في مثل هذا اليوم23 يوليو1999م..
وفاة الملك الحسن الثاني، ملك المغرب.
الحَسَن الثاني بِنْ مُحمد بِنْ يوسف العَلوي (9 يوليو 1929 – 23 يوليو 1999)، ثاني ملوك المملكة المغربية بعد الإستقلال، والملك الثاني والعشرين للمغرب من سلالة العلويين الفيلاليين، تولى حكم المملكة المغربية خلفًا لوالده الملك محمد الخامس في 26 فبراير 1961 وحتى وفاته في 23 يوليو 1999. ينتمي الملك الحسن الثاني إلى السلالة العلوية التي تعود في نسبها إلى الحسن بن علي بن أبي طالب، وتحكم المغرب منذ عام 1666 ميلادية ويلقب الحاكم منهم بأمير المؤمنين.
ولد في الرباط وهو أكبر الأبناء الذكور للملك محمد الخامس من زوجته الثانية عبلة بنت الطاهر، تلقَّى تعليمه المبكر في المدرسة المولوية، ثم التحق بعد ذلك بالكلية الملكية بالرباط، حصل في عام 1947 على شهادة البكالوريا بامتياز، وحصل في عام 1952 على درجة الماجستير في القانون العام من جامعة بوردو، خدم في وقت لاحق في البحرية الفرنسية.
برز نشاطه السياسي ونضاله من أجل الاستقلال في عمر مبكر، وعُرف بحنكته ودهائه السياسي منذ ريعان شبابه، كان يشعر باستياءٍ شديد بسبب الحماية الفرنسية والإسبانية ويتطلع إلى الاستقلال التام وتوحيد التراب المغربي، رافق والده محمد الخامس في منفاه في كورسيكا ثم إلى مدغشقر عندما خلعته سلطات الانتداب الفرنسية عن العرش، عمل الأمير الحسن في المنفى كحلقة وصل بين والده وبين الشعب المغربي في الداخل والخارج، كما كان الأمير الحسن يحرر المراسلات ويترجم الرسائل لوالده في المنفى إلى أن عاد برفقة والده إلى المغرب وشارك معه في المفاوضات من أجل الاستقلال.
تولَّى العديد من المناصب في فترة ما قبل الاستقلال، فشغل منصب رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وأشرف على وضع النواة الأولى وبناء الجيش المغربي بالتعاون مع الفرنسيين، في عام 1957 أصدر والده الملك محمد الخامس أمرًا ملكيًا بتعيينه وليًا للعهد، وعمل الأمير الحسن بعدها مستشاراً سياسياً لوالده، في عام 1958 قاد فرق الجيش إلى النصر وهزم الميليشيات المتمردة خلال ما عُرف باسم ثورة الريف. في 26 مايو 1960 شكَّل الملك محمد الخامس حكومة، وعينه فيها نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للدفاع وفوَّضه بممارسة السلطة الحكومية.
تولى الملك الحسن الثاني حكم المغرب بعد وفاة والده عام 1961، وقاد البلاد بقبضة من حديد، وجه بلاده نحو المعسكر الرأسمالي في حين كانت معظم الجمهوريات العربية تُساند المعسكر الاشتراكي. كما يعدّ الحسن الثاني بانيًا للمغرب الحديث وباعث نهضته وموحدًا للبلاد ومحررًا للصحراء الغربية من قبضة الاستعمار الأسباني بالمسيرة الخضراء عام 1975. اتَّسعت في عهد الملك الحسن الثاني أعمال التعدين والصناعات الأخرى واستصلاح الأراضي الصحراوية وإنشاء السدود وتشييد المدارس، فضلًا عن سعيه لتوحيد القوى البشرية والثقافية إلى جانب الوحدة الترابية، كما تميَّز عهده ببدء نزاع الصحراء الغربية وحرب الرمال.
تعرَّض الملك الحسن الثاني لعدة محاولات اغتيال من أفراد معارضين للنظام الملكي المطلق في المغرب لكنها فشلت جميعها، كان أشهرها انقلاب عام 1971 المعروف باسم انقلاب الصخيرات وانقلاب عام 1972 الذي قام به وزير الدفاع محمد أوفقير (انقلاب الطياريين)، صدرت أحكام بالإعدام على أغلب المشاركين في عمليات الإنقلاب، وحكم على البعض الآخر بالسجن فيما صدر عفو ملكي عن آخرين، تمكَّن الملك الحسن الثاني على أثر هذه المحاولات من إحكام سيطرته على البلاد، وبادر إلى بعض الإصلاحات، وعمِد إلى إعادة الحوار مع المعارضة من أجل إشراكها في الحكومة، وعلى تطوير تجرية الملكية الديموقراطية الدستورية، وكان آخر إنجازات الملك الحسن الثاني لترسيخ التجربة الديموقراطية في البلاد تكليف أحد قادة المعارضة وهو عبد الرحمن اليوسفي بتولي رئاسة الحكومة، والدعوة إلى انتخاب مجلس نواب جديد في 3 يونيو عام 1977.
عزَّز الحسن الثاني حكم أسرة العلويين على المغرب والصحراء الغربية. اتُهم بارتكاب ممارسات استبدادية وانتهاكات للحقوق المدنية، لا سيما خلال سنوات الرصاص، شُكلت هيئة الإنصاف والمصالحة بعد وفاته للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في عهده.
شارك الملك الحسن الثاني في مؤتمرات القمة العربية المتكررة، وكان يؤدي دور الوسيط أكثر الأحيان في تقريب وجهات النظر على صعيد الأنظمة وحتى بين الرؤساء والملوك العرب. اتُّفق على تأليف لجنة أطلق عليها اسم «لجنة القدس»، وتمّ اختيار الملك الحسن الثاني رئيساً لها، التقى بالبابا يوحنا بولس الثاني لشرح أوضاع القدس، والتشاور حول ما يمكن أن يتمّ فعله لتحرير المدينة المقدسة والمحافظة عليها. وُصف الملك الحسن الثاني بأنه واقعي، واكتسب مكانة مرموقة على الصعيد الدولي، استطاع أن ينهي في عام 1989 في أثناء لقائه بالقذافي عشرين عاماً من الخلاف، وتوصّل إلى توقيع اتفاق اتحاد بين ليبيا والمغرب.
في عام 1961، تزوَّج الملك الحسن الثاني من للا لطيفة حمو وهي من قبائل زيان الأمازيغية وأنجبا خمسة أبناء: للا مريم، محمد السادس، للا أسماء، للا حسناء، مولاي رشيد. حاز الملك الحسن على العديد من الأوسمة والجوائز من قبل هيئات برلمانية ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية. عُرف عن الحسن الثاني عشقه للطرب والفن إجمالًا، وعلاقته المميزة مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وكبار الفنانين المغاربة، ولا يزال المغاربة يذكرون الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام للحسن الثاني وهو يحمل دفًا وفي فمه سيجارًا وخلفه فرقة موسيقية يضبط لها الإيقاع. كما عرف عنه حبه لرياضة الجولف، وعشقه لمدينة إفران الجبلية والتي أراد لها أن تكون سويسرا المغرب.
في 23 يوليو 1999 توفي الملك الحسن الثاني بالرباط عن عمر يناهز 70 عاما إثر نوبة قلبية، أعلنت الحكومة المغربية الحداد لأربعين يومًا، وأُلغيت الفعاليات الترفيهية والثقافية، شيعه أكثر من مليوني مغربي في جنازة مهيبة، وأقيمت له مراسم جنازة وطنية في الرباط حضرها أكثر من 40 رئيس دولة، وضع جثمان الملك الحسن الثاني في تابوت خشبي ودفن في ضريح محمد الخامس، تولى بعده إبنه البكر الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية. في كل سنة في اليوم الموافق لوفاة الحسن الثاني يزور الملك محمد السادس قبر والده ويترأس حفلاً دينياً إحياءً لذكرى وفاته.!!!!!!!!!!!