في مثل هذا اليوم 24 يناير1953م..
أديب الشيشكلي يعتقل عدداً من المعارضين الذين حضروا مؤتمر حمص في منزل هاشم الأتاسي.
مؤتمر حمص خلت حكومة الشيشكلي من جميع الأحزاب التقليدية التي أجمعت على مقاطعة العهد بقيادة هاشم الأتاسي. دعا الأتاسي إلى اجتماع كبير في داره بحمص في تموز 1953، حضره ممثلون عن الحزب الوطني وحزب الشعب وحزب البعث، تقرر فيه عدم الاعتراف بشرعية حكم الشيشكلي وبضرورة محاربته بكل الطرق القانونية.
اديب الشيشكلى استولى على الحكم في تشرين الثاني 1949، وأسند لنفسه رئاسة الأركان، وجاء في البيان الأول: “ثبت لدى الجيش أنّ رئيس الأركان العامة اللواء سامي الحناوي، وعديله السيد أسعد طلس، وبعض ممتهني السياسة في البلاد، يتآمرون على سلامة الجيش وسلامة البلاد ونظامها الجمهوري مع بعض الجهات الأجنبية”.
كما أعلن الشيشكلي في نفس البيان، أنّه سيحافظ على النظام الجمهوري، ولكنه شارك الرئيس الشرعي هاشم الأتاسي في الحكم، ويبدو أنّ هذه المشاركة لم ترضِ طموحه، ليقوم بالانقلاب على نفسه، في 31 تشرين الثاني لسنة 1951، واعتقل رئيس الحكومة، معروف الدواليبي، وغالبية الوزراء، كما اعتقل رئيس المجلس النيابي، مما دفع الرئيس الأتاسي إلى تقديم استقالته، فعين الشيشكلي فوزي السلو، رئيساً شكلياً للجمهورية.
وجاء في البيان رقم 1، في الثاني من كانون الأول لسنة 1951، “يتولى رئيس الأركان العامة ورئيس المجلس العسكري الأعلى مهام رئاسة الدولة، ويتولّى كافة الصلاحيات الممنوحة للسلطات التنفيذية “.
عمل على تثبيت حكمه العسكري بعد أن اتخذ من فوزي السلو الذي عينه رئيساً للدولة واجهة له، وأصدر المراسيم بحل البرلمان والأحزاب وأغلق الصحف، ونتيجة لهذه الإجراءات تعاظم دور المعارضة، ولذرّ الرماد بالعيون أصدر مرسوماً لتشكيل مجلس للوزراء مهمته إجراء انتخابات برلمانية ليكون هناك تمثيل حقيقي للشعب حسب قوله، مؤكداً أنّ الجيش لن يتدخل في عمل الحكومة، وعليه أسّس حزبه الذي أسماه “حركة التحرر العربي” بزعامته، راكباً موجة الخداع السياسي لخوض الانتخابات، وفاز بـ83 صوتاً “المرشح الوحيد”، ولم تشارك المعارضة في الانتخابات، في 10 آب 1953.
تنامت المعارضة ضد الشيشكلي لتسلّطه ودكتاتوريته وقمعه ومحاربته لكل صوت ينادي بالعودة للحياة الدستورية، وعليه تم تشكيل جبهة شعبية للتصدّي لسياساته من خلال الإضرابات والمظاهرات، وأعلن جبل الدروز العصيان لتقصف مدينة السويداء بالطيران والدبابات، ودمر ثلاثة مدن، فما كان من بعض الوحدات العسكرية التي أرسلها لقمع المدنيين إلا أن تنحاز إلى جانب الأهالي، ووقف جميع الزعماء السياسيين مع أهالي السويداء، فاعتقل الغالبية، وفرض على هاشم الأتاسي الإقامة الجبرية، وطالت موجة الاعتقالات ضباط الجيش، وأعلنت غالبية المدن السورية الإضراب العام، ولم يزدد الشيشكلي إلا تعنتاً مبرراً قصفه للسويداء، أنّه اكتشف وجود مخازن للسلاح جاءت من الأردن والعراق للانقلاب عليه.
أمام حالة عدم الاستقرار وتمادي الشيشكلي في استخدام العنف، قام الرئيس هاشم الأتاسي بدعوة السياسيين لعقد مؤتمراً في منزله بحمص، وأصدروا بياناً طالبو من خلاله الشيشكلي بالسماح للعودة للحياة الدستورية والإفراج عن المعتقلين ووقف الحرب ضد جبل العرب.
وجاء الرد باعتقال كل من وقع على البيان، في 23 كانون الثاني 1953، وكانت هذه الخطوة المتهورة الفصل الأخير في حكمه، فخرجت مظاهرات في عموم سوريا نادت بإسقاطه وأغلقت المدارس والدوائر الحكومية، وقوبلت هذه الاحتجاجات بقسوة من رجالات النظام، الأمر الذي دفع الضابط مصطفى حمدون وزملاءه إلى السيطرة على مبنى الإذاعة والبلدية والاتصالات في حلب، وأذيع بيان دعا فيه الفرق العسكرية الالتحاق بالثورة، وسرعان ما انضمت الوحدات العسكرية في اللاذقية ودير الزور وحمص ودرعا ولم يبقَ مع الشيشكلي سوى الفرق العسكرية في دمشق وريفها، عندها قرّر العقيد تقديم استقالته ومغادرة سوريا في مساء يوم 26 فبراير لسنة 1954 إلى بيروت، حيث بقي بها يوماً واحداً، ثم توجّه إلى الرياض ثم فرنسا فالبرازيل، لينتهي فصلاً مؤلماً عانى منه السوريون الكثير جرّاء طموح وغرور شخصية دكتاتورية أنانية، بالنهاية فضلت الهروب حيث رغد العيش بعد كل الكوارث التي ارتكبتها وتركت البلاد تعاني دون حسيب أو رقيب.
وبعد عشر سنوات، وفي عام 1964، أطلق الشاب الدرزي نواف أبو غزاله النار على الشيشكلي وأرداه قتيلاً، في بلدة سيريس البرازيلية، ومن أهم تصريحاته: (إنّ الطريق من دمشق إلى الخليل سيكون سالكاً أمام الجيش السوري).!!
Discussion about this post