في مثل هذا اليوم 24 مايو1946م..
إخراج إمارة شرق الأردن من الانتداب البريطاني على فلسطين، وتأسيس الجيش الأردني بقيادة جون جلوب باشا.
إمارة شرق الأردن هي كيان سياسي ذو حكم ذاتي كان قائمًا ضمن منطقة فلسطين الانتدابية رسميًا منذ 1921 ولغاية تاريخ إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 1946. وشملت معظم الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن، ومنه أخذت هذه التسمية.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى سعت كل من فرنسا وبريطانيا إلى تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو الموقّعة بينهما عام 1916 والقاضية باقتسام الهلال الخصيب بينهما، على أن تشمل السيطرة الفرنسية منطقة الدولة السورية الحالية ولبنان وجزءا من العراق، والسيطرة البريطانية مجمل المناطق العراقية وفلسطين وشرق الأردن، فيما سمي بعد ذلك بالانتداب.
وكانت جيوش الدولتين قد دخلت بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب إلى بعض هذه المناطق. كما كان التواجد البريطاني مقبولا إلى حد ما، في الأوساط الشعبية كنتيجة للوعود البريطانية المعقودة للحسين بن علي بالمساعدة على استقلال سوريا موحدة، بناء على مطالب المؤتمر السوري.
وكان الحكم الفيصلي قد بدأ يضع قواعده في دمشق. ولكن الجيوش الفرنسية دخلت دمشق بعد معركة ميسلون ووضعت حدا لهذا الحكم لتقيم سلطتها الانتدابية تنفيذا لاتفاقية سايكس – بيكو. وانتشرت في الأوساط الشعبية فكرة بأن الجيوش الفرنسية قد تتابع زحفها إلى شرقي الأردن لتضمها إلى منطقة نفوذها تعويضا عن الجزء العراقي الذي لم تمكنها بريطانيا من السيطرة عليه (بحسب تقسيمات سايكس – بيكو الأولى). وعمَّ الخوف في شرقي الأردن من الاحتلال الفرنسي خصوصا وأن الإدارة البريطانية قد وعدت الأهالي بإدارة محلية منفصلة عن فلسطين (وغير مشمولة بوعد بلفور)، كما وعدتهم بعدم تجنيدهم في الجيش وبعدم نزع السلاح منهم، وبإمكانية تنصيب أحد أبناء الشريف الحُسين بن علي حاكماً على المنطقة.
وفي 2 سبتمبر 1920 اجتمع رؤساء القبائل في أم قيس مع أحد الضباط البريطانيين وقدّموا له مذكرة خطية بما يطالبون بريطانيا به. وأجابهم المسؤول البريطاني خطيا. ومن أهم مطالبهم:
إقامة حكومة وطنيّة تضم لوائي الكرك والسلط وقضائي جرش وعجلون (مجمل أراضي المملكة حاليا) وحوران وقضاء القنيطرة، وقبول الانتداب البريطاني على هذه الدولة.
أن يرأس هذه الحكومة أمير عربي وأن لا تكون لها علاقة بحكومة فلسطين البريطانية وأن تمنع الهجرة اليهودية إلى أراضيها ويمنع بيع أراضيها لليهود.
أن يكون لها جيش وطني تدعمه بريطانيا بالسلاح، وتمنع الفرنسيين من احتلال أراضيها. وأن تحافظ هذه الدولة على إيواء جميع السياسيين السوريين اللاجئين اليها.
وأن يكون لها تمثيل خارجي كامل كدولة مستقلة.
وعلى إثر ذلك تألَّفت في شرق الأردن حكومات محلية استعانت بمستشارين بريطانيين.
وكانت المقاومة الشعبية للاحتلال الفرنسي في مناطق تواجده قد بلغت أوجها. وكتب عدد من المواطنين إلى الشريف الحُسين بن علي يطلبون إليه إيفاد أحد أنجاله لمتابعة المقاومة استمرارا لقناعتهم بخُطى الثورة العربية الكبرى. وأخبر الشريف حُسين الجنرال البريطاني إدموند ألنبي بهذه الرسائل. واستقر رأيه على إرسال نجله الأمير عبد الله ليترأّس المقاومة، وأوعز إليه بالتوجه إلى مدينة معان. ووصل الأمير عبد الله معان في 21 نوفمبر 1920.
وكانت بريطانيا في ذلك الوقت تهيئ قواتها في العراق لاسترجاع مراكزها بعد الثورة العراقية. واهتمت بريطانيا وفرنسا بقدوم الأمير عبد الله، وجرت بينهما اتصالات بهذا الشأن. واحتجت فرنسا على قدومه خصوصا وأنه أعلن نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا المنفي في ذلك الحين. ووجَّه الدعوة إلى جميع أعضاء المؤتمر السوري المنحل للالتحاق به. وأعلن عزمه على متابعة النضال وتأليف حكومة سورية وحدوية. وأصدر منشور «إلى أهالي سورية» يعلن ما جاء من أجله. ويبدو أنَّ الاستجابة لم تكن كافية. كما تبيَّن للأمير أن القيام بأعباء هذه الحركة بحتاج إلى المال، وهو لا يملك مالا. حتى أنه اضطر أن يقترض ثلاثة آلاف دينار من عودة أبو تايه.
بناءً على موقف الإمارة في الحرب العالمية الثانية ونظراً لضغوط القوى الوطنية بالمطالبة بالاستقلال، فقد تمت دعوة الأمير عبد الله إلى لندن والدخول في مفاوضات انتهت بعقد معاهدة تحالف جديدة بتاريخ 22 مارس 1946 تلغي معاهدة 1928 واعتراف بريطانيا بالإمارة دولة مستقلة كاملة الاستقلال، والأمير عبد الله ملكاً عليها، ورفع مستوى التمثيل بين البلدين إلى مستوى سفارة، وعلى اثر ذلك تم دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد حيث ألغى العمل بالقانون الأساسي لعام 1928 واعلن الأردن مملكة مستقلة ذات سيادة في عام 1946 وتم تعديل الدستور، الذي أصبح يعرف فيما بعد بدستور 1946.!!