النص الابداعي: الاستاذ الشاعر :حمد حاجي(تونس)
القراءة النقدية: الباحثة لندا حجازي(لبنان)
القراءة على القراءة:جليلة المازني(تونس)
1- تثمين القراءة النقدية:
كل مجهود بشري جدير بالتثمين:
ان المجهود النقدي الذي بذلته الناقدة لندا حجازي يُثمّن لمواطن القوة التالية:
أ- وضعت الناقدة هدفا لقراءتها النقدية لقصيدة الشاعر حمد حاجي حيث انها حددت نقطتين هامّتين بالقراءة “حول جماليات هذا النص من افق التوقع والبحث في تاريخية الادب وفراغات النص.
وبتحديد هدف معيّن تخرج الناقدة عن المألوف وتبتعد عن رُوتين التحليل الخطي فتضفي بذلك على بحثها جانب الطرافة.
ب- ضربت الناقدة قبل قراءتها النقدية مثلين :
*مثل “عقب أخيل” ويتعلق بالحبيبة.
*مثل “شمشون الجبار” ويتعلق بالحبيب.
ومنهجية ضرب المثل تتناصّ مع النص القرآني بالآية21 من سورة الحشر(وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) والله يضرب للناس الامثال ليتفكّروا فيها فيُنيبوا وينقادوا للحق.
وتتناصّ أيضا مع قصص كليلة ودمنة لعبد الله بن المقفع والزاخرة بالقصص المثلية فكل قصة أمّ تحيل الى الحكاية المثلية(يقول دبشليم “اضرب لي مثل…فيجيب الفيلسوف بيدبا”زعمواانّ…”
قال دبشليم ملك الهند :اضرب لي مثل الرجلين المتحابين يقطع بينهما الكذوب ويحملهما على العداوة”.
لقد تأسست على الحكاية المثلية استراتيجية الاقناع بحيث يسعى ابن المقفع من خلال الحكاية المثلية الى احداث تغيير في الموقف الفكري.
والناقدة تسعى من خلال ضرب المثل الى الاقناع واحداث تغيير في الموقف الفكري.
ج- رد الاعتبار للقارئ وفق منهج التأويل ونظرية التلقي
وهنا أطلقت الناقدة العنان أمام التأويل لكسر التوقع امام جبروت الذئب.لقد بحثت الناقدة في تاريخية الادب عن تيمة الذئب التي يمكن للقارئ استحضارها وهو يقرا في القصيدة”فصّل حديثك…أني تعشقت ذئبة.”
تبحث الناقدة في تاريخية الادب عن تيمة الذئب(الذئبة المنقذة للتوامين/ذئب يوسف/ ذئب المعري/ذئب الشنفرى/ ذب الفرزدق…)
ان الناقدة مشكورة وسّعت على القارئ باب التأويل
2- القراءة النقدية على القراءة النقدية :
أ – الحكاية المثلية:
رغم القيمة الحجاجية والاقناعية للقصة المثلية التي صدرت بهما الناقدة لندا حجازي القراءة النقدية الا ان ضرب المثل هنا بدا مسقطا على القراءة لان الناقدة لم توظف القصتين المثليتين في درج قراءتها النقدية فبدا ضرب المثل بذلك مجانيا
ب- رد الاعتبار للقارئ وفق نظرية التلقي والتأويل:
*** لقد استهلكت الناقدة استحضار المتلقي لتيمة الذئب في تاريخية الادب جانبا من الادب خاص بالقارئ النموذجي والمخصوص باستحضار ذئب الشنفرى وذئب المعري وذئب الفرزدق و…)
وهنا أتساءل أين نصيب المتلقي العادي من تيمة الذئب في مخزونه الثقافي؟
خاصة وان أدب هذه الرباعيات(الشذرات) ان لم يكن في خدمة القارئ العادي الذي ليس له نفَسٌ طويل لقراءة المطوّل في الشعر فلن يكون للشذرى فضل ازاء ضغوطات الحياة .
وبالتالي كان من الممكن للناقدة ان تجعل القارئ يستحضر تيمة الذئب بما هو في متناوله(النموذجي والعادي) بالرجوع الى قصص كليلة ودمنة والتي تزخر بالعديد من نماذج لشخصية الذئب وقصص كليلة ودمنة هي في مخزون القارئ منذ مرحلة الدراسة الابتدائية الى المرحلة الثانوية والى التعليم العالى فالطفل والتلميذ والطالب قد تشبّع بها وبالتالي تبقى راسخة في ذهنه كهلا وشيخا يستحضرها متى احتاجها.
من الحكايات المضمنة في قصص كليلة ودمنة وتحكي عن نماذج من شخصية الذئب نذكر منها :
– حكاية الثعلب المكار والذئب.
-الذئب ووتر القوس.
-الذئب والحمل.
– قصة الاسد والثعلب والذئب والحمار.
– رأس اللقلق في فم الذئب .
– راس الذئب المقطوع.
والقائمة تطول وكل قصة تروي صفة ونموذجا مختلفا لشخصية الذئب.
***الامثال الشعبية
وهي حاضرة في ذاكرتنا الشعبية و يمكن للمتلقي ان يستحضرها بسهولة حول الذئب من ذلك :
– “قلبه كقلب ذئب” فيمكن ان يصحّ هذا المثل على الحبيبة (مثل صيني).
– “كن ذئبا حتى لا تأكلك الذئاب” فقد ينصح المتلقي الحبيب “المغفّل” بهذا المثل ليكون طرفا في المعادلة:ذئبة يقابلها ذئب.
– “لا تسلّم الذئبة حفاظ الغنم” والمعنى مجازي هنا.
***الذئب في الواقع :
يمكن للقارئ ان يستحضر الذئب الهجين والذئب الهجين هو الذي يولد من تزاوج الكلب من أنثى الذئب ويطلق عليه اسم “عسبور” ونحن نعرف مدى خوف الذئب من الكلب هذا الخوف من الكلب لانه يعتدي على أنثاه.
وبالتالي ألا يمكن ان تكون الحبيبة بالقصيدة ذئبة هجينة وقد يستحضرها القارئ بسهولة لانه عليم بهذه الحالة في الواقع ومدى العداوة بين الذئب و الكلب .
ألا يمكن ان تجمع ذئبة الشاعر حمد حاجي بين وفاء الكلب وخبث الذئب لتكون ذات شخصية معتدلة وبذلك قد نكون أجبنا عن السؤال الذي طرحته الناقدة وختمت به قراءتها النقديية .
شكرا للناقدة وللمبدع لأنهما أتاحا لي متعة القراءة على القراءة.
بتاريخ22/02/2024