من كتاب بانوراما العرب ..
الإعدام شنقا مرتين !!
حسين الذكر
ما زال يعتصرني الحزن كلما قرات حادثة اعدام الفيلسوف سقراط التي مضى على تاريخها اكثر من الفين وخمسمائة سنة تقريبا .. اذ ابكت أثينا وكل شرفاء العالم ومتحسسي ومتذوقي طعم الحرية والإنسانية حتى يومنا هذا .. وكلما تذكرت حكمة القديس كونفوشيوس قبل الاف السنين وهو يوصي الامبراطور الذي استشاره في كيفية تنفيذ حكم الإعدام بالمتهمين الذين كانت تصدر بحقهم قرارات الموت من قبل راس النظام بشكل مباشر فيما اليوم تصدر القرارات تنفيذا لرغبة رؤوس النظام وان اطلقت على لسان قضاة ومحاكم .. فقال له : ( قبل ان تصدر احكام الموت .. انصحك بان تعد من الواحد الى المئة .. ثم افعل ما يحلو وتحب وتريد ) .
قطعا ان كلام الحكيم الناصح كونفو لم يكن من باب الارقام وليس لغرض اصطياد الأغنام او تفسير الاحلام .. بل كان يعالج الأمور وفقا لعلم نفسي روحي الكثير من صوره ما زالت مسيطرة قائمة حتى يومنا هذا .
قرات خبرا يشير الى اصدار حكما بالاعدام مرتين شنقاً حتى الموت لمرأة القت طفليها من أعلى جسر .. لا اعرف ولست مدافعا عن هذه المرأة ولا حال الحادثة التي اهتز لها الوجدان وإشمئزت منها النفوس .. واقشعرت لوقعها الابدان .. لكن ثمة سؤال يفرض نفسه للمتابع بروح النقد والاستقراء للصالح العام ..
هل تم دراسة حالة المرأة بجدية عن ظروفها النفسية والاجتماعية وما مرت عليها من اوجاع بلد منذ اكثر من ستين عام يعيش حالة اللا قانون وتلفه شريعة الغاب بكل قساوتها .. وتضرب به الحروب والإرهاب والعسكرة والتهجير والقتل على الهوية فيما تعصف به الاجندات من كل صوب وحدب ويتخبط على مواقع قيادته الكثير من سياسي الصدفة والظرف ؟؟!!.
هل تم الاطلاع فعلا على كل الظروف والملابسات التي جعلت ام ترمي فلذات كبدها في هذا اليم المتلاطم محتوم المصير .. علما ان الأولاد هم اعز ما في الممتلكات من الروح والجسد .. بل ان سجية الحفاظ على النسل والابناء يشترك بها الانسان والحيوان بصورة تلقائية طبيعية لا تحتاج الى تفسير ..
من وجهة نظر خاصة املتها علي الظروف العامة التي عشتها والتاريخ الذي اطلعت عليه وقرات منه ما جعلني اعيد صياغة كتابته وقراءته وفهمه بالنسبة لي بصورة غير التي وصلتنا زورا وبهتانا ..
اعتقد ان الجرائم غير السياسية والمؤجندة لخدمة اهداف سياسية خارجية او داخلية يجب ان تكون الاحكام الصادرة فيها متانية مدروسة ممتزجة مع المحيط العام التاريخي والاقتصادي والنفسي والاجتماعي والسياسي والأمني .. وغير ذلك الكثير.. مما قد يسخف كلامي باعتباره مثالية طموحة ليس لها وجود حتى في مدينة افلاطون الفاضلة .. لكن يبقى وآمل ان يكون للعقل الإنساني قدرة على الصبر والتحكم والاستقراء بما يتناسب مع كائن ارد له الله ان يكون خليفته على الأرض .. تلك النعمة السماوية التي الى اليوم للأسف لم ننعم بالعيش فيها جراء ظلم الانسان لاخيه الانسان .. وما كان الله وحاشى ان يكن ظالما لخلقه ..