ظاهرة العرّافين السنوية ..
د.علي أحمد جديد
مع انتظار كل عام جديد باتت استضافات العرّافين المشعوذين على شاشات الفضائيات – كلها وبلا استثناء – أمراً عادياً ومهمّاً لدى الكثيرين ، وصار التنجيم و السحر والشعوذة من أبرز الظواهر الاجتماعية المنتشرة في عدد من المجتمعات ، ولا سيما في المجتمعات العربية ، وهي ظاهرة تعود لأسباب عديدة قد يكون حصار الرغيف و اليأس أكثرها استحكاماً في الوعي وفي اللاوعي على حدٍّ سواء .
ولعل سبب تنامي ظاهرة تعاطي التنجيم واللجوء إلى السحر والشعوذة في المجتمعات ولا سيّما في العالم العربي يمكن تقسيمه إلى قسمين أساسيين وهما :
* – العوامل الاجتماعية .
* – العوامل الشخصية .
وقد تكون هذه العوامل تتعلق بالفرد نفسه الذي يلجأ إلى تلك الأساليب أملاً في حل مشاكله والتي عادة ماتُعدُّ تقليدية في بعض المجتمعات أبرزها المجتمعات العربية التي ما زالت تملك تفكيراً غيبياً و خرافياً .
هذه الخصائص الفردية التي يشعر فيها الانسان بأنه عاجز نوعاً ما عن السيطرة على أموره ولا يملك المقومات التي تمكِّنه من تغيير واقعه والذي من المفترض أن يكون في يده ، فيجرّب الأساليب الأخرى المتاحة ، ومنها التنجيم والشعوذة وغيرها .
كما تلجأ قيادات المجتمعات إلى المنجمين والعرّافيين الذين يجدون فيهم وسيلة رائجة وسهلة للسيطرة القوية وغير المباشرة على الجمهور ، رغم عدم اعتراف جزء كبير منهم بذلك ، وبالتالي تتشكل صعوبة في قيام أبحاث علمية توضح الأمور الخفية ، لأن التحدث عن الموضوع بشجاعة قد يكون حسّاساً للغاية في بعض المجتمعات . والملاحَظ أن أغلب الذين يلجأون إلى السحر و التنجيم هم من الطبقات التي تُعدّ في قائمة المثقفين والمؤثرين كنخبةٍ في مجتمعاتهم ، وليس كما هو متداول بأن الفئة الأقل تعلّماً هي التي تلجأ إلى هذه الأساليب !!.
ولابد أن التركيز في الأبحاث على الفئات العمرية والمجتمعية التي تمارس هذه العادات ، تفسّر كيف أن الانسان محدود التعليم والتفكير هدفه من اللجوء إلى السحر والتنجيم يختلف عن هدف المتعلم والمتمكّن في المجتمع ، والذي قد تكون أهدافه بدافع حب السيطرة ، أو الحفاظ على سلطة معينة ، أو حتى الهروب من مشاكل نفسية خاصة .
ومما لا شك فيه أننا سمعنا ونسمع بأن ملوكاً ورؤساءَ عبر التاريخ وحالياً لجأوا ويلجأون إلى العرّافين .
وإن الآثار الاجتماعية المترتبة على هذه الظاهرة قد تتجلى في تنامي هذه المظاهر في المجتمعات واستخدامها من قبل الأفراد في محاولات حلّ مشاكلهم ، وقد يولي الإنسان محاولة حل مشاكله من خلال لجوئه للخرافات أو لبعض الأمور الغامضة فتصبح بديلة عن الأمور الملموسة والتي من شأنها أن تستدرك علاجاً لأزماته بطريقة علمية وواقعية .
وطالما أن هناك جمهور يتهافت على التنجيم والسحر ، فإن هذه الظاهرة ستبقى تجارة رابحة ، ووسيلة سيطرةٍ مجدية ، ويمكن قياسها بأي منتج يلقى قبولاً في الأسواق .
ومعروف أن هناك أناساً مصابين باليأس يعيشون وسط تخبّط وحصار وصراع ذاتي نتيجة ظروف اجتماعية خانقة ، فيلجأون إلى السحر والشعوذة وغيرها ، كي يحاولوا بشتى الطرق السيطرة على واقعهم أو تغييره والهروب منه .
وعاماً سعيداً ..
وكل عام وأنتم دائماً بخير
Discussion about this post