فى مثل هذا اليوم13ابريل1909م..
وحدات من الجيش العثماني المؤيدة لجمعية الاتحاد والترقي تقود عصيانًا ضد السلطان عبد الحميد الثاني انتهى بخلعه في 27 أبريل.
عبد الحميد الثاني السلطان العثماني الـ34، ولد عام 1842 في إسطنبول، وتولى الحكم في الـ34 من عمره خلفا لعمه السلطان عبد العزيز عام 1876، في فترة كانت تعد فيها الدولة العثمانية بأضعف حالاتها، مما جعلها مطمعا مغريا للاستعمار الأوروبي، لذا تكالب عليه أعداؤه من كل الجهات، فتعرض للعديد من محاولات الاغتيال حتى عزله البرلمان إلى سالونيك عام 1909 بعد بقائه في الحكم 33 عاما، ثم توفي في إسطنبول عام 1918.
ولد عبد الحميد بن عبد المجيد الأول في 22 سبتمبر/أيلول 1842 (16 شعبان 1258هـ) في قصر “جرغان” الذي يطل على بحر مرمرة في منطقة مضيق البوسفور من الجهة الأوروبية في إسطنبول.
عرف عبد الحميد منذ طفولته بالانطواء، ويعزى ذلك إلى وفاة أمه السلطانة تيرمجكان بمرض السل، وكان يبلغ وقتها 10 سنوات، فحزن حزنا شديدا وقرر الانطواء على نفسه، لدرجة أن والده السلطان عبد المجيد لقبه بـ”الطفل المنطوي”.
وبقي هكذا حتى تولت زوجة أبيه الثانية بيرستو قاضن تربيته، وكانت رقيقة محبة للخير وعرفت بوقارها وتدينها وصوتها الهادئ، وقد كانت عاقرا، فعاملته مثل ابنها وتعلقت به وأحبته وأحسنت تربيته وأفاضت عليه من حنانها، حتى إنها أوصت بميراثها له، فتعلّق بها عبد الحميد وتأثر بصنيعها، حتى بانت ملامح شخصيتها فيه.
توفي والد عبد الحميد عام 1861 وقد كان وقتئذ في الـ18 من عمره، فتولى عمه عبد العزيز الأول الحكم بعد والده، ولما توفي عمه خلفه أخوه الأكبر مراد الخامس، لكنه لم يدم طويلا في الحكم، فقد أبعده الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) بعد 3 أشهر بدعوى الجنون، فتولى عبد الحميد حكم الدولة عام 1876.
Omran Abdullah – السلطان عبد الحميد الثاني – سكة حديد الحجاز والجامعة الإسلامية ومواجهة الصهيونية.. مشروعات السلطان عبد الحميد وأحلامه التي تبددت
عرف السلطان عبد الحميد منذ طفولته بالانطواء ويعزى ذلك إلى وفاة أمه السلطانة تيرمجكان وهو في سن العاشرة (الجزيرة)
ملامح من شخصيته
كان عبد الحميد صاحب ذاكرة قوية، ويحب تعلم اللغات، فمنذ أن كان صغيرا تعلم الشركسية والألبانية لأنهما كانتا متداولتين داخل القصر، وعرف بشخصيته قليلة الكلام، وكان جيد الاستماع لغيره حتى لأعدائه، يحترم محدثيه ولو كانوا صغارا، ويستقبل أي آت وهو واقف.
كانت من هواياته الجري وركوب الخيل والمبارزة بالسيف، وأهمها النجارة التي كانت رفيقته بعد عزله وحتى وفاته، كما عرف بحبه للمطالعة والقراءة، ولازمته هذه الهواية حتى وفاته، وجرت عليه الكثير من النقد بدعوى أنه كان يترك مشاغل الحكم من أجل القراءة.
ورث عن زوجة أبيه ميراثا ضخما، استثمره في تربية الأغنام وبيعها، والتجارة عموما، فلم يكن مدينا لغيره على عكس باقي أمراء القصر وقتها، ومما تفرّد به أنه كان يلازم القصر ليلا، ولا يسهر كباقي الأمراء، مما ساهم في تقوية علاقاته الأسرية، وكان يدير أمور أسرته بنفسه، فينظم رحلاتها ويطمئن عليها يوميا في الصباح.
الدراسة والتكوين
تلقى السلطان عبد الحميد تعليما منتظما على أيدي نخبة من العلماء في قصر السلطنة، وتعلم وقتها العربية والفارسية، ودرس الأدب والتاريخ، ثم تعمق في التصوف، وبدأ في نظم عدد من الأشعار باللغة التركية العثمانية، وتم تدريبه على استخدام السيف وإصابة الهدف بالمسدس، كما درس الموسيقى والعلوم العسكرية والسياسية.
كان عبد الحميد متمرسا على السياسة بسبب التربية التي تلقاها في عهد والده عبد المجيد الأول، ثم عمه عبد العزيز الأول، الذي شاركه في عدد من أسفاره، وزاد من ذلك اهتمامه الكبير بالسياسة العالمية منذ شبابه.
ورغم أنه لم يكن الوريث الأول للحكم، استطاع أن يقف في وجه الصدر الأعظم مدحت باشا (كان متحكما بسير الحكم) انطلاقا من خلفيته السياسية.
التجربة السياسية
وضع البلاد قبل توليه
تولى عبد الحميد الحكم في فترة حرجة للدولة العثمانية، فقد عزل الصدر الأعظم أخاه بدعوى الجنون، وتوفي عمه في ظروف غامضة بعد أن وجد مضرجا بدمائه، ولا يعرف حتى الآن هل كان انتحارا، أم جريمة قتل مدبرة، وهي ما مال له السلطان عبد الحميد، فخلفت تلك الأوضاع في نفسه خوفا وقلقا طوال حكمه.
كانت الدولة العثمانية في أضعف حالاتها تعاني من التفكك ومن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، حتى سميت “تركة الرجل المريض”، فالدولة أفلست بسبب الديون الخارجية، حيث أعلن السلطان عبد العزيز إفلاسها عام 1875 في مرسوم “شهر محرم السنوي”، تليها ظهور حركات التمرد في البلقان.
أما المشهد الأوروبي في تلك الفترة فكان متغيرا ومتجها نحو التنوير والعلم، وتطورت حركات الفلسفة والفكر إبان الثورة الفرنسية ونمت التيارات القومية، وكانت عيون أوروبا الطامعة متجهة نحو أراضي الإمبراطورية التركية ذات الثروات الهائلة.
الدولة العثمانية
تولى عبد الحميد الحكم في فترة حرجة للدولة العثمانية فقد كانت مدينة لأوروبا بمبالغ طائلة (مواقع التواصل الاجتماعي)
وكانت نخبة الطبقة المثقفة المتأثرة بالغرب وقتها هي المسيطرة على إدارة البلاد والإعلام، والتي تمثلت بأعضاء المحافل الماسونية منهم الصدر الأعظم مدحت وأبرز الإعلاميين مثل نامق كمتا وضياء باشا، وكان معظمهم من محفل “سر” (التابع لمحفل فرنسا الماسوني) الذي أنشئ من قبل الأرمن عام 1861 في إسطنبول.
كان الماسونيون يعادون السلطان عبد الحميد، فخططوا لعملية انقلاب لإنهاء الحكم العثماني، وتحويله للنظام النيابي، ولم يعجبهم أن يكون الحكم بيد الدولة وخاصة بيد سلطانها، فطالبوا بتشكيل البرلمان أسوة بأوروبا، أما بالنسبة للسلطان فالحكم النيابي لم يكن مناسبا للبلاد في تلك الفترة.
وتناقش عبد الحميد (قبل توليه الحكم) مع الصدر الأعظم ونائبه في اجتماع تمهيدي حول هذا الموضوع، فاشترط على عبد الحميد أن يقبل “القانون الأساسي” (عد أول دستور قانوني للدولة العثمانية) قبل أن يتولى الحكم، بعدها أعلن مدحت باشا الدستور وشكل مجلسا على الطراز الأوروبي.
أعلن حكم الدستور في شهر يناير/كانون الثاني 1876، وشكل مجلس المبعوثان (النواب) وافتتحه السلطان عبد الحميد بنفسه.
طوارئ بداية الحكم
منذ أن تولى عبد الحميد الحكم، بدأت مطالب أوروبا في تحسين رعايا الدولة من النصارى، فأحال السلطان الطلب إلى “مجلس المبعوثان” (البرلمان)، لكنه رد على المطالب بالرفض، فقد اعتبرها تدخلا في سياسات الدولة الداخلية، واعتبرت روسيا الرد ذريعة لإعلان الحرب، فاحتلت بلغاريا (جنوب شرق أوروبا) حتى أدرنة (شمال غرب تركيا)، الأمر الذي شجع الصرب المعادين للدولة بالتمرد أيضا.
على إثر ذلك أعلن عبد الحميد حل المجلس إلى أجل غير مسمى وقرر معالجة الأزمة تحت سلطته، فأخذ الغرب تلك الأوضاع مادة دسمة لتشويه سمعته واتهامه بـ”الطغيان والاستبداد”، وتشجيع معارضيه على التمرد، فرد عبد الحميد على هذه الحملة بتشكيل جهاز أمن سري (وكالة استخبارات).
وخلال العقد الأول من حكمه كانت معظم أراضي البلقان قد خرجت من يد الدولة العثمانية وتوزعت بين النمسا وروسيا، وما إن انتهت الحرب الروسية العثمانية حتى بدأت دول أوروبا تدرس وتخطط طامعة في نفوذ الدولة العثمانية، فاحتلت فرنسا تونس، واحتلت بريطانيا مصر.
جهود إسقاط السلطان عبد الحميد
أوروبا وأطماع المنطقة العربية
حاولت بريطانيا تحريض الأكراد على الدولة العثمانية أملا في انفصالهم، وزاد اهتمام بريطانيا بالمنطقة بعد إنشاء شركة الهند البريطانية، فأرسلت إنجلترا مندوبين عنها لتوحيد العشائر الكردية ضد العثمانيين، ووصل الأمر للسلطان عبر مخابراته التي أنشأها فقام بالفور بإعداد خطة مضادة.
قام السلطان بدعم الأكراد عسكريا حماية لهم من هجمات الأرمن، ثم أرسل لهم بعضا من علماء المسلمين للنصح والإرشاد وبيان أهمية التوحيد تحت راية الإسلام، مما غير من توجههم، وزاد من ارتباطهم بالدولة العثمانية.
أما في اليمن فأرسل فرقة عسكرية قوامها 8 آلاف جندي من أجل محاربة النفوذ البريطاني فيها، وقاد هذه الفرقة نخبة من قادته دلت على اهتمامه في هذه المنطقة تحديدا لإعادتها تحت حكم الدولة العثمانية، خاصة وأن خطة سكة الحديد التي أرادها من المفترض أن تمتد من الحجاز إلى اليمن.
وكانت إيطاليا وقتها تحلم بضم شمال أفريقيا بالكامل، لكن فرنسا احتلت تونس واستعمرت بريطانيا مصر، فحولت أنظارها إلى ليبيا وأعدت خطة تبدأ بدخول البلاد سلميا عبر إنشاء المدارس والبنوك وغيرها من المؤسسات الخيرية التي تشعب نفوذها، ثم بدأت بالحصول على الاعتراف الدولي للاستيلاء عليها، وأخيرا الاحتلال الفعلي ومحاربة نفوذ الدولة العثمانية فيها.
أرسل السلطان عبد الحميد 15 ألف جندي بعدما جاءته الأخبار عن التحركات الإيطالية، وعزز الوضع العسكري فيها، وتابع الأوضاع شخصيا عبر سفيره في روما، فاضطر الإيطاليون لتأجيل خطة الاحتلال، التي أتموها بعد انتهاء حكم عبد الحميد وتولي جمعية الاتحاد والترقي للحكم.
السلطان والماسونيون
منذ تولي السلطان عبد الحميد دفة الحكم والماسونيون يخططون لإسقاطه، خاصة بعدما واجههم نافيا الصدر الأعظم مدحت باشا (عضو بارز في المحفل الماسوني)، ولعب محفلا ريزورتا المقدوني وفريتاس الموجودان في سالونيك باليونان الدور الأبرز في الإطاحة بحكم السلطان، علما أن رؤوس الاتحاد والترقي البارزة كانت أعضاء في المحافل الماسونية هذه.
يقول السلطان في مذكراته عن الماسونيين “إنجلترا كانت دائبة على تسيير الفتن عن طريق الماسونية”، ويضيف أن الماسونية فكر علماني يخالف تكوين الدولة الإسلامية، حيث تقوم على “تعيين ولاة من الأقلية في ولايات الأغلبية فيها مسلمون”.
تركيا الفتاة و”مؤتمر العثمانيين الأحرار”
تعد جمعية “تركيا الفتاة” العلمانية إحدى أبرز أعداء السلطان عبد الحميد، وإحدى أهم من عمل على إسقاط الدولة العثمانية، وواصلت هذه الجمعية نشر أهدافها وحركتها في أوروبا، وبدأ أعضاؤها يطلقون شعارات الحرية والعدالة والمساواة.
عرفت تركيا الفتاة كمؤسسة عام 1889 وكان أفرادها يعملون بالسر، وأعلنوا أسماءهم لأول مرة عام 1895، وأعلن عن عقد مؤتمر لهم تحت اسم “مؤتمر العثمانيين الأحرار” في باريس عام 1902، وذلك من أجل جمع شملهم، وأرسلت دعوات إلى جميع قوى المعارضة لتجتمع تحت سقف تركيا الفتاة، وكان الرابط الذي جمعهم معارضة السلطان عبد الحميد فقط.
صورة محفوظة في المكتبة البريطانية من البرلمان العثماني في عهد التنظيمات عام 1877م، ويكي كومنز
صورة محفوظة في المكتبة البريطانية للبرلمان العثماني عام 1877 (مواقع التواصل الاجتماعي)
طلبة الشبيبة العثمانيون
تطور التعليم في عهد السلطان تطورا كبيرا، فأنشأ المدارس الملكية والمالية والتجارية والتعليم العالي والحقوق والبحرية ومدارس البنات المهنية، ومدارس لرعاية المعاقين ووضع حجر الأساس لدار الفنون الجامعة، لكن هذه المدارس كانت سببا في سقوطه.
إ
على إثر هذه الثورة في مجال التعليم، ودخول الترجمة بدأ يظهر جيل جديد متأثر بالثقافة الغربية وخاصة أفكار الثورة الفرنسية، وكان متبنوها من خريجي الجامعات ويتحدثون لغات عدة وعلى رأسها الفرنسية، وأنشأ هؤلاء الطلبة -الذين أطلق عليهم “الشبيبة العثمانيون”- حركة أطلقوا عليها “حرب الاستقلال” وأسسوا للجمهورية التركية، وكانت نشاطات التحديث بمثابة الجسر الذي عبر من خلاله هؤلاء وأطاحوا بالسلطان فيما بعد.
جمعية الاتحاد والترقي
اتجه السلطان في علاقته مع الألمان لتطوير جيشه بسبب الزيادة الكبيرة للجيش الأوروبي عموما واحتياجه للمساعدة في تطوير وتحديث جيش بلاده، لكنه عانى من التنظيمات الثورية داخل صفوف الجيش، فقرر إنشاء قوات حماية من ضباط موالين له، لكن هذا لم يمنع طلابا من المدرسة الحربية والطبية من التحرك.
كان هؤلاء الطلبة يقرؤون مؤلفات لـ”الشبيبة العثمانيين” كونت لديهم فكرا معارضا، وشكلوا اجتماعا للشباب من أصول ألبانية وأذرية وأعلنوا تشكيل “جمعية الاتحاد والترقي”، التي كان من أهدافها القضاء على “الحكم المستبد والعودة للعصور الذهبية للإمبراطورية العثمانية”، خاصة بعد إيقاف السلطان عبد الحميد العمل بالدستور.
وظهرت الجمعية بعد استثمار الدول الأوروبية وتغذيتها لعقول طلبة المدارس الحربية العسكرية بالفكر الغربي داخل المحافل الماسونية، وبالتزامن مع الذكرى المئوية للثورة الفرنسية شكلت الجمعية في باريس عام 1889، من أجل عزل عبد الحميد وتطبيق الحكم العلماني على الطريقة الفرنسية.
في ذلك الوقت كان البرلمان مغلقا ومجلس الأعيان مفتوحا ظاهريا، وكانت هناك رقابة على الصحافة، وكل هذه الأمور قد أثرت سلبا على الذين درسوا العلوم الغربية وانفتحوا على العالم، فكانوا يرون النظام مستبدا ولا بد من الإطاحة به.
لم يستطع أنصار الاتحاد والترقي القيام بأي أنشطة وهرب معظمهم إلى باريس، حتى قرروا عقد اجتماع هناك أسموه “مؤتمر الأحرار العثمانيين”.
تشعبت فروع الجمعية داخل الدولة العثمانية، وانضم لها كثير من الضباط الشباب ذوي الرتب الصغيرة خاصة في منطقة البلقان، فتحالفت الجمعية مع ثوار البلقان، وبدأ الاتحاديون يتعاونون مع فصائل من البلغار واليونانيين بهدف إسقاط النظام وقتها.
نقلت الجمعية نشاطاتها إلى البلقان، وتحديدا إلى مقدونيا لتصبح بعيدة عن أعين القصر، ولم تعد حصرا على الشباب الضباط، بل ضمت إلى صفوفها قادة عسكريين أيضا، مما زاد من تشعبها داخل الجيش.
أصبحت البلقان مركزا لقوى المعارضة بفضل نشاطات الضباط المعارضين، ولم يكن بوسع السلطان التدخل في مقدونيا بسبب الإدارة الدولية (قوة عسكرية تشبه قوات حفظ السلام) وكانت مقدونيا تتولى إدارة البلقان رسميا.
تيودور هيرتزل حاول إقناع السلطان عبد الحميد ببيع أراض من فلسطين لليهود (مواقع التواصل الاجتماعي)
وفي عام 1906 تشكلت للجمعية قوة مسلحة بدأت تنتظم في مدن مثل سالونيك في اليونان وتستميل ضباط الجيش الأتراك، وكانت جمعية الاتحاد والترقي تتحرك بهدف دعائي سابقا، لكنها دخلت مجال التسلح ونفذت هجمات مسلحة فيما بعد.
وكان للسفارات الغربية أثر كبير في أعضاء الاتحاد والترقي، فقد شارك عملاء هذه السفارات في مؤتمراتهم واجتماعاتهم، وحرضوهم مع أعضاء تركيا الفتاة للخروج للشارع ضد السلطان، في الوقت الذي كانت تعاني فيه الدولة من الانقسامات والضعف.
كان السلطان مطّلعا على مخططات أوروبا عبر جهاز المخابرات الذي أنشأه، فحاول استمالة المعارضين إلى طرفه، فمنح بعضهم مناصب ولاحق بعضهم وضغط على آخرين، لكن المعارضين كانوا مستفيدين من الدعم السخي من أوروبا أكثر، ومما زاد الوضع سوءا انشقاق الجيش الثالث في سالونيك، وانضمام أنور باشا ومصطفى كمال أتاتورك (أول رئيس لتركيا الحديثة) للمعارضة.
بعث السلطان بعض الباشاوات من أجل تهدئة الأوضاع، لكن الاتحاديين قتلوهم على الفور، فقرر في يوليو/تموز 1908 استئناف تطبيق الدستور وعمل البرلمان، ليتولى الاتحاد والترقي الحكم ويعلن تطبيق مبادئ الثورة الفرنسية.
السلطان واليهود.. فلسطين الخط الأحمر
كان اليهود مضطهدين في تلك الفترة بأوروبا وروسيا، وكانت أوروبا تبحث عن أي طريقة لإلقاء حملهم عنها، فبدأت فكرة إقامة وطن قومي لليهود، وتبناها قائد الحركة الصهيونية تيودور هرتزل الذي وجه أنظار اليهود نحو فلسطين، وحاول التوسط عند السلطان عن طريق عدد من الأفراد المقربين له مثل إمبراطور ألمانيا لكونه الحليف الأوروبي الوحيد للدولة، لكنه لم يفلح، ولم يجد ثغرة تمكنه من إقناع السلطان.
قرر اليهود إغراء السلطان بالمال مقابل إسكان اليهود في فلسطين، ولم تتوقف عروضهم السخية بالمال والوساطة لدى أوروبا، رغم إصرار السلطان على رفضها، علما أن الدولة العثمانية كانت تعاني من مشاكل مالية واقتصادية متعددة، إحداها أنها كانت مدينة لدول أوروبية فرضت وجود بعثة مالية للإشراف على أوضاع الدولة الاقتصادية ضمانا لديونها، لكن السطان عبد الحميد رد عليهم قائلا “لا أبيع ولو شبرا منها.. فهذا الوطن ليس لي إنما لشعب”.
في 28 يونيو/حزيران 1890 كان رد السلطان عبد الحميد على المحاولات اليهودية أن أصدر أمرا “بعدم قبول الصهاينة في الممالك الشاهانية (الأراضي العثمانية)، وإعادتهم إلى الأماكن التي جاؤوا منها”.
وبعد أن باءت جميع المحاولات الصهيونية لشراء فلسطين من الدولة العثمانية بالفشل، قرر اليهود دعم جماعات الأرمن ماليا لمحاولة التخلص من السلطان عن طريق التخطيط لعملية اغتيال داخل أراضي الدولة العثمانية وخارجها في سويسرا، لكنها فشلت أيضا.
الآثار الإسلامية في القدس.. العثمانيون كانوا هنا
الآثار الإسلامية في القدس.. العثمانيون كانوا هنا (مواقع التواصل الاجتماعي)
وبعد تضييق السلطان عليهم قرر هيرتزل إعلان النوايا الصهيونية في مؤتمر بازل الأول بسويسرا عام 1897، لكن السلطان عبد الحميد رد بمزيد من التضييق والمنع.
يقول السلطان عبد الحميد في رسالته إلى محمود أبو الشامات، شيخه الشاذلي قبل وفاته بفترة “إن هؤلاء الاتحاديين أصروا علي أن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة فلسطين، ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف، وقد وعدوا بتقديم 150 مليون ليرة إنجليزية ذهبا، فرفضت بصورة قطعية أيضا وأجبتهم بهذا الجواب القطعي الآتي: إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا، فضلا عن 150 مليون ليرة إنجليزية ذهبا فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي”.
وأضاف في رسالته “لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على 30 سنة، فلم أسوّد صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين، لهذا لن أقبل بتكليفكم بوجه قطعي أيضا. وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي، وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى سالونيك فقبلت بهذا التكليف الأخير”.
ثورة مارس/آذار 1909
أعلنت النمسا سيطرتها على البوسنة والهرسك في أكتوبر/تشرين الأول 1908، وبشكل شبه متزامن أعلنت بلغاريا استقلالها التام والتحق الجزء الباقي من اليونان بمن سبقه إلى الثورة، وكان القصر في تلك الفترة يعاني من اضطرابات بسبب الاتحاديين وجمعية تركيا الفتاة.
عمد بعض الضباط وشباب بعض المنظمات السياسية إلى التظاهر والمطالبة بالإصلاحات في عاصمة الدولة العثمانية، لكن الأحداث تطورت بداية عام 1909 لتصبح عصيانا شاملا تخللته أعمال عنف دموية أججها دخول قسم من الجيش المنشق على الخط واقتحامه لإسطنبول.
وقعت تلك الأحداث في 31 مارس/آذار عام 1909، وقام طلاب المدارس وبعض الوحدات العسكرية بثورة تحت اسم لواء “الاتحاد المحمدي” للمطالبة بعودة أحكام الشريعة، لكنها أخمدت من قبل جيش حركة الاتحاد والترقي (سمي جيش الحركة) القادم من سالونيك، وكان يشاع وقتها أن هدف الجيش الأساسي الذي كان تحت قيادة محمود شوكت باشا هو “نجدة السلطان”، وقد دخل جيش الحركة إلى إسطنبول في 25 أبريل/ نيسان وسيطر عليها.
رفض وقتها السلطان مقترح التصدي للجيش المنشق القادم من سالونيك باتجاه إسنطبول قائلا “بصفتي خليفة للمسلمين، لن أسمح بالإيقاع بين المسلمين”.
دعا محمود شوكت باشا مجلسي النواب والأعيان لمجلس مشترك سُمي بالمجلس الوطني المشترك، واستصدروا فتوى بخلع السلطان متعللين بدعمه الثورة التي خرجت مطالبة بإعادة الأحكام الشرعية، وأعلن البرلمان بقيادة سعيد باشا في 27 أبريل/نيسان 1909 إنهاء حكم عبد الحميد الثاني.
عزل السلطان عبد الحميد
عندما قدم وفد البرلمان (الذي أحياه السلطان) لإبلاغه بقرار عزله كان عبد الحميد جالسا على مكتبه مشغولا بكتبه، فاقتربوا منه قائلين “لقد عزلتك الأمة” فرد عليهم “تقصد أنهم خلعوني”، ثم قال لهم عبارته الشهيرة “أنا خليفة المسلمين وسلطانهم، وإن كان يجب أن يخلعني أحد فهم المسلمون، أما أحدكم فيهودي، والآخر فأرمني وثالثكم ناكر للجميل”.
وقد كان الوفد الذي أتاه في 27 أبريل/نيسان 1909 فيه اليهودي إيمانويل قراصو والأرمني آرام أفندي والألباني أسد توبيتاني والعثماني عارف حكمت وسعد الأرناؤوطي، الذين قرروا نفي السلطان وأسرته إلى منطقة سالونيك معقل الماسونية العثمانية واليهود اليونانيين.
blogs – الماسونية 2
المحافل الماسونية خططت لإسقاط السلطان عبد الحميد منذ توليه الحكم (رويترز)
وحين خلعوه إجبارا وتهديدا بقتل شعبه، قال “عملتُ 33 عاما من أجل دولتي وشعبي.. الله سيحاسبني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو من يحق له أن يحاكمني، سلَّمتُ هذه المملكة كما استلمتها، ولم أبِع شبرا من الأرض، وماذا أفعل إذا كان أعدائي قد أرادوا تشويه كل خدماتي، وقد نجحوا في ذلك”.
مكث عبد الحميد بضع سنوات مشتغلا بحرفة النجارة التي كان يتقنها إلى جانب الحدادة، لكن وصول القوات اليونانية المتمردة إلى سالونيك أدى إلى نقل السلطان بعد 3 سنوات إلى قصر بكلربكي بإسطنبول إثر اندلاع حرب البلقان الأولى (الحرب العثمانية البلقانية) في نوفمبر/تشرين الثاني 1912.
فكره السياسي
الحكم
يرى السلطان عبد الحميد أن الحكم لا يقوم إلا بالعدل وليس القوة، ويقول “العدل أساس المشروعية، والمشروعية مسند الحاكمية والقوة مؤيدة للمشروعية، والحاكمية مضطرة للاعتماد على العدل، فإذا نهض أحد للحكم بلا عدل واستخدم القوة بلا مشروعية، فلا بد له أن ينهار”.
أما في طريقة إدارة هذا الحكم، فيقول السلطان إن على الحاكم ألا يقف أمام رغبات الأمة، ولو كانت خطأ، فبرأيه “طالما تريد هي ذلك فالوقوف أمام التيار لا ينتج عنه إلا الضرر”، وأكد أنه لم يكن يستطيع الوقوف أمام رغبة الأمة في حكمها لنفسها فقرر أن يترك لها ما تريد.
الحرب
ويرى السلطان عبد الحميد أن الحرب “أكبر آفة للأمم”، معللا سبب عدم خوضه حربا عند انهيار الدولة، فبرأيه حتى المنتصرون “يمحون أممهم ويرهقونها”، وكان يرى أن بلاده في وضع لا يسمح لها بدخول حرب، ويجب عليه ألا يندفع دفاعا عن “الحاكمية اللفظية بمقابل ضياع الحاكمية الحقيقية”.
واتبع هذه الإستراتيجية أيضا عندما سيطر البلغار على مدينة فيلبه (شمال منطقة الرومالي الشرقية) واحتلال فرنسا لتونس واحتلال إنجلترا لمصر، وقال “لو كنت اندفعت للمقاومة في تونس، لربما تسببت بضياع سوريا، ولو وقفت بعناد في مصر لكنت فقدت بلا شك فلسطين والعراق”.
التطور الغربي
يقول السلطان عبد الحميد إنه لم يكن ضد تطبيق العلوم والصناعات والتطبيقات الغربية، إنما كان يرغب بدخولها البلاد بالتدريج، ويشترط الحاجة لهذه الصنعة عند دخولها، على أن تدخل بترو وهدوء واعتدال، وكان يعتقد أنه “لا يمكن أن يكتب النجاح لما دخل علينا إذا كان على شكل تطعيم من الخارج”.
محاولات الاغتيال
حادثة جراغان
في عام 1877 عاد علي سعاوي (أحد معارضي حكم السلطان عبد العزيز عم السلطان عبد الحميد) من منفاه في أوروبا إلى إسطنبول بعد عفو من السلطان عبد الحميد، وتولى بعض المناصب في الدولة، وحاول التقرب من السلطان، ونجح في ذلك، لكن بعض سلوكياته تسببت بإعفائه من أعماله الرسمية، ليقرر معاداة السلطان.
قرر سعاوي الهجوم على قصر جرغان حيث يقيم السلطان المخلوع مراد الخامس، من أجل إخراجه من القصر وتنصيبه بديلا لعبد الحميد، واستفاد من اهتمام أوروبا بالمؤامرة لكون مراد عضوا فعالا في الدوائر الماسونية الأوروبية.
في 18 مايو/أيار 1878 استطاع سعاوي الهجوم على قصر جراغان مع مجموعة مسلحة من 200 رجل من المهاجرين والوصول إلى جناح السلطان مراد الخامس، لكن حرس القصر تمكن من إيقافهم، فقتل سعاوي ومعه 20 رجلا، وأحبطت المؤامرة.
بعد هذه الحادثة حل مجلس النواب، وأحكم السلطان قبضته على الدولة، وأسس جهاز “يلدز” للاستخبارات، معللا ذلك بأنه للحفاظ على الدولة وحمايتها، بينما رآه المعارضون استبدادا، واستمر المجلس كمؤسسة، ولم يستطع أحد اتهامه بالخروج عن القانون، إنما ثاروا عليه باعتبارهم إياه مستبدا.
مؤامرة جمعية كلانتي الماسونية
بعد شهرين من فشل المؤامرة الأولى، قررت جمعية “كلانتي سكالييري” (جمعية كلانتي وعزيز بك الماسونية السرية) عمل مؤامرة شبيهة بمحاولة سعاوي، فقد كانت حريصة على تعقب أخبار السلطان مراد خوفا عليه من القتل أو الإصابة بأي ضرر.
وهدفت المؤامرة لإخراج السلطان مراد من قصره وإخفائه في قصر عزيز بك ثم تنصيبه سلطانا مكان السلطان عبد الحميد بعد تهيئة أنصار الجمعية لإعلان ذلك، ثم اغتيال عبد الحميد، لكنها عدلت عن الجزء الثاني.
حاولت الجمعية تنشيط عملها في الدعاية ضد السلطان عبد الحميد قبل تنفيذ مؤامرتها عن طريق نشر الملصقات في الشوارع، مستعينة بنساء يعملن داخل قصر جيراغان.
اختار “الأستاذ الأعظم” (لمحفل برودوس الماسوني) كلانتي أن يقوم بمؤامرته في اليوم الذي قام فيه السلطان عبد الحميد بعزل الصدر الأعظم أدهم باشا (من الشخصيات المهمة التي اعتمد عليها الماسونيون) لكن أحد أعضاء الجمعية أبلغ السلطات المسؤولة، مما أحبط مؤامرتها بعد القبض على أعضائها وهم في اجتماع.
blogs الأرمن
المشاكل ببين السلطان والأرمن شكلت مادة ساخنة للإعلام الغربي الذي نعته بـ”السلطان الأحمر” (مواقع التواصل الاجتماعي)
مؤامرة الأرمن
تعرض السلطان عبد الحميد لمحاولة اغتيال ثالثة عن طريق قنبلة موقوتة في الخامس من يوليو/تموز 1905 من قبل بعض الأرمن المتمردين، حيث قرروا تفجيرها عقب خروجه من جامع يلدز بعد صلاة الجمعة، لكن القنبلة انفجرت قبل وصول السلطان، فلم يصب بأذى لكنها حولت ساحة الجامع لبركة من الدماء وتسببت بمقتل 27 شخصا، وجرح 58.
وعرف فيما بعد أن سفارة أجنبية تعاونت مع معارضي السلطان، فقد خرجت عربة من السفارة حاملة قنبلة تزن 80 كيلوغراما يقودها بعض الأرمن، ثم أوقفوها بجانب عربة السلطان وأشعلوا فتيل القنبلة، لكن عبد الحميد تأخر وهو يتحدث مع جمال الدين أفندي.
أبرز الإنجازات
حاول السلطان عبد الحميد اتخاذ اللغة العربية لغة رسمية للدولة لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، لكن آماله قوبلت بالرفض من سعيد باشا كبير أمناء القصر الذي قال “إذا عرّبنا الدولة فلن يبقى (للعنصر التركي) شيء بعد ذلك”.
واهتم السلطان بالعرب العثمانيين حيث أنشأ “مدرسة العشائر العربية” من أجل تعليم وإعداد أولاد العشائر العربية، وهي مدرسة داخلية يدرس فيها الطالب 5 أعوام، تتكفل الدولة العثمانية بكل مصاريف الطلاب، ولكل طالب “إجازة صلة الرحم” وهي إجازة مرة كل سنتين، وسفر الطالب فيها على نفقة الدولة.
BLOGS سكة حديد الحجاز
سكة الحجاز من الأحلام التي أراد السلطان تطبيقها لتوحيد الأقاليم العثمانية والاستغناء عن أوروبا (مواقع التواصل الاجتماعي)
الجامعة الإسلامية
ظهرت فكرة الجامعة الإسلامية في عهد السلطان عبد الحميد، حيث كان يرغب بتوحيد الأمة وربطها مع بعضها البعض من الصين إلى الهند حتى وسط أفريقيا، في وقت كانت الروابط ضعيفة بين المناطق الإسلامية.
وكان يهدف عبر فكرة الجامعة إلى مواجهة توغل الفكر الأوروبي وإيقاف التمدد الاستعماري بإنشاء وحدة إسلامية تشكل سدا أمامهما، وأخيرا كان يطمح لإثبات أن المسلمين يستطيعون أن يكونوا قوة سياسية عالمية عن طريق إعادة مجد الدولة العثمانية، فحاول الاستعانة بالصحف للدعاية من أجل مشروع الجامعة.
كان من أهم معالم الجامعة الإسلامية تطوير التعليم والاستعانة بالعلماء المسلمين (خاصة المتصوفة منهم) والسياسيين من مختلف جنسيات العالم الإسلامي، وإرسال الدعاة إلى مختلف أرجاء العالم للدعوة والالتقاء بالشعوب الإسلامية ونقل أخبارها إليه، مع نشر العلوم الإسلامية عبر مراكز الدراسات الإسلامية وطباعة الكتب الكافية من أجل ذلك.
دعم كثير من العلماء والدعاة فكرة الجامعة الإسلامية، منهم جمال الدين الأفغاني ومصطفى كامل من مصر وأبو الهدى الصيادي ورشيد رضا من سوريا وعبد الرشيد إبراهيم من سيبيريا، بالإضافة إلى شيوخ الحركة السنوسية في ليبيا.
سكة الحجاز.. حلم السلطان القديم
كانت سكة حديد الحجاز إحدى الخطط التي عمل السلطان على تطبيقها لتحقيق فكرة الجامعة الإسلامية، عن طريق ربط الأقاليم العثمانية بشكل أكبر بإسطنبول، وتوفير الحماية لها، وأيضا تسهيلا لحركة الحجاج الذي كانوا يتوجهون من إسطنبول إلى مكة عبر قوافل، في رحلة مرهقة تستغرق 40 يوما، تتخللها اعتداءات وسرقات كثيرة.!!
قُدرت التكلفة الإجمالية لمشروع “سكة حديد الحجاز” بـ4 ملايين ليرة عثمانية، لكن الدولة لم تستطع توفير المبلغ، فتم جمع الأموال بالتبرعات، بداية من السلطان نفسه، مرورا بالأسرة الحاكمة ورجال الدولة البارزين، وحتى عموم المواطنين، وبلغت تكلفته النهائية 3.5 ملايين ليرة.
تربط السكة إسطنبول بمكة المكرمة والمدينة المنورة واليمن عبر دمشق، مرورا بحيفا، وبدأ المشروع انطلاقا من دمشق عام 1900، وتم افتتاحها بحفل عام 1908، وبلغ طول الخط 1464 كيلومترا.
انطلقت الرحلة الأولى في 27 أغسطس/آب 1908، تضمن المشروع تنفيذ 2666 جسرا ومنفذا مائيا، و7 جسور حديدية، و96 محطة، و7 أحواض، و37 خزان ماء، ومستشفيين و3 ورش، واستغرقت قرابة 4 أيام.
الوفاة
بقي عبد الحميد في قصر بيلار بايي، وزاد وضعه الصحي سوءا بعد إصابته بإنفلونزا شديدة، حتى توفي من مضاعفات المرض في فبراير/شباط 1918 عن عمر يناهز 76 عاما، أي قبل 9 أشهر من انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد دفن في مقبرة السلطان محمود الثاني بمراسم جنازة سلطانية.!!!