ما لا يستطيع قوله والتعبيرعنه وتبليغه إلّا الشعر
وبذكاء حسي شفيف يخبرنا الشاعر أن الشعر والشاعر واحد وكلاهما متلبّس بالآخر وان الحديث عن أحدهما لا ينفي وجود الآخر واقصاءه بل يزيد حضوره حضورا وظهورا
ويتمادى الشاعر في استعراض قدرته على ترويض الحروف لتركع له وتأتيه طوعا
ليكيّفها كما شاء لها الشعر
ولعل ابلغ بيت هو هذا
(فهذي القصيدة تأتي بتولا كما أم موسى.. فنَسْلٌ وَمَا مَسَّهَا قطُّ بَعْلُ)
فعلا القصيدة تولد لأب دون أم او لأم دون أب هذا لان القصيد مخلوق أحادي الانتساب
ومع التوغل في أعطاف القصيدة
نرى رؤية العين الشاعر يترع من رحيق الشعر ويدوّن قصيدته التي أنجبها الإلهام وحملتها ربح القريحة
(سأترع في شفتيك رحيق الزهور ليأتيَ سرب المجاز ويَسْرَحَ نَحْلُ)
فهل نحن على صراط الشعر نسير؟
الشاعر صنع من الشعر أرجوحة وأحيا الشعر في أوراقه وأطلق سهام جمال الشعر حتى يذوق الشعراء مذاقه ويدق الشعر متناغما مع الشاعر
وارجوحة الشعر تلتحم بأجنحة الملائكة السماوية
فالشعر هو قفزات فجائية في حقل الجمال العلوي
وها نحن نعيش (الميتاشعر) في اروع تجليات قصيدة (امرأة باكية)
قصيد مذهل (والذهول في حضرة الجمال جمال)
شاعر لا يبعثر كلمات قصيده كما اتّفق بل يصوغها بدراية وخبرة وجمالية عالية ولغة متينة
لها عنفوان وصدى
فنحس بتفرده وتميّزه ولا يمكن للقارئ أن يتكهن سياق قصيده فهو دوما يفاجئه بدهشة تربك توقعاته أوبصفعة جمال ترج وجدانه أو بفكرة تثير فضوله كما( الميتاشعر) أي الحديث عن الشعر بالشعر
شاعر يتعامل مع نصه بوعي الوعي لانّ في قصيده هذا حقّق شرط انكفاء الشعر على ذاته
وهكذا نلاحظ تطابق الذاتية (الشخصية )والشعرية (الإبداعية)
دمت مبدعا دكتور حمد الشاعر
فائزه بنمسعود
Discussion about this post