في مثل هذا اليوم 2 يوليو1964م..
الرئيس الأمريكي ليندون جونسون يوقع على قانوني الحقوق المدنية والحقوق السياسية، ويعتبر قانون الحقوق المدنية أحد أهم القوانين في تاريخ الولايات المتحدة وبخاصه بالنسبة لنضال الزنوج من أجل الحصول على حقوقهم كاملة كمواطنين في الدولة الأمريكية.
في طيات التاريخ الأمريكي، تتجلى شخصيات استثنائية تمكنت من ترك بصماتها على مسار الأمة، ومن بين هؤلاء يبرز الرئيس ليندون جونسون، الذي كان له دور محوري في تعزيز الحقوق المدنية والسياسية في الولايات المتحدة.
تولى جونسون الرئاسة في أعقاب اغتيال الرئيس جون كينيدي في نوفمبر 1963، ليجد نفسه في مواجهة تحديات جمة، أبرزها مسألة الحقوق المدنية التي كانت تشكل أزمة اجتماعية وسياسية حادة آنذاك.
كان يؤمن بضرورة تحقيق المساواة بين جميع الأمريكيين، بغض النظر عن لونهم أو أصلهم العرقي، جاءت فرصة جونسون لتأكيد هذا الالتزام عندما وقع قانون الحقوق المدنية لعام 1964، الذي يُعد أحد أعظم إنجازاته الرئاسية.
هذا القانون، الذي اقترحه في الأصل الرئيس كينيدي، كان يهدف إلى إنهاء التمييز العنصري والفصل في الأماكن العامة، وحظر التمييز في التوظيف والتعليم، وتعزيز حقوق التصويت للأقليات.
سعى إلى توظيف قوته السياسية وخبرته التشريعية لتحقيق هذا الهدف، مستخدمًا نفوذه الكبير في الكونغرس لضمان تمرير القانون، لم يتوقف جونسون عند هذا الحد، بل واصل مساعيه لتعزيز الحقوق المدنية من خلال قانون حقوق التصويت لعام 1965.
هذا القانون جاء لمعالجة المشكلات المتجذرة في نظام التصويت، والتي كانت تعيق الأقليات، وخاصة الأمريكيين من أصل إفريقي، من ممارسة حقهم في التصويت.
بتوقيعه على هذا القانون نجح جونسون في إحداث تغييرات جذرية في النظام الانتخابي، ما أدى إلى زيادة كبيرة في نسبة تسجيل الناخبين من الأقليات، وتعزيز الديمقراطية في الولايات المتحدة.
كان توقيع جونسون على قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت من أهم المحطات في فترة رئاسته.
أقر الكونغرس الأمريكي قانون الحقوق المدنية في 2 يوليو 1964، بعد عقود من النضال والكفاح ضد التمييز العنصري.
القانون يحظر التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الدين، أو الجنس، أو الأصل القومي في الأماكن العامة، والمدارس، والتوظيف، وأماكن الإقامة، هذا التشريع الشامل أتى كرد فعل حاسم على عقود من التمييز الممنهج الذي عانى منه الأمريكيون من أصل إفريقي وجماعات أخرى.
من أبرز بنود القانون:
-حظر التمييز في الأماكن العامة:
أصبح من غير القانوني التمييز في الأماكن العامة مثل الفنادق والمطاعم والمسارح، ما أنهى عقوداً من الفصل العنصري.
-التوظيف العادل:
يحظر القانون التمييز في التوظيف، ما يعزز فرص العمل للجميع بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية.
-التعليم المتساوي:
يمنع الفصل العنصري في المدارس، ما يضمن بيئة تعليمية متساوية لجميع الطلاب
-حماية حقوق التصويت:
يعزز القانون حماية حقوق التصويت للأقليات، ما يقلل من ممارسات التمييز في تسجيل الناخبين.
تأثير القانون على أمريكا
تأثير قانون الحقوق المدنية لعام 1964 كان فورياً وعميقاً؛ فقد أرسى الأساس لمجتمع أكثر عدالة وإنصافاً، وأسهم في تغيير الديناميكيات الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة.
أظهرت البيانات أن نسبة الأمريكيين من أصل إفريقي الذين أكملوا التعليم الثانوي والجامعي ازدادت بشكل ملحوظ بعد إقرار القانون.
وفي عام 1960، كانت نسبة الأمريكيين من أصل إفريقي الحاصلين على شهادة الثانوية العامة نحو 20%، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 80% في عام 2020.
على صعيد التوظيف، شهدت العقود التالية لسن القانون زيادة كبيرة في عدد الأمريكيين من أصل إفريقي الذين دخلوا سوق العمل في مجالات مهنية وإدارية. وفقاً لتقرير مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، ارتفعت نسبة الأمريكيين من أصل إفريقي العاملين في وظائف مهنية من 5% في عام 1960 إلى 29% في عام 2019.
ورغم التحولات الإيجابية التي أحدثها قانون الحقوق المدنية، فإن النضال من أجل المساواة والحقوق السياسية لم يتوقف، فلا تزال هناك تحديات تواجه الأقليات في أمريكا، مثل التمييز الممنهج والعنف الشرطي.
ومع ذلك، فإن التشريعات اللاحقة، مثل قانون حقوق التصويت لعام 1965، عززت من حماية حقوق التصويت للأقليات، ما مكن المزيد من الأمريكيين من المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية.
هذا القانون، الذي وقع عليه الرئيس ليندون جونسون، جاء لمعالجة العقبات التي واجهها الناخبون من الأقليات، مثل اختبارات محو الأمية والضرائب الانتخابية.
وقد أدى إلى زيادة كبيرة في تسجيل الناخبين الأمريكيين من أصل إفريقي، حيث ارتفعت نسبة التسجيل من 23% في عام 1964 إلى 61% في عام 1969 في الولايات الجنوبية.
تأثيرات مستدامة
القوانين المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية لم تكن مجرد تشريعات قانونية، بل كانت تغييرات ثقافية واجتماعية عميقة. لقد ساعدت في تشكيل جيل جديد يؤمن بالمساواة والعدالة، وساهمت في بناء مجتمع أكثر تنوعاً وشمولاً.
الأرقام والبيانات تعكس هذه التغييرات، لكنها لا تعبر بشكل كامل عن التأثيرات الإنسانية العميقة التي خلفتها هذه القوانين.
قانون الحقوق المدنية لعام 1964 وقانون حقوق التصويت لعام 1965 يمثلان أكثر من مجرد قوانين إنهما يمثلان قفزات عملاقة نحو العدالة الاجتماعية والمساواة في الولايات المتحدة.
من أصل إفريقي في هذه الوظائف نحو 3% فقط، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 15% في السنوات الأخيرة.
عبر الأجيال، يظل تأثير هذه القوانين ملموساً، ويستمر في تشكيل مسار الأمة نحو مستقبل أكثر إشراقاً وعدالة.!!!!!!!!!!