قراءة نقدية القصيدة ومتعة الجنوح في الحب للشاعر دحمد حاجي بقلم الناقدة جليلة المازني

قراءة نقدية:”القصيدة ومتعة الجنوح في الحبّ
القصيدة:”الجانحان وفي عينيهما زوابع”
الشاعر :حمد حاجي.
الناقدة: جليلة المازني.
اختار الشاعر عنوان قصيدته “الجانحان وفي عينيهما زوابع”
العنوان محكوم بثنائية الرغبة والرهبة الرغبة في الاستمتاع بالحب والرهبة من الجنوح.
يقال في الحب:لا تكن دائما مؤدبا فما أجمل الحب مع قليل من الانحراف
جنوحنا للحب يجعلنا احيانا ضعفاء والضعف مشكلة “جميلة” في الحب
الجنوح نحو الحب في قلق الابداع ليس ترفا ولا نظرة هامشية الى الحياة بل هو وسيلة خلاص من هذه الوحشية ومن الحروب الصغيرة والكبيرة الدائرة في كل الاتجاهات..
الموسيقى ستعيد زمن الحب والتمرد والحرية المتجرئة على السائد.
فالشاعر يبشر بالحب لحماية الروح من كل هذ الوحشية.
الحدث الجانح من المنظور السيكولوجي هو ذاك الشخص الذي يرتكب فعلا يخالفه انماط السلوك المتفق عليها.
الحدث الجانح من وجهة نظر علماء الاجتماع هو ذاك الشخص الذي يقوم بالافعال الاجتماعية وينظر اليها على انها منحرفة او غير اجتماعية بناء على المعايير الاجتماعية والقانونية السائدة ويشترط ان تكون مكتسبة اجتماعيا.
هذا الخوف قد عبر عنه الشاعر باختيار اطار مكاني رمزي للحبيبين وهو الرصافة والجسر حيث يلتقي الحبيبان وقد يفترقان فيه.انه مكان اللقاء والفراق.
الرصافة هو احد قسمي مدينة بغداد قديما يقع على الجانب الشرقي لنهر دجلة ويقابله على الجانب الغربي القسم الثاني “حي الكرخ” ويربط بينهما جسر ولعل القارئ يستحضر ما ذكره الشاعر علي ابن الجهم من الرصافة والجسر حين قال:
عيون المها بين الرصافة والجسر//جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
كما دعم الشاعر هذا الخوف بتلك اللوحة التي تجعل الحبيبة ممزقة بين حيرتها (اليد على خدها) وحزنها بنواح العود.
لقد شبّه الخوف في عينيهما كالهاربين من الحرب ومن ويلاتها واكثر فهما شبيهان في الوهنات والزفرات .ومن ثمّ يبرّر هذا الجنوح في الحب
ان الحبيب كان جريئا حين طرق بابها وهي امّ لطفلة وهي تتردّد للقائه بل انه يعتبراهمالها للقائه وتعلقه بها من المسلّمات التي نعترف بها في العلاقة بين الحبيبين.
هذا ما جعله يتغزّل بجمالها رغم نواح العود الذي بيدها .
انها ازدواجية الحزن والعشق اوما عبرنا عنه من خلال العنوان بثنائية الرغبة والرهبة.
ان الشاعر حتى يزيح عنها هذه الرهبة وهذا الحزن أباح اليها بحبّه
أقول: أحبّك جدّا
كاني لهوت باوتار عود :اني الزوابع صيفا..
فتقفز من غصنها كالثمار قد اثاقلت ورقا
ان بوح الحبيب بحبه لها جعل الحبيبة تستجيب له بسرعة وكانها تنتظر هذا الجنوح في الحب لتجاوز كل الصعوبات في الحياة. ولعل هذا ما يبرّر عنوان اللوحة ب:”بعد”
انها تراقصه وكانها بذلك تبوح له بحبها .
ان طريقة البوح بالحب مختلفة فالحبيب أباح لها قولا والحبيبة أباحت له فعلا وفضل الفعل على القول مكرمة .
انهما منتشيان بالحب ولكن النور يفضحهما فهما يخشيان عين الرقيب.
هل ان ممارسة الحب في الظلام هي مزيد من الاثارة ام من الخداع؟
ان الابحاث تشير الى ان ممارسة الحبّ في الظلام يضيف للعلاقة الجنسية بعض الغموض كما ان عدم استخدام حاسة الابصار يزيد من قوّة باقي الحواس.
يختم الشاعرقصيدته بعشقه للعاشقيْن مهما كانت حالة العشق صدقا ام كذبا فالاهمّ عنده ان يعيش لحظة العشق نشوة ومتعة ويقبض عليها حتى لا تضيع منه…انه العاشق الجانح والمستبدّ.
بتاريخ27/02/2024