في مثل هذا اليوم25 مايو 1085م..
سقوط طليطلة في أيدي القشتاليين، وكان ذلك بداية سقوط معاقل الإسلام في الأندلس تباعًا حتى انتهى الوجود الإسلامي بسقوط غرناطة سنة 897 هـ الموافق لعام 1492.
في مثل هذا اليوم وفي 25 مايو 1085، تم إعلان سقوط طليطلة في أيدي القشتاليين، وكان ذلك بداية سقوط معاقل الإسلام في الأندلس تباعًا حتى انتهى الوجود الإسلامي بسقوط غرناطة سنة 897 هـ الموافق لعام 1492.
وكان فتح طليطلة على يد المسلمين بقيادة طارق بن زياد عام (712م) بعد انتصارهم بمعركة وادي لكة على القوط، وظلت طليطلة بعد ذلك تتمتع بتفوقها السياسي على سائر مدن الأندلس.
وفي عهد محمد بن عبد الرحمن الأوسط عام (233هـ) خرجت عليه طليطلة فبرز إليها بنفسه وهزمهم، وانتظمت في عهد خلافة عبد الرحمن الناصر، وازدهر فيها فن العمارة.
عندما سقطت الأندلس في يد المسلمين لم يعمدوا إلى القضاء على المسيحية فورًا. ومن المعتقد أن المسجد الرئيسي لمدينة طليطلة قد تحول إلى بناء كاتدرائية طليطلة بعد سقوط طليطلة في يد الإسبان مرة أخرى.
وكان من أبرز ما قدّمه موسى بن نصير إلى الخليفة الوليد من الغنائم التذكارية النفيسة مائدة تفوق قيمتها كل تقدير، كان طارق بن زياد قد غنمها من كاتدرائية طليطلة، وكان القوط قد تفننوا في صنعها فنسبها العرب إلى سليمان بن داود، وإنما أطلق عليها هذا الاسم كناية عن قدمها وعظم شأنها.
واختلفت الروايات كذلك في وصف هذه المائدة وبيان هيئتها وسبب وجودها، فذكرت إحدى الروايات أن الأغنياء والموسرين من القوط دأبوا أن يوصلوا للكنائس بقدر معلوم من ثرواتهم عند الوفاة وكلما تجمع المال الوفير بين المشرفين على تلك الكنائس أمروا بصناعة موائد وكراسي من الذهب والفضة تضع القساوسة عليها الأناجيل في أيام الاحتفالات من أجل المباهاة والتفاخر.
ونالت كنيسة طليطلة قدرًا كبيرًا من مال الوصايا، وخاصة أنها كانت مقرّ البيت المالك، ولذا تأنق الملوك في عمل مائدة لهذه الكنيسة فاقت كل الموائد في سائر إسبانيا؛ إذ حرص كل ملك على أن يزيد في مائدة كنيسة طليطلة إعلاء لذكره وتباهياًا بعاصمة ملكه حتى صار لها مركز الصدارة في جميع البلاد وتحدث الجميع بجمالها وعلو قيمتها، فكانت مصنوعة من الذهب الخالص مرصعة بفاخر الدر والياقوت والزبرجد.
ومهما يكن من أمر تلك الروايات فمما لا شك فيه أنها أجمعت على شيء واحد هو عظمة هذا الكنز الثمين الذي فاقت أخباره ما عداه في كنوز وجدت في سائر مدن الأندلس، ويرجح أن هذه المائدة كانت مذبح الكنيسة الجامعة في طليطلة، وأنها كانت على درجة خيالية من الجمال حتى تليق بعاصمة القوط، ولتكون رمزا على ثراء دولتهم وغناها الوافر.
عبر مؤرخو العرب عن عظمة موقع طليطلة، من ذلك ما ذكره الحميري في كتابه الروض المعطار في عجائب الأقطار إذ يقول: «وهي على ضفة النهر الكبير، وقل ما يرى مثلها إتقانا وشماخة بنيان، وهي عالية الذرى، حسنة البقعة»، ثم يقول في موضع آخر: «ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة، وقلاع منيعة، وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل العظيم المعروف بالشارات».
أتخذ المسلمون من أشبيلية عاصمة لدولتهم الوليدة، ثم لم يلبث أن استبدلوا بها مدينة قرطبة التي ظلت عاصمة للدولة الإسلامية في الأندلس قرونا عديدة، ولم يتخذوا طليطلة أبدا عاصمة لدولتهم، على الرغم مما تتمتع به المدينة من مزايا إستراتيجية.
(اغتنم الولاة، ومن بينهم بنو قاس) خسائر الحكم بن هشام (771- 822) في الحرب كعلة للثورة عليه، مما جعله يصبح شديد البطش في حكمه لينهي هذه الثورة. في تلك الأثناء حاز عبيد الله على السلطة في طليطلة وأعلن استقلالها فلم يتردد الحكم في إعدام جميع أعيان المدينة.
استقل بنو ذي النون بطليطة بعد سقوط الخلافة بقرطبة “وهم أسرة من البربر”، وتولى عبد الملك بن متيوه أمر طليطلة، وأساء إلى أهليها فاتفقوا عليه، استقل ابنه إسماعيل بها، وترك شئونها إلى شيخها أبى بكر الحديدي، وتوفى إسماعيل، وخلفه ابنه يحيى بن إسماعيل الذي توفي، وتولى حفيده القادر بالله يحيى الذي ثار عليه أهل طليطلة لقتل ابن الحديدي.
حكم بنو يعيش طليطلة بين عامي 1009 – 1028 حيث كان قاضي المدينة أبو بكر يعيش بن محمد بن يعيش.
أهمية المدينة:
ازدهرت هذه المدينة الأندلسية ازدهارًا حضاريًا فريدًا على كافة المستويات العلمية والاقتصادية والعمرانية، فاقتصاديًا فإنها تميزت باقتصاد زاهر تعددت فيه الموارد، وتنوعت ما بين زراعة ورعي وتعدين وصناعة؛ فالزراعة في طليطلة كانت على درجة ملحوظة من الازدهار في عصرها الإسلامي؛ فقد كثرت بساتينها وأينعت جناتها، وأنتجت فواكه “عديمة المثل لا يُحيط بها تكييف ولا تحصيل”؛ وذلك لعدة أسباب من أهمها وجود أراض شاسعة فسيحة صالحة للزراعة حولها، وتميز أهلها بفنون الري؛ فقد عرفوا النواعير والقواديس والقنوات التي يجري فيها الماء إلى البساتين المحدقة بالمدينة.
وكان من حسن حظ المدينة أن ارتبط ببلاط ملوكها بني ذي النون بعض علماء الزراعة الأندلسيين المشاهير مثل العلامة ابن بصّال الطُليطلي الذي أجرى تجارب عديدة على كثير من النباتات، واستنبط الكثير من طرق الفلاحة، كانت هذه التجارب المصادر الأساسية التي اعتمد عليها العالم ابن العوام الإشبيلي في تأليف كتابه الضخم “الفلاحة الأندلسية”، ويبدو أنهم استثمروا هذه الخبرة العلمية في تحسين مزروعاتهم، فقد ذكر بعض المؤرخين أن ثمرة الجلنار كان عندهم في قدر الرمّانة، وأن الشجرة لديهم يكون فيها أنواع من الثمر!
السقوط:
استعان القادر بالله يحيى بألفونسو السادس ملك قشتالة الذي فرض الحصار علي طليطلة في 1084 ولم يقم أحد بمساعدة إخوانهم المسلمين إلا المتوكل ابن الأفطس الذي أرسل جيشًا كبيرًا لنجدة طليطلة لكنة تعرض لهزيمة من جيش قشتالة واستمر الحصار 9 شهور إلى أن استبد الجوع بالناس ولم تفلح محاولات المسلمين الوصول لتسوية.
لم يرض ألفونسو سوي بتسلم المدينة كاملة وفعلًا تم ذلك في 25 مايو 1085 وتوجه إلى المسجد الكبير الذي حوله إلى كاتدرائية وصلي فيه قداس الشكر وصارت عاصمة لمملكة قشتالة وتم منح المسلمين كافة الحرية لمغادرة المدينة أو البقاء فيها وحرية التصرف في أملاكهم.!!