زيارة إلى إحدى المدارس الذكية؟!
د. عبد العزيز يوسف آغا.
/////////////////////////////////////////////
توجهت باكراً لزيارة إحدى المدارس التي يمكن أن نسميها بالمدرسة الذكية.
على باب مدخل المدرسة كان حارس الأمن يجلس خلف مكتب وبجانبه جهاز الهاتف.
عند وصولي تبسم في وجهي وسألني عن مقصدي فعرفته بنفسي وقلت له أنني في زيارة للمدرسة ، فرحب بي وطلب البطاقة الشخصية ليحتفظ بها عنده لحين الخروج. ثم قال لي اتبع الخط الأبيض، فنظرت إلى الأرض وسألته عن هذه الخطوط فأجابني بأن كل خط يوصلك إلى مكان معين، فالأحمر لأمانة السر والأخضر لمعاون المدير وهكذا دواليك. اتبعت الخط الأبيض ووصلت إلى مكتب المديرة التي بدورها رحبت بي وبعد تناول القهوة لاحظت بجانبها شاشة كبيرة مقسمة إلى مربعات تنقل صوراً من قاعات التدريس ، ويمكن للمديرة في أي وقت أن تثبت البث على أية قاعة وحتى على أية طالبة مع إمكانية معرفة مايدور من شرح بالحصة.
بعد ذلك توجهنا لزيارة إحدى قاعات التدريس ولاحظت مدى النظافة والترتيب وأحواض الزهور المنتشرة في الممرات، وعند صعود الدرج لاحظت أنه مكتوب على جانب كل درجة جدول الضرب بحيث تستطيع التلميذة مراجعة جدول الضرب وهي صاعدة إلى قاعة الدرس وأفادتني المديرة بأنه يتم تغيير المعلومات حسب التقدم بالمادة العلمية.
دخلنا قاعة الدرس وشاهدت لوحات معلقة على الجدران فيها معلومات عن فعل( الكون وفعل الملك وبعض تصاريف اللغة الانجليزية وبالمقابل حديث اليوم وهو حديث شريف يتبدل يومياً وهو من الأحاديث المقررة عليهم.
أمام كل تلميذة توجد بطاقة معلومات تدل عن اسمها وعنوانها وهاتف الأهل والأمراض المزمنة التي قد تكون مصابة بها وطريقة الإسعاف، وبنفس الوقت توجد نفس المعلومات معلقة برقبة التلميذة بشريط ذو لون يدل على المرحلة.
وبعد الاستماع إلى الدرس توجهت مع المديرة لزيارة المختبرات وقاعة المطعم والمسرح وصالة الألعاب وصالة الموسيقى.
وقد شاهدت الترتيب والنظافة المميزة لهذه القاعات.
وبعد ذلك مررنا إلى غرفة التمريض التي كانت تتواجد بها ممرضة منتدبة من وزارة الصحة للإسعافات الأولية، وبجانب العيادة كانت توجد قاعة كبيرة قامت المديرة بفتحها فوجدتها مملؤة برفوف رصت عليها آلات حاسبة وألعاب وأقلام وأجهزة الكترونية متنوعة، وشاهدت المديرة علامات الاستغراب على وجهي فقالت لي سأحدثك عنها لاحقاً.
وعندما عدنا للإدارة قالت لي المديرة: هذه هي صالة الهدايا ونحن نجمعها من تبرعات البنوك واولياء الأمور والجمعيات الخيرية ومن وزارة التربية.
لكننا استخدمناها للحد من التأخر الصباحي، وذلك أن أول ثلاث تلميذات يدخلن المدرسة صباحاً يحصلن على بطاقة من موظف الأمن. وأثناء الفرصة تتم دعوتهن وادخالهن إلى قاعة الهدايا لاختيار مايريدونه، وبهذه الطريقة قضينا على التأخر الصباحي بل والغياب أيضاً.
وتنتهي الجولة لكن
للحديث شجون.
أين نحن الآن من تجربة المدرسة الذكية،؟!
للعلم، يزور المدرسة الذكية شهرياً طبيب عيون يقوم بفحص جميع الطلاب كما يزورها طبيب أمراض وقائية لملاحظة النظافة ومنع انتشار الحشرات كما يزورها طبيب اسنان يفحص جميع الطلاب ويزود الأهل بتقرير عن ضرورة معالجة السن ذو الرقم كذا .
وللختام، إن تطبيق تجربة المدرسة الذكية ليس صعباً وليس مستحيلاً وليس مكلفاً ، بل يحتاج إلى الرغبة الأكيدة والقرار الحكيم للسير في ركب التطور.
وفي مداخلة للصديق التربوي الأستاذ تحسين وهيبة الذي يحاول جاهداً تطوير الصرح التربوي الذي يقوده، سألني عمن يتحمل الكلفة العالية للمدرسة الذكية؟
صديقي العزيز: يمكن تحمل الكلفة العالية بالتشارك بين المدرسة وأولياء الأمور، وعندما باشرنا بتطبيق مشروع المدرسة الذكية طلبنا من كل ولي أمر تأمين جهاز كمبيوتر محمول لابنه يبقى معه طوال المرحلة، والمدرسة تؤمن البنية التحتية( شبكة واي فاي وسبورة ذكية).
طبعاً في البداية لاقينا صعوبات إذ أن بعض أولياء الأمور لايملكون الماديات المناسبة لذا، قمنا بفصل الطلاب الذين أحضروا أجهزتهم عن الطلاب الآخرين. وخلال شهرين، تم تأمين المطلوب للجميع بالتعاقد مع شركة تعمل بنظام التقسيط.
صدقني أستاذنا الفاضل، عندما توجد الرغبة الحقيقة والصادقة يمكننا تجاوز كل الصعوبات.
على درب النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،