___قراءتي في قصيد(لوحة خيانة)
أو ما أطلقت عليه(توبة مخاتلة)
للشاعر الدكتورHamed Hadji
—————
نص القصيد
وقررتُ منذ الصباح، التُّقَى والرجوع إلى أقوم السُّبُلِ
أتوبُ وأرجع للبيت أنزع ثوب الشقاوة والتيه والخَبَلِ
وعوّلتُ أسقي منابتها بالصبابة وأطفئ نار الكآبة بالغَزَلِ
وددتُ أرى الورد يزهر في الشرفات ويعبق بالنوء والهَطَلِ..
وسُقْتُ وفودَ الركائبِ حائرةً: توبتين على الخد والدمعَ بالمُقَلِ
وبانت سعاد بأعتاب غرفتها تشتَمُّ بعض ثيابي وتختال في حُلَلِ
رمته من الحضن واستقبلتني بزغرودة.. رجّت الأفق بالهلل
ومالت تقبلني مثلما غصن تفاحة أثقلته الثمار فعاد إلى المَيَلِ
خزيتُ شقاوة نفسي وظني وطيشي فلا شيء يشفع لي
وقررتُ أحظر بالفايس لبنى وهند وليلى وكل الضفادع والجُعَلِ
وفكّرتُ أُبْقي حلا عند بوابة القلب والروح.. مهلا إلى أجَلِ
وحدثتُ سعدى: سأبقي حلاَ، وافقت بالنهاية.. لله درُّكَ من رجُلِ…!
———
الشعر مرآة الذات البشرية وهو الرفيق الذي تهرع إليه وتبثّه شجونها فيكون خير معبر وخير ناقل للاعتمالاتها
فهو الرسول الأمين
وهذا القصيد مراوغ ومخاتل إذ صوّر لنا توبة شاعر عن العشق…شاعر أظهر التوبةوأبطن العصيان والتمادي في حب حلا ،كلفه ذلك ما كلفه لانه يحبها جدا والمتعارف عليه أن مايستحق الحياة
والتأبيد هو الحب الاول لانه المختلف المتوهج المثير المسكون بالمجاز كما أنه هو الرحـم التي تحمل وتنجب كل القصائد حيث ترى النور
وهذا يتكشّف في هذه(القصيدة)
والشاعر الذي يعتزل الحب هو شاعر حكم على شعره بالإعدام
والشعر بعيد عن الحب يولد ميتا لا روح فيه…
فهل يتوب الشعراء؟
هل تقبل توبة الشعراء
الذين يقولون ما لا يفعلون
ويفعلون ما يضمرون ؟
هذا شاعر تاب على الملإ وأعلن ذلك،
وقرر العودة إلى قفص سعدى صاغرا
وهو يسعى حثيثا إلى مد جسور الود
وإحياء ما من ورد سعدى ذبل
ومعا يتعاطيان الودّ وكاسات الهوى
بكل شوق على مهل
هو قرر إسقاط كل الأسماء من
دفتر الشعر والغزل
وبكل شقاوة ساوم سعدى على الإبقاء
على(حلا) هذه التي تيمته وجعلته
يكتب لها تحت كل الأسماء
آه لو تدري سعدى ان كل الأسماء
هي اسماء مستعارة ومضللة والقصد في كل قصائده هي (حلا)هذه الحبيبة التي في وجدان الشاعر متعددة الأطياف ومتعددة الأسماء
لو تدري انه احتال عليها وراضاه وسايرها للاحتفاظ بـ(حلا)
عشق عمره التي كانت وما زالت هي الاولى والأخيرة وهي النافلة والفرض
وهي الوطن والراية والأرض
لو علمت سعدى كيد الشعراء
لما وافقت على ابقاء(حلا)
أيا سعدى أين حدس الانثى وأين الذكاء والدهاء؟
والحب أعمى
ويكون العمى محيطا ومطبقا
إذا كان المعشوق من صنف الشعراء
سلام عليك يا سعدى كم انت طيبة
بين النساء
وسلام على حلا التي عرفت كيف
توقع في حبها أعتى الشعراء
ابن الحاجي سيد البلغاء…
ومساكين أهل الهوى
وكم أرثي لحال اللاتي انطلت عليهن حيلة (الأسماء)…
وتسابقن وكل واحدة لسانها حالها يردد(أنا المقصودة أنا)
أقف قليلا عند مقولة(الحب أعمى)
التى ذكرتها سابقا
لأقول انها مجرد مقولة متداولة
والحب ليس أعمى وما كان يوما أعمى أبدا لأنه شعور وأحاسيس قدسية تستحق منا الترحيب وحسن الاستقبال وفتح باب القلب على مصراعيه لان الحب هواء منعش يعدل النبض ويرفّع كمية الأكسجين ويحدث التوازن النفسي
الحب ليس أعمى
الحب سعادة وإسعاد
قد تكون الرغبات الآنية عمياء
وحب اللحظة أعمى لكن الحب الحقيقي مبصر ويملك بوصلة دقيقة الاتجاهات
الحب هدية يتبادلاها قلبان
حيث يهمس كل واحد للآخر(أن شاطرني الخير الذي فيَّ)
وقد يكون هناك من هو أفضل مني لك
وقد يكون هناك من هو أفضل منك لي على هذه الأرض وليس هذا المهم
المهم أن القلب اختار ونحن اتخذنا القرار ،وهذا القرار هو الأرضية الخصبة التي نزرع فيها أحاسيسنا فينمو الحب
وندخل الحياة وننتصر…
فكيف يكون الحب أعمى أو كفيفا؟
وهو القائد الأعلى لقوى الخير فينا
وهو عين الجمال فينا وبفضل (الحب في المطلق) ما جفت ينابيع الحياة
والحب يعطي الحياة ويمد في العمر
حيث ان من يستمتع بلحظات الحب يطول عمره عشر سنوات وهذا يعود لزيادة افرازات بعض الهرمونات المسؤولة عن الاحتفاظ بحيوية الشباب وهذا حسب ما أكده الدكتور الفرنسي فريديرك سالدمان في كتابه(الحياة والزمن)
كما أثبته علم النفس فالانسان (امرأة او رجل)الذي يعيش قصة حب حقيقي بكل جوارحه تنخفض عنده فرص الإصابة بأمراض القلب مثلا،
بالإضافة إلى التمتع بالصحة النفسية
والتوازن والاعتدال في المواقف والسلوكيات
والعلاقة متينة بين الحب وطول العمر
والمحبون عادة يعيشون حياة أطول.
والأكاديمي الأسترالي مارك كوهين يقول (وجود الحب في حياة المرء يزيد من فرص عيشه حياة أطول)
علما أنه يجب أن يكون مفهومنا للحب أوسع وأشمل من كونه حبا رومانسيا لان الحب يتسع ليشمل الهوايات والاهتمامات وكل نشاط تنقطع فيه علاقتنا بالزمن هو (حب)
وبكل بساطة يكون الانسان في حالة حب عندما يقوم بنشاط وينغمس فيه وينسى نفسه (الكتابة مثلا هي حالة حب عند الكاتب شاعرا كان او قاصّا..)
فائزه بنمسعود