قراءة لقصيدة (حلم) للشاعرة التونسية (منيرة الحاج يوسف) بقلم الأستاذة (سعيدة بركاتي) بعنوان ( جمالية الصورة الشعرية في قصيدة حلم)
#القراءة
عن الأحلام …
قال الشاعر قيس بن ذريح:
وَإِنّي لَأَهوى النَومَ في غَيرِ حينِهِ / لَعَلَّ لِقاءً في المَنامِ يَكونُ
تُحَدِّثُني الأَحلامُ إِنّي أَراكُمُ / فَيا لَيتَ أَحلامَ المَنامِ يَقينُ
تقول منيرة المبدعة :
غفا خفري
تلوت المعوذتين
تمنيت أن ينام الوقت
على سرير أحلامنا
من عاداتنا الحسنة قبل النوم نتلو الإخلاص و المعوذتين و آية الكرسي حتى نكون في ذمة الله و لا يمسسنا شيئ من عمل الشيطان .
جئت بخاتمة النص، و عادة ما أتناول النص من أوله حتى خاتمته، لكن النص استفزني حين نشرتهِ أيتها المبدعة فقد كانت القفلة رائعة جداً.
غفتِ الحراس” خفري “، أي حراس تقصد الشاعرة؟ ألا يمكن ان يكونوا الملائكة ( ملائكة اليمين و الشمال ) ، او ألا يمكن أن يكونوا عينا الشاعرة، و خفري يمكن ان تكون مفردة و يمكن أن تكون جمعا، هنا أراها عيون حاسدة فلولاها لما تلت الشاعرة المعوذتين ، فهي تُلاحقها …
الأمنية المبطنة ” ان ينام الوقت ” ، يتوقف الزمن و عقارب ساعته على ” سرير الأحلام ” فنعود معا إلى أول النص .
تأرجحت جدائلي
رقصت…ظفائري
صورة شعرية رائعة جدا ، بين الجدائل و الظفائر ، و كلاهما واحد، رمزية الجمال في الشعر النسوي، و الشَعْرُ أحد مكونات جمال المرأة، و الجديلة جمال المرأة العربية .
يقول شاعر أردني ؛ زياد السعودي :
أرْخي الضَّفائرَ عَلّ الشّعْرَ يُلْهِمُني
شِعْراً يُكَفكِفُ دمعَ الحرفِ في وَرَقي
في شعرِكِ الليلُ قد أرخى عباءتهُ
فانثالَ فوق الهوى مسترسلَ النسقِ
يقول نزار في خاتمة قصيدة رائعة عن بغداد :
فالمجد .. يا أميرتي الجميله..
يا من بعينها، غفا طيران أخضران
يظل للضفائر الطويله..
والكلمة الجميله..
و حين تتأرجح الجدائل و الظفائر تراها تُصبح ستارا ..
و عادة ما يرتبط لون الليل و سواده بلون شعر المرأة، و بين الليل و الظفائر و الحلم في آخر النص علاقة متينة، فحين يرخي الليل سدوله و ترخي المرأة جدائلها تحلو الأحلام على ” سرير الزمن ” .
فتضيف الشاعرة :
زغردت شراييني
تدلت عناقيد الشوق
هو احتفال او استقبال غائب، فالشرايين ” زغردت ” ، الفعل آني أي ما سبقه كان انتظارا مملا فعناقيد الشوق تدلت ، و الصورة بدأت تتضح …
و الشرايين زغردت أي نشطت الدورة الدموية في الجسد، فكانه كان نائما .
و زدادت الصورة وضوحا حين باحت الشاعرة :
تستقبل شفاه اللقاء
حلو سكر اللهفة
وعسل الاشتياق
:::::
الشوق / اللهفة / الإشتياق
و كان اللقاء ، قُبلا طعم رضابها سكر و عسل..
لو حزمنا المقطعين لعدنا إلى عنوان النص و خاتمته، فكأن المقطعين هما الحلم الذي تمنته الشاعرة ان يتحقق : جدائل تأرجحت … إلى
تأملت حمرة خدي
في عينيك…
فكانت الصورة التي حلمت بها الشاعرة و كانت على استحياء، تحمر الخدود من شدة الخجل و لهفة اللقاء، و نعود إلى الصورة التي هيأت لها حالها بعد الإنتظار فكانت عيناه مرآة زادت من جمالها حين احمرت الوجنتان ، فتلت المعوذتين .
………………………
الرسم بالحرف كمن يرسم بالريشة ، تتحرك الألوان و يصبح الجمال شخوصا نص جاء مدججا بالألوان :
الجدائل لونها عادة يكون أسود و هو جامع لكل الألوان
الشرايين و ما تحتويه من دم لونه أحمر قاني
السكر لونه أبيض، لون الصفاء و السلام
العسل و كم تغنى الشعراء بهذا اللون في العيون و البشرة!
حمرة الخدين و لونهما الورد الطفولي .
يتضح جليا ان النص احتوى على عناصر الجمال فكانت فيه الصورة الشعرية منتقاة مفرداتها أجادت الشاعرة اختيارها بمهارة وحس عال…
كانت عميقة في شكل اشارات مختصرة تجعل المتلقي يسبح بمخيلته أين شاء ، فالنص فعلا جميل بأحاسيسه و مفرداته التي تعدت حدود البلاغة إلى جمال الصورة الشعرية .
دمتِ متألقة المبدعة منيرة العزيزة، و دام مداد حرفك الراقي.
قراءة متواضعة بقلمي البسيط لنص الشاعرة المبدعة منيرة الحاج يوسف /جربة / تونس
سعيدة بركاتي ✍️/ تونس
قصيدة (حلم)
للشاعرة التونسية: منيرة الحاج يوسف
تأرجحت جدائلي
رقصت…ظفائري
زغردت شراييني
تدلت عناقيد الشوق
تستقبل شفاه اللقاء
حلو سكر اللهفة
وعسل الاشتياق
تأملت حمرة خدي
في عينيك…
غفا خفري
تلوت المعوذتين
تمنيت أن ينام الوقت
على سرير أحلامنا