(سرداب السطور)
كلّما مررتُ بقصائدي الخرِبةِ
الجاثمةِ مثلَ جثةٍ منسيةٍ أمامَ بابِ الروح
بكيتُ،
بكيتُ على كلّ الموتى العالقينَ بهياكلِها الغَاطِسةِ،
على تلك الندوبِ التي تأبى أن يأكلَها الدودُ.
على النبوءاتِ التي ما صدّقتُها وتحقّقَت.
حاولتُ أن أنكرَها،
تلاعبتُ بعناوينِها لتخطئَ لمستي،
حاولتُ أن أرميَها بمدرسةٍ يموتُ فيها الشاعرُ،
أن أضعَ في البدايةِ ختامَها المبهمَ،
وأحذفُ بلا قصدٍ طريقَ النجماتِ المقصودةِ
بحجةِ الضياعِ أو أرهاقِ المتنِ
بحجةِ إعلانِ صداقةٍ مع قارئٍ عابرٍ،
لو سارَت عينُهُ بوسعِ إحساسِها
لداسَت على سردابِ سطورٍ من أشباحٍ وثيابٍ.
رمادُ حبٍّ يطاردُ الريحَ في صحراءِ.
ما حرقَهُ القلبُ كان ليطفئَ الذكرى.
ساعتي الرمليةُ غيّرَت حباتَها،
وما عبرَ عمري صدفةً واحدةً من الزمنِ.
رسمتُ من دمي أرنبَينِ على الجدارِ،
وما عبرت قدمايَ موجةً نائمةً من النهرِ.
الرمالُ القديمةُ أثرُ حظٍّ عاثرٍ.
كلُّ قصائدي السيئةِ وُلدَت بحبٍّ،
كلُّ قصائدي الركيكةِ خُطَّتْ حتّى أقفَ،
وحينَ وقفتُ
صرتُ أريدُ أن أمرَّ،
أمرُّ وأنسى،
أنسى وجوهاً أنقذَتني وغرقَت في هياكلِ الوهم
أنسى ندوباً صارَت لحماً مرّاً بفمِ الخناجرِ،
أنسى نبوءاتٍ دامعاتٍ حملنَ نعشي معي،
وأنا أبكي،
أبكي،
وأرفضُ أن أصدّقَ.
#كرارالسعد