في مثل هذا اليوم28 يوليو1928م..
إفتتاح دورة الألعاب الاولمبية في امستردام التي فاز فيها مصريان بأول ميداليات ذهبية يحصدها عرب في الدورات الأوليمبية.
نشأت الألعاب الأولمبية في أثينا وأُقيمت كل أربع سنوات في أولمبيا باليونان، تنافس فيها ممثلي المدن وممالك اليونان القديمة، وأُعاد إحياءها البارون بيير دي كوبرتان، فأسس اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) في عام 1894م، وعقدت أول اوليمبياد حديثة في أثينا عام 1896، وشارك فيها 14 دولة يمثلها 241 رياضي كلهم من الرجال، حيث بدأت المشاركة النسائية في الدورة الثانية 1900 بـ 22 سيدة.
أُسست اللجنة الأولمبية المصرية في 31 يونيو 1910م بمدينة الإسكندرية، وانضمت للجنة الأولمبية الدولية في نفس العام، لتشارك مصر بانتظام في الألعاب الأولمبية بعد عامين من تأسيسها.
– دورة ستوكهولم 1912 عن طريق المبارز المصري أحمد حسنين (الذي أصبح فيما بعد رئيسا للديوان الملكي) في مسابقة سلاح الشيش، وهي أول مشاركة مصرية وعربية في الألعاب الأولمبية.
– دورة أنتويرب 1920 في بلجيكا، ولم تحرز مصر أية ميداليات خلال هذه الدورة، إلا أن منتخب مصر لكرة القدم كان أول فريق غير أوروبي يشارك في منافسات كرة القدم بمشاركة 14 منتخبًا كلها كانت دول أوروبية عدا المنتخب المصري فقط، وقد لعب منتخب مصر مباراة واحدة في الأدوار التمهيدية ضد إيطاليا، وخسر (2/1)، وكانت هذه أول مباراة دولية رسمية في تاريخ مصر الكروي، إلا انه استطاع الفوز على يوغوسلافيا (4-2) في مباراة شرفية لتحديد المركز الثامن.
– دورة باريس 1924 في فرنسا، ولم تحقق مصر أية ميداليات أيضًا، واقتصر الانجاز على تحقيق المنتخب المصري لكرة القدم في ثاني مشاركة له بالأولمبياد بتحقيق الفوز على المنتخب المجري 3/0 ليكون أول فوز رسمي للمصريين في تاريخ الأولمبياد ثم تلقى الهزيمة أمام السويد في مباراة الدور ربع النهائي بنتيجة 5/0
بداية سجل الذهب والميداليات
انطلقت منافسات أولمبياد أمستردام بهولندا في 28 يوليو 1928م، وللمرة الأولى أوقدت نار رمزية خلال الألعاب في مرجل تم وضعه في أعلى برج في الملعب، وصممه المهندس المعماري الهولندي يان ويلس في حفل الافتتاح، وقاد الفريق اليوناني موكب الأمم، بينما سار المنتخب الهولندي المضيف في النهاية، اليونان أولاً، البلد المضيف آخرًا، ليصبح هذا البروتوكول الأولمبي معتمدًا منذ ذلك الحين وإلى الآن، شاركت 46 دولة مثلهم 2883 رياضي ما بين 2606 رجال و277 سيدات، ولم تحضر الملكة فلهلمينا حفل الافتتاح حيث اعتبرت الدورة الأولمبية تظاهرة وثنية .
وشهدت الدورة عودة الرياضيين الألمان للمشاركات الاولمبية مجددًا بعد غيابهم عن دورتي 1920 و1924م، كما شاركت السيدات لأول مرة في مسابقات ألعاب القوى، أما الحدث الأبرز فتمثل في غياب مؤسس ومحيي الألعاب الأولمبية الحديثة البارون الفرنسي بيير دي كوبرتان، والذي غاب للمرة الأولى منذ إنشاء الدورات الأولمبية وذلك بعد أن اشتد عليه المرض.
واصلت مصر تمثيل العرب للدورة الرابعة على التوالي وشاركت بوفد من 35 رياضيًا نافسوا باسم مصر في 5 رياضات وهى: رفع الأثقال، وألعاب الماء، والمصارعة، والمبارزة وكرة القدم.
واستطاعت مصر أن تسطر كلمة البداية التاريخية للإنجازات العربية في الأولمبياد وذلك بعد أن حققت 4 ميداليات.. ذهبيتين و فضية و برونزية عن طريق أبطالها الذين صنعوا المجد وخلدوا اسم مصر في سماء أمستردام وهم :
إبراهيم مصطفى (1904 – 1968م) كان حامل العلم الأولمبي بالدورة وأول من تُوج بميدالية ذهبية لمصر والعرب في الأولمبياد في المصارعة الرومانية في وزن الخفيف الثقيل، وقد فاز في المباراة النهائية على منافسه الألماني أدولف ريجز.
ويعد إبراهيم مصطفى اللاعب الوحيد الذي تم تسجيل حركة فنية باسمه بعد أداؤه في أولمبياد أمستردام، وقام الاتحاد الدولي للمصارعة بتنظيم بطولة سنوية دولية تحمل اسم البطل المصري تقام في مصر وهي بطولة إبراهيم مصطفى للمصارعة وتم إطلاق اسمه على أحد شوارع أمستردام تكريما لبطل الذهب المصري.
السيد نصير (1905-1977م) سطر اسمه كأول من حقق ميدالية ذهبية لمصر والعالم العربي بمنافسات الاولمبياد في رفع الأثقال للوزن الخفيف الثقيل مُحققاً أرقامًا أولمبية عالمية وكان مجموعه 355 كلج، و كانت منافسة رفع الأثقال عبارة عن ثلاث حركات هي الخطف والنتر والضغط وقد سجل نصير 100 كلج في الضغط، و112.5 في الخطف و142.5 في النتر ليتفوق في المجموع على بطلي فرنسا وهولندا الذين اتيا في المركز الثاني والثالث.
ومن طرائف هذه الدورة أن السيد نصير هو صاحب أول ميدالية ذهبية مصرية في الأولمبياد، حيث كانت منافسات رفع الأثقال قبل انطلاق مباريات المصارعة، ولكن حفل تتويج ابراهيم مصطفى كان قبل زميله السيد نصير ليكون إبراهيم مصطفى هو أول مصري يُقلد بالذهب في الأولمبياد، بينما السيد نصير هو أول لاعب يُحققه.
وقد نظم أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة مدح وتكريم للسيد نصير وهى القصيدة الوحيدة التي ألقاها أمير الشعراء تحية وإجلالاً لأمير رفع الأثقال بمصر والعالم جاء في مطلعها:
شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً
وَتَلَقَّ مِن أَوطانِكَ الإِكليلا
يَهنيكَ ما أُعطيتَ مِن إِكرامِها
وَمُنِحتَ مِن عَطفِ اِبنِ إِسماعيلا
اليَومَ يَومُ السابِقينَ فَكُن فَتىً
لَم يَبغِ مِن قَصَبِ الرِهانِ بَديلا
وَإِذا جَرَيتَ مَعَ السَوابِقِ فَاِقتَحِم
غُرَراً تَسيلُ إِلى المَدى وَحُجولا
فريد سميكة (1907 ــ 1943م) أول مصري وعربي في التاريخ الأولمبي يحصد ميداليتين في دورة واحدة وفى رياضة واحدة أيضا وهي الغطس، حيث فاز بالميدالية الفضية في منافسات الغطس من السلم الثابت، وكان سميكة قد حصل في الأساس على الميدالية الذهبية بمنافسات السلم الثابت حتى أنه تسلم الميدالية، وتم عزف النشيد الوطني المصري لكن بعد يومين تم سحبها منه وحصوله على الفضية بعد أن اعترض ممثلو الغطاس الأمريكي صاحب المركز الثاني بيتي ديسجارينز، وبعد ذلك اجتمع حُكام المنافسة للتصويت على القرار ليتم منح ديسجارينز الذهبية ، وبالرغم من اعتراض مدربه الأمريكي إلا أن سميكة تقبل النتيجة والميدالية الذهبية لهم وحصل على الفضية، أما الميدالية البرونزية فأحرزها سميكة في منافسات الغطس من السلم المتحرك، وتم تكريم فريد سميكة بالطلاق اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة.
وشارك المنتخب المصري لكرة القدم للمرة الثالثة على التوالي، واستهل مشواره في البطولة بتحقيق فوز عريض علي تركيا (7/1)، وفى مباراة الدور ربع النهائي فاز منتخب مصر على المنتخب البرتغالي بنتيجة (2-1)، ليصعد المنتخب المصري للدور نصف النهائي ويصبح ضمن المربع الذهبي لأولمبياد أمستردام 1928م مع الأوروجواي وإيطاليا والأرجنتين، والتقى في مباراة الدور نصف النهائي مع المنتخب الأرجنتيني، و تلقى هزيمة قاسية بنتيجة (6/0)، لتصعد الأرجنتين للمباراة النهائية، ليواجه المنتخب الإيطالي في مباراة تحديد المركز الثالث، وتلقت مصر هزيمتها الأقسى في تاريخها الأولمبي، حيث انتهى اللقاء بنتيجة (13/3) لتحتل مصر المركز الرابع، في أفضل إنجاز لها في تاريخ مشاركاتها في الأولمبياد.
واهتمت جريدة “الأهرام” بتغطية وقائع الدورة يوميًا، وفي الختام صدرت “الأهرام” بتاريخ 11 أغسطس عام 1928م بعنوان «نجاح باهر للبعثة المصرية» وتضمن التقرير استعراض نتائج رياضة السباحة والغطس، وما كان من تحقيق فريد سميكة لميداليتين فضية وبرونزية، وذلك كالتالي:
(كان الفائز في سباق بالوثب من لوح (السوسطة) سميكة، وكان الثاني في الشوط قبل النهائي وله الحق في النهائي)
وأشارت “الأهرام” إلى فوز اللاعب إبراهيم مصطفى بالميدالية الذهبية في رياضة المصارعة الرومانية وذلك في فئة وزن خفيف ثقيل. وجاء في التقرير نفسه إنجازات السيد نصير في رياضة رفع الأثقال وذلك تحت عنوان فرعى «مجهودات السيد نصير» وجاء ما يلي عن مراسل الأهرام: (وأنى لا أستطيع أن أصف ما عمني وعم أخواني الرياضيين المصريين من السرور والفرح، عندما فاز السيد نصير ببطولة العالم في «وزن خفيف ثقيل» على أنه لما يذكر لهذا النابغة ولمصر بالفخر العظيم هذه المجهودات العظيمة والنتيجة السارة التي حصلت عليها مصر في شخص نصير، ولأسجل هذا على صفحات الأهرام، أذكر المجهودات الآتية: كان في وزن نصير من المنافسين 17 حمالا للأثقال أحسنهم كان من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمجر، وأما نصير فكان من بداية لعبه مشجعا من الجميع خصوصا أنه كان دائما يبتسم.. حصل نصير على 355 درجة في مجموعة رفعاته الثلاث، بيد أن الثاني وهو من أبطال العالم المشار لهم بالبنان كان الفرنسي المعروف (هوستين) الذى نال 353 درجة ونصف الدرجة فقط على أن الكل كانوا واثقين من فوزه على أبطال العالم.
وغدا في الإستاد الأكبر بينما يتراص الفائزون يرتفع العلم المصري، فتصدح الموسيقى بالسلام الملكي المصري إجلالا بفوز نصير المصري العظيم. وهى نتيجة فخرية باهرة نالتها مصر لأول مرة في التاريخ الأولمبي الحديث). !!