في مثل هذا اليوم 27 يوليو 1898م..
الإعلان عن سوء الحالة الصحية للزعيم الألماني أوتو فون بسمارك.
أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك (بالألمانية: Otto von Bismarck) (1 أبريل 1815 – 30 يوليو 1898) رجل دولة وسياسي بروسي – ألماني شغل منصب رئيس وزراء مملكة بروسيا بين عامي 1862 و1890، وأشرف على توحيد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بـ «الرايخ الألماني الثاني»، وأصبح أول مستشار لها بعد قيامها في عام 1871، حتى عزله فيلهلم الثاني عام 1890، ولدوره الهام خلال مستشاريته للرايخ الألماني أثرت أفكاره على السياسة الداخلية والخارجية لألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر، لذا عرف بسمارك بلقب «المستشار الحديدي».
في عام 1862، عيّن الملك فيلهلم الأول بسمارك رئيسًا للوزراء في بروسيا. في هذه الفترة شنَّ بسمارك ثلاثة حروب قصيرة وحاسمة لصالح بروسيا ضد كل من الدنمارك والنمسا وفرنسا. بعد الانتصار على النمسا ألغى بسمارك الاتحاد الألماني، وأنشأ بدلاً عنه الاتحاد الألماني الشمالي كأول دولة قومية ألمانية في عام 1867، وأصبح بسمارك المستشار الفيدرالي لهذا الاتحاد. في 1870، أقدم إمبراطور فرنسا نابليون الثالث على إعلان الحرب ضد بروسيا. وهو ما دفع ولايات جنوب ألمانيا إلى الوقوف إلى جانب بروسيا. وقد تمكنت الأخيرة من الإنتصار على فرنسا في معركة سيدان. وقام بسمارك بعد الانتصار في الحرب بإلغاء الاتحاد الألماني الشمالي وأسس الرايخ الألماني في عام 1871، تم الإعلان رسميا عن تأسيس الرايخ الألماني في قصر فرساي قرب باريس. ويرى الكثيرون من المؤرخين أن اختيار هذه المكان شكل استفزازا للمشاعر الفرنسية وساهم في تغذية العداء التاريخي بين فرنسا وألمانيا. وبموجب دستور الدولة الجديدة أصبح ملك بروسيا فيلهيلم الأول قيصرا للرايخ الألماني. أما بسمارك فقد تولى بصفته رئيس وزراء بروسيا منصب مستشار الرايخ الألماني ووزير خارجية بروسيا. وهو منصب احتفظ به حتى عام 1890. وتم إستبعاد النمسا من الاتحاد لأنها كانت الخصم الرئيسي لبروسيا والتي كانت تحاول الهيمنة على الولايات الألمانية الصغيرة.
بعد عام 1871، استخدم بسمارك استراتيجة توازن القوى بكل مهارة للحفاظ على ما حققته القيصرية الألمانية من مكاسب في أوروبا، بالإضافة إلى إحلال السلام للحيلولة دون إثارة حرب تتمكن فرنسا فيها بعد إيجاد حلفاء لها من استعادة مقاطعتي الألزاس واللورين. وسعى بسمارك إلى عزل فرنسا عن بقية الدول الأوروبية وبالذات عن النمسا وروسيا كي لا يضطر لاحقا إلى خوض حرب على جبهتين اثنتين مع روسيا من جهة وفرنسا من جهة أخرى. كان بسمارك يأمل في الوقت ذاته في أن تحقق ألمانيا تطورا ونموا في فترة السلام هذه، لذا فقد عمل على توقيع معاهدات سلام معقدة ومتداخلة مع روسيا وإمبراطورية النمسا والمجر عام 1873.
أما في السياسة الداخلية فقد عمل بسمارك على تأسيس دولة رفاهية، ويعتبر هو أول مؤسس دولة رفاهية في العصر الحديث. وكان الهدف منها الوقوف بوجه تغلغل الأفكار الاشتراكية والراديكالية وسط الحركة العمالية، فحسن أوضاع العمال المعيشية واعتمد نظام متطور للتأمينات الاجتماعية. وتحالف بسمارك مع اللبراليين ضد الكنيسة الكثاوليكية بسبب اعتقاده أن الكنيسة الكاثوليكية تحوز سلطة سياسية أكبر مما ينبغي فرغب بالحد من تأثيرها في ألمانيا. لذلك بدأ بحملة ضد الكنيسة الكاثوليكية عرفت بـ«الحرب الثقافية» فألغى القسم الكاثوليكي في وزارة الثقافة البروسية، وطرد اليسوعيين من ألمانيا في عام 1872، ودعم الكنائس المعادية للكاثوليكية. وأصدر قوانين سمحت للحكومة بالاشراف على تعليم رجال الدين، وقللت من سلطات الكنيسة الكاثوليكية لكن هذه الحملة ضاعفت من قوة الحزب المركزي الكاثوليكي لذلك تخلى بسمارك عن حربه الثقافية وأنهى التحالف مع اللبراليين. ثم تحالف مع حزب الوسط الكاثوليكي لمحاربة الاشتراكيين. ولم يكن بسمارك يثق بالديموقراطية لذلك حكم من خلال مجموعة من النخبة الإقطاعيين الذي كان يطلق عليهم في بروسيا «يونكر» وكانوا يتصفون بالقوة والتدريب الجيد على السلطة. ومجمل القول أن بسمارك كان يسيطر إلى حد كبير على الشؤون الداخلية والخارجية. في عام 1888، توفي فيلهلم الأول ليخلفه على عرش ألمانيا ابنه المريض فريدرش والذي توفي بدوره بعد 99 يوما فقط من اعتلائه العرش ليمهد الطريق لابنه فيلهلم الثاني الذي توج قيصرا للرايخ الألماني. ومنذ البداية حاول فيلهلم الثاني الحد من نفوذ أوتو فون بسمارك ما أدى إلى تفاقم الخلافات بينهما ووصولها إلى نقطة اللاعودة. وقد تكللت هذه التطورات في 18 مارس 1890، بتنحي بسمارك عن جميع مناصبه وكان بسمارك حينها في عمر يناهز الخامسة والسبعين.
بعد وفاته، اتخذه القوميون الألمان بطلهم القومي، كما أشاد المؤرخون بدوره كرجل دولة ساهم في الوحدة الألمانية، واستخدم سياسة توازن القوى للحفاظ على السلام في أوروبا في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر.!!!