قراءة نقدية:القصيدة ورمزية المكان ومتعة الحدث.
(قصيدة : وجئنا المدينة أنموذجا)
الشاعر :حمد حاجي.
الناقدة: جليلة المازني.
1- أسباب نزول القصيدة:
لعل ما عاشه الشاعر في الأيام الأخيرة من وحدة في المكان(المنزل) بغياب الحبيبة وهو في أشدّ الحاجة اليها بسبب مايعانيه من مرض ومن وحدة جعله يخرج من هذا المكان الذي خنق أنفاسه ليتجه الى مكان يتنفس فيه ويكون منعرجا في حياته سواء في المتخيل او في الواقع.
2- رمزية المكان ومتعة الحدث:
اختار الشاعر او الذات الشاعرة اتجاها نحو مكان له رمزيته وهو المدينة العتيقة ودعمه باماكن اخرى هي موجودة بالمدينة العتيقة وهي الاسواق وسوق (القرانا) ودكانة الخواتم ..
ان ذكر هذه الاماكن الواقعية يضفي واقعية على مشروعه الذي هو قادم عليه اضافة الى وصف المكان الذي عُرف بروائح البخور والمسك كانه منذ دخوله الاسواق يمهد لنا بمناسبة هي مناسبة افراح…انها متعة الحدث .
والشاعر لا يخفي عنا حماسه بل نعيمَهُ بهذه الخطوة التي يخطوها الى سوق (القرانا) حتّى انه شخّصه وخاطبه قائلا :”أسوق (القرانا) بحبّي نعمتَ صباحا؟”
ثمّ يلج مع حبيبته لدكانة بالخواتم وهذا المكان جعله يبوح بما جاء من أجله …
انه خاتم الخطوبة وبالتالي انها خطبة وحبيبة وهنا بهذه المناسبة السعيدة يجعلنا نعيش متعة الحدث وهو في ذلك يضع حدّا لهواجس الصديقات اللاتي يتساءلن عن حبيبته وهو في ذلك يتناصّ مع نزار قباني في قصيدته :
الرفاق حائرون ..يفكرون..يتساءلون في جنون
حبيبتي أنا من تكون؟…من تكون؟
والشاعر هنا يزيد في حيرتهم حين لم يذكر اسم الحبيبة لم يخبرهم عنها
وهو في ذلك يتناصّ مرة اخرى مع نزار قباني حين يقول:
أنا عنك ما كلّمْتهُم لكنهم /// قرؤوك في حبري وفي أوراقي.
انه اكتفي بالمكان الذي سيضفي شرعية على علاقته بحبيبته ومتعة للحدث الذي سيكون خطبة ثم “زواج “.
انها قاست واختارت ما لاح لها أغلى وأجمل والشاعر استعمل صيغة اسم التفضيل في اختيارها لأغلى وأجمل خاتم كناية لانها أغلى وأجمل حبيبة لاحت له من بين النساء.
وهذه المنزلة التي ينزلها لها من نفسه جعله لا يخفي عنا خشيته من ان تُجرح اناملها وهي تقيس الخاتم.فيقول:
أيا صاهر التبر لاتخدش التبر…أخشى.
ع أنملها نتفا وجراحا .
انه اسلوب بليغ بامتياز..ان الشاعر استخدم الكناية حين كنّى عن الحبيبة(الخطيبة) بالتبر وهو الذهب واستخدم التشبيه البليغ بدون أداة تشبيه
لقد كنّى عنها بالتبر وشبّهها بالتبر لغلائها عنده وجمالها والشاعر متّسق مع ما وصف به الخاتم من انه اغلى وأجمل ما لاح لها والشاعر قد عزّز ذلك باستخدام أحد المحسنات البديعية وهو الجناس التامّ(ايا صاهر التبر/لا تخدش التبر) والشاعر استخدم الجناس التام ليجعل خطيبته متجانسة تماما مع التبر غلاء وجمالا .
ان الشاعر اختار رويّا له دلالته وهو حرف الحاء الذي يعبرعن المتعة
كما يعبّر عن الألم .
لقد عبربه عن متعته(ملاحا/صباحا/لاحا) كما عبر به عن ألمه حين خشي أن تُجرح أناملها (جراحا).
خاتمة:ان الشاعر جعلنا نعيش متعة الحدث مع متعة المكان..هنيئا للشاعر سواء كانت متعة الحدث ومتعة المكان في المتخيل او في الواقع.
بتاريخ 04/فيفري/2024.