“عيد الكذب” ..
د.علي أحمد جديد
من عبقرية الأديب السوري محمد الماغوط :
“للكذب عيده الكبير ، وكأس الكذب للحكومات بجدارة” .
فقد بتنا نعيش وسط مجتمع أغلب عناصره الكذب ، فالغيوم تكذب على الأرض ولا تمطر ، والفتاة تكذب على الشب ولها علاقاتها غير المحدودة ، والزوج يكذب على زوجته بوفائه لها ، والتاجر يكذب على المستهلك ، والبطاقة الذكية تكذب على المواطن بأنها ستحقق له عدالة التوزيع بينما القائمون عليها يستغبونه و يتغابون إذا أخبرهم أحد بأن حقيقة وجود البطاقة الذكية هو لتنشيط السوق السوداء او السوق الحرة أو اي اسم يطلقونه عليها ، وهكذا يكون مسلسل الكذب لا نهاية له كالمسلسلات المحلية و المكسيكية أو التركية وحتى الهندية التي باتت تأخذ مكانتها اليوم !.
ولابد من تذكر مبدأ (غوبلز) وزير الدعاية الألماني في حكومة (هتلر) النازية الذي يقول :
“اكذب .. اكذب .. اكذب حتى يصدقك الناس ، بل حتى تصدق نفسك ”
وكذلك كان (أشعب) الشهير في جشعه حين صار يروج للكذبة التي تقول :
“إن وليمة كبرى سيقيمها اليوم فلان الفلاني” ..
وبعد وقت قصير قال بينه وبين نفسه :
– ماذا لو كانت هناك وليمة فعلاً؟ وهرول إلى كذبته عن الوليمة الوهمية التي اخترعها بنفسه وصدقها .
وإذا كان الأديب (محمد الماغوط) في مسرحيته الشهيرة “غربة” قد أوجد “عيداً للكذب” وقابله مع “عيد الفضائح” أي “عيد الصدق” لأن الصدق يفضح الناس ، فإن الأدب والفن برعا في تصوير الكذب والكذابين ، لأن (وديع الصافي) أيضاً كان يغني :
“حلوة وكذابة.. يا أغلى حبابي.. والأكذب منك حضرة جنابي” ..
أما عبد الحليم حافظ فقد غنى لفاتن حمامة :
“حلو وكذاب ليه صدقتك” ..
والفنان السوري (فهد كعيكاتي) المعروف بشخصيته الشعبية “أبو فهمي” فقد برع وهو يؤدي مونولوجه المعروف :
“كذاب كذاب والله العظيم كذاب”
وهنا لابد من الإشارة إلى حكمتين اثنتين عن الكذب ، الأولى :
“لا يكذب من يثق بنفسه ، ولا يخون من يعتز بشرفه” ..
والثانية :
“عندما يضطر الكذاب إلى قول الصدق فإنه يمرض”!.
ولذلك ندعو اليوم في شهر البركة والعبادات (رمضان المبارك) أن يبعد اللـه المرض عن الكاذبين والكاذبات ، وأن يساعدهم على المزيد من الغش والخداع والكذب بجميع ألوانه ، مادامت هناك “كذبة بيضاء” ، وأخرى سوداء ، وثالثة زهرية ، ورابعة بكل الألوان !!..
وفي مسرحية (غربة) واستعراضها في “عيد الكذب” ، يمكننا الإعلان نيابة عن كل كاذب في الوطن لأكبر مسابقة وطنية عن الكذب يحصل في نهايتها الفائز على كأس الكذب الذهب !!..
ترى من سيحصل على الكأس؟.