__تــونـس أيــا خـضـراء…__
دقت الساعة
ترادفت عقاربها
انطلق صداح أغنية
وارتفعت الزغاريد
في الشارع الخلفي
لشارعي…
ابن الجيران يشهر زفافه…
وفي الشارع الخلف الخلفي
انطلق ترتيل آيات بينات من القرآن الكريم ،وارتفع التكبير والنحيب
جار جيرانا الذي من أعلى منصبه اختلس المال العام وسافر يؤدي مناسك الحج انتقل إلى الرفيق الأعلى في البقاع المقدّسة،هنيئا له لن يُحاسب،ولن يقف موقف الجناة يوم القيامة…
في الشارع الذي أمام شارعي
نحيب صبية يصلني متقطعا يعلو وينخفض وصراخ ولغط ،ابن الجيران المنحرف يضرب أخته
السبب رفضها دفع فاتورة ما يستهلك من سموم…
هي ليس لها مورد رزق ، هي لا تعمل ،هي تحمل شهادة عليا
وهذه الشهادة هي السبب الوحيد في عطالتها لأن سياسة نظام الانتداب في الوظيفة العمومية له حساسية مفرطة
لـحاملي الشهائد العليا…
أمّها تستنجد بجارة خريجة سجون
لتوقف مهزلة الاعتداء
فكان التعامل على أساس
العنف بالعنف والأعنف أبقى… وحملت الريح النحيب وجفّفـتْ أشعة الشمس دموع القهر…
في الشارع الموازي للشارع الذي أمامي ،الرجل الطيب الذي يغضّ النظر علنا ،ويتحرّش بنساء الأحياء البعيدة سرّا،قبض عليه يروّج مادة مخدرة أمام مدارس الأحياء الراقية، تجارة مربحة نقلته من دليل للمهرّبين إلى مواطن صالح من أعيان شوارعنا…
قيل وشت به زوجته انتقاما …
الزوجة كشفت علاقته بامرأة من العيار الثقيل…
في الحديقة المتاخمة لشارعي والشارع الخلفي والشارع الخلف الخلفي
حديقة بور يقال عنها منطقة خضراء
والخضرة منها براء …
انتصب بائع (الملاوي)وأمام(نصبته)خلق كثير يشترون ويزدردون، ويلقون بالمناديل الورقية في أحواض الحديقة التي أعدّت ذات حلم لزراعة الورد وغراسة الأشجار…
في قلب الحديقة قطيع خرفان يأكل العشب الذي أبى إلا أن يخرج رأسه رغم الجفاف والقحط…صاحب القطيع جَـذِل يرنو إلى البعيد ويحلم
بالملايين وعيد الاضحى يحثّ الخطى
نحو شعب يهوى بل يعشق الذبح والسلخ… في وطني الثراء الفاحش مشروع وحق يضمنه الدستور…والفقر المدقع نصيب…
على المقاعد الخشبية المتآكلة بمفعول العوامل المناخية جلست نسوة يتحدثن عن المقطوعات
كالسكر والقهوة والدقيق وشحّ بزر دوّار الشمس التركي والمـوز في السوق …أمامهم أطفالهم البعض يركض والبعض يشنّ هجوما سافرا على شجرة التوت اليتيمة يقتلعون أوراقها والثمار يشجعهم على ذلك صمت الأمهات …
في الركن القصي من هذه الحديقة نامت حنفية بعد اقتلاعها إثـر زحف بني التتار المقيمين بيننا…
أما الـركـن المقابل فقد بات مصب فضلات وساحة وغى بين القطط والكلاب السائبة والغلبة كما هو مُـتَـوَّقَـع للفئران التي حسمت المعركة كالعادة وأطردت القطط والكلاب في صَغَار…والحمد لله ان ارتفاع درجة الحرارة جفف كل ما هو قابل للتعفّن كقشـر الدلاع والبطيخ ،
ونحن قوم من آكلات الدلاع خاصة…
شيخ يطلب من شاب مارّ جنبه أن يساعده على إجراء مكالمة هاتفية تسلم الشاب منه الهاتف نظر في كل الاتجاهات وأطلق رجليه للريح أمام دهشة الشيخ وسلبية المتواجدين…
شاحنة صغيرة تحمل لافتة مكتوب عليها(شر …البيئة) والمقصود(شرطة البيئة)تبخّر حرفيْ (ط— ة)بمفعول ارتفاع درجة الـوعي بمخاطر الحفاظ على البيئة، تقف الشاحنة يترجل منها عونان يبتاعان سجائر بالتفصيل من كشك تمَّ تشييده في مدخل الحديقة يحدثان طويلا صاحب الكشك يمدُّ كل منهما بعلبة بسكويت ،كل واحد يلتهم قطع البسكويت ويلقي بالعلبة فارغة على باب الحديقة الذي نخره الصدأ ،يقهقهان ويعودان إلى الشاحنة …
تعبر سيارة مكشوفة ومنها ينبعث صوت فريد الأطرش الشجي يردد
تونس أيا خضراء
يا حارقة الأكباد…
فائزه بنمسعود
21/6/2024