النصوص دون عنوان يحتار القاريء في ايجاد العتبة او المدخل لقراءتها .
ربما سأقرأها كومضة لسرعة الحركة فيها ، خاصة من خلال الأفعال الواردة بها ، وضع ، رفرف ، اشتد .
أو كقصة قصيرة جدا أتت أحداثها مكثفة و كأن الرقصة موضوع الفكرة الرئيسية لم تُنجز ، ابتلعت القُبلة الأخيرة .
الخصر رمز من رموز جمال المرأة قيل فيه الكثير أدبا و شعرا و فنا ” رسما ” .
يقول الشاعر و يا ليتني كنت أعرفه :
يا ربة الخصر النحيل ترفقي
و استوصي خيرا بالمتيم و اشفقي
لا تتركيني في هواكِ معلقا
لا هجر يبدو او تجودي فنلتقي
شاعر آخر يقول عن الخصر ربما او هو الأكيد أجمل جزء في المرأة
عن الخصر العراقي :
كلش تختلف عن الليالي الراحت
النجمة ذبُلت على الخصر
عافت سماها و طاحت .
و يقول الأخير :
يا حلوة الخصر النحيل
عودكِ كغصن الخيزرن
عهبة النسمة يميل .
و يقول شاعرنا :
وضعتُ يدي حول خصرِها
الصورة واضحة جدا ” حول ” و ليس ” على ” خصرها
فاليد أحاطت بالخصر ليكون القرب أكثر و الإلتحام أكثر فأكثر حتى يصبح الجسدان واحد ، هنا تتسارع الأنفاس و دقات النبض
و من ” حول الخصر ” إلى ” حول العنق ”
و العنق جزء من الرقبة ، و حين توضع حوله اليد لا يكون إلا للقتل إن رافقه الضغط عليه
و الصورة بين خصر و عنق تجدها غريبة ، لا علاقة بينها في رقصة أولى و قُبلة أخيرة
لكن نتقدم قليلا لعل تتضح رؤية الومضة او القصة
يقول الشاعر :
رَفرَفَ جناحُ الحياة
واِشتَدَّت عقدةُ الموت
سطران لا يمكن الفصل بينهما لوجود حرف العطف بينهما فحين يُرفرف جناح الحياة ، فالروح صعدت إلى السماء ، لا يمكن أن يُرفرف جناح الحياة حين تشتد عُقدة الموت
ام رفرفة هذا الجناح كان من الخصر و عقدة الموت وُلدت من إحاطة اليد حول العنق ؟
مفارقة بين حياة و موت تفصلهما برهة من الزمن
بين فعل ” رفرف ” للطيران و الفرح في آن واحد
و فعل ” اشتد ” بمعنى قوى و زاد
و هنا يأتي بمعنى الضغط
حياة تُرفرف و موت يشتد !!!
كانت النتيجة !!!
كانت رقصتي الأولى
وقُبلتي الأخيرة
قفلة مُحيرة فعلا ، شذرة في ستة أسطر ، مقتضبة و موجزة المعاني ، بين يد على خصر تجعلك فعلا تتأهب لترى أجمل رقصة ، و يد اشتدت فيها عقدة الموت لترى صريعا سيتلوى على الأرض ليفارق الحياة و يرفرف جناحها صعودا إلى السماء
وداع الديك المذبوح الذي يرقص على النار ، هذا ما رأيته .
أما ما أراد أن يوصله الشاعر لنا فهو شيء من الفلسفة الوجودية ، مثل هذا النص فعلا يُقرأ من هذه الزاوية ، صراع ناعم بين الحياة و الموت ” غلفه ” في رقصة انتهت حين بدأت و كانت القُبلة الأخيرة
فمن قبل من القاتل أم المقتول …!؟
أم هو العشق حين يبلغ منتهاه ؟
و من العشق ما قتل مقولة طالما ترددت على أذهاننا وقمنا بتردديها العديد من المرات….
منهم جميل بن معمر قتله حبّ بثينة، وكثير قتله حبّ عزة، وعروة قتله حبّ عفراء، ومجنون بن عامر هيَّمته ليلى، وقيس بن ذريح قتلته لبنى، وعبيد الله بن عجلان قتلته هند، والغمر بن ضرار قتلته جمل …
………………………
قد أختم القراءة لهذه الشذرة أو الومضة أو القصة القصيرة جدا و التي اتت فيها الأحداث سريعة و مكثفة الحركة بهذا الهايكو :
مع رقصتي الأولى
و قبلتي الأخيرة
رفرف جناح الحياة
……………..
النص:
وضعتُ يدي حول خصرِها
ووضعتْ كفها حول عنقي؛
رَفرَفَ جناحُ الحياة
واِشتَدَّت عقدةُ الموت
كانت رقصتي الأولى
وقُبلتي الأخيرة
Discussion about this post