في مثل هذا اليوم29 يوليو1945م..
البحرية اليابانية تغرق السفينة الحربية الأمريكية «إنديانابوليس» مما أسفر عن مقتل 883 بحارًا فيما اعتبر أسوأ خسارة من نوعها في تاريخ البحرية الأمريكية.
كانت سفينة يو إس إن إنديانابوليس (CL / CA-35) طرادًا ثقيلًا من فئة بورتلاند تابعة للبحرية الأمريكية، سميت باسم مدينة إنديانابوليس ، إنديانا. تم إطلاق السفينة عام 1931، وخدمت كسفينة القيادة لاسطول الكشافة الأول لثمانية سنوات، ثم كسفينة القيادة للأدميرال ريمون سبروانس في عامي 1943 و 1944 بينما كان يقود الأسطول الخامس في معارك وسط المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية.
في يوليو 1945، أكملت إنديانابوليس رحلة فائقة السرية والسرعة لتسليم أجزاء من Little Boy ، أول سلاح نووي يستخدم في القتال، إلى قاعدة سلاح الجو التابعة لجيش الولايات المتحدة في جزيرة تينيان، ثم غادرت بعد ذلك متجهة إلى الفلبين للقيام باعمال تدريبية. في الساعة الثانية عشر وخمسة عشر دقيقة صباح يوم 30 يوليو، تم نسف السفينة بواسطة غواصة البحرية الامبراطورية اليابانية I-58 ، وغرقت في 12 دقيقة. من بين 1,195 من الطاقم على متن السفينة، قضى نحو 300 مع السفينة. أما الـ 890 الباقية فقد واجهوا التعرض لتغير في درجات الحرارة والجفاف والتسمم بالمياه المالحة بالاضافة إلى هجمات القرش أثناء تقطع السبل بهم في المحيط المفتوح مع عدد قليل من قوارب النجاة وبدون طعام أو ماء. لم تعلم البحرية بالغرق الا بعد أربعة أيام، عندما تم رصد الناجين من قبل طاقم طائرة PV-1 Ventura في دورية روتينية. في نهاية المطاف نجا 316 شخص من طاقم السفينة فقط. أسفر غرق إنديانابوليس عن أكبر خسارة فردية في الأرواح في البحر، من سفينة واحدة، في تاريخ البحرية الأمريكية.
في 19 أغسطس 2017، قام فريق بحث بتمويل من Paul Allen بتحديد موقع حطام الطراد الغارق في البحر الفلبيني على عمق حوالي 18,000 قدم (5,500 م). في 20 ديسمبر 2018، حصل طاقم إنديانابوليس بشكل جماعي على ميدالية الكونغرس الذهبية.
الذكرى 79 لغرق سفينة “إنديانا بوليس” التابعة للبحرية الأمريكية بالقرب من جزر الفلبين، الذي اعتُبر وقتها أسوأ كارثة في تاريخ البحرية الأمريكية، وإحدى أفظع قصص الغرق والتعرض لهجمات القرش لمدة 5 أيام متواصلة في انتظار وصول فرق النجدة، قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بأشهُر قليلة.
يُذكر أن أعمال بناء سفينة “إنديانا بوليس” كطراد بحري ثقيل بدأت في مطلع عام 1929، بقيمة بلغت وقتها قرابة 11 مليون دولار أمريكي، لتدخل الخدمة ضمن أسطول البحرية الأمريكية في عام 1931، حيث خدمت لمدة 8 سنوات متتالية كسفينة القيادة لأسطول الكشافة الأول، ومن ثم عملت بقيادة الأسطول الخامس في معارك وسط المحيط الهادي خلال الحرب العالمية الثانية.
مهام أخيرة قبل الكارثة
عد نجاحها في نقل وتسليم شحنة يورانيوم سرّاً للولايات المتحدة الأمريكية بهدف بدء برنامج صناعة القنابل النووية التي ستُلقَى على المدن اليابانية لاحقاً خلال الحرب العالمية الثانية، الذي أُطلقَ عليه وقتها برنامج “الولد الصغير” (Little Boy)، وُكّل إلى السفينة وطاقمها في بداية شهر يوليو/تموز 1945 نقل أجزاء القنابل النووية إلى قاعدة سلاح الجو التابعة لجيش الولايات المتحدة في جزيرة تينيان (Tinian) في المحيط الهادي، وذلك ليجمّع الخبراء والمهندسون القنابل التي ستُستخدم لاحقاً في الحرب على الإمبراطورية اليابانية.
وتمكنت السفينة وطاقمها من إتمام المهمة بسرعة وأمان وسرية بالغة، على الرغم من عدم وجود أي حماية وحراسة لسفينة “إنديانا بوليس” من الغواصات اليابانية التي كانت تجوب مياه المحيط الهادي ترقُّباً لمرور سفن البحرية الأمريكية لغرض إغراقها.
وفور إكمالها مهمة تسليم أجزاء القنابل النووية التي ستُقصَف بها مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان في وقت لاحق من شهر أغسطس/آب 1945، والتي على أثرها استسلمت اليابان وأعلنت هزيمتها أمام الولايات المتحدة الأمريكية، تلقى طاقم السفينة الأمر بالإبحار تجاه خليج الفلبين لإجراء التدريبات والاستعدادات اللازمة لاجتياح الأراضي اليابانية لاحقاً.
هجوم ياباني تسبب في غرق السفينة
مجدداً، ورغم إلحاح قبطان السفينة “إنديانا بوليس” للحصول على حماية بحرية وجوية أمام غواصات بحرية الإمبراطورية اليابانية، قوبل طلبه بالرفض، ومرغماً تحرك بالسفينة تجاه السواحل الفلبينية.
وبعد منتصف ليلة 30 يوليو/تموز 1945 بـ15 دقيقة فقط، وقعت الكارثة، تعرضت السفينة لهجوم من الغواصة اليابانية I-58، التي كانت شاركت سابقاً في الهجوم على ميناء “بيرل هاربور” الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول 1941، أغرقها وأغرق معظم طاقمها في غضون 12 دقيقة فقط، بعد تعرُّضها لإصابات مباشرة من 6 طوربيدات يابانية.
ومن بين طاقم السفينة الذي يضم نحو ألف و195 جندي، قُتل قرابة 300 مجند فوراً مع غرق السفينة، فيما عانى الـ895 الباقون تقلب درجات الحرارة والجفاف والجوع والتسمُّم بالمياه المالحة، فضلاً عن هجمات القرش، لمدة 5 أيام متواصلة قبل وصول فرق الإنقاذ، التي لم تستطع تحديد مكانها على الرغم من إرسال السفينة 3 إشارات استغاثة قبل غرقها ورسالة رابعة من قائد الغواصة اليابانية، الذي أعلم البحرية الأمريكية بمواصفات السفينة الغارقة وإحداثيات موقع غرقها بدقة.
مئات راحوا ضحية لهجمات أسماك القرش
بسبب قلة عدد قوارب النجدة المتوافرة أُجبرَ عديد من أفراد الطاقم الذين لم يغرقوا على التعلق بجثث زملائهم الذي تعرضوا للغرق أو التشبث بعضهم ببعض في عرض البحر.
وعلى مدار 5 أيام في ترقُّب وصول فرق النجدة الأمريكية، تَعرَّض أفراد الطاقم لهجمات عنيفة ومتلاحقة من أسماك القرش التي تكثر في منطقة غرق السفينة، وسجّل بعض المصادر الأمريكية افتراس أسماك القرش أكثر من 400 مجند من طاقم السفينة. فعلى مدار 5 أيام متواصلة هاجمتهم أسماك القرش بلا رحمة، ومن لم تأكله أسماك القرش فقد تعرض للموت جوعاً وعطشاً أو أُجبرَ على الانتحار هرباً من هجمات القرش.
ومن ضمن 895 بحاراً نجَوْا من حادثة غرق سفينة البحرية الأمريكية “إنديانا بوليس” ليلة 30 يوليو/تموز 1945، لم يتبق على قيد الحياة سوى 318 شخصاً، إذ قضى البقية إما بسبب الأحوال الجوية ونقص الطعام والماء، وإما بسبب أسماك القرش التي اتخذتهم غذاءً على مدار 5 أيام متواصلة.
أفلام سينمائية خلدت الكارثة
بعد الهجوم الذي تعرض له ميناء “بيرل هاربور” الأمريكي من سلاحَيّ الجو والبحرية اليابانيَّين عام 1941، والذي أدى إلى دخول الولايات الأمريكية الحرب العالمية الثانية لمجابهة ألمانيا واليابان، تُعَدّ كارثة غرق “إنديانا بوليس” وتَعرُّض طاقمها للغرق ولهجمات القرش لمدة 5 أيام متواصلة قبل وصول فرق النجدة، من أسوأ كوارث البحرية الأمريكية على مدار تاريخها الطويل.
وتخليداً للدور المهمّ والتاريخي الذي لعبته السفينة وطاقمها في الحرب العالمية الثانية، تحديداً وسط المحيط الهادي، والذي اختُتم بانتصار الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكر الحلفاء على الإمبراطورية اليابانية، أنتجت هوليوود عام 2016 فيلماً بعنوان “إنديانا بوليس.. رجال الشجاعة (USS Indianapolis: Men of Courage)” للمخرج ماريو فان بيبلس، بطولة النجم الأمريكي نيكولاس كيدج.
ويروي الفيلم المبنيّ على قصص حقيقية، القصة المروّعة لطاقم المدمّرة الأمريكية (إنديانا بوليس)، التي حوصر أفرادها في مياه المحيط الهادي مقابل السواحل الفلبينية طوال خمسة أيام بعد تسليمهم الأسلحة النووية التي ستضع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبينما ينتظر أفراد الطاقم فرق الإنقاذ، فعليهم أن يتحملوا الجوع والعطش الشديد والبرد القارس وهجمات القرش التي لا تعرف هوادة.
يُذكر أن فيلماً آخَر أُنتِجَ عام 1975 باسم “الفك المفترس (Jaws)”، جسد أحد أبطاله شخصية لأحد الناجين من تلك المعركة مع أسماك القرش.!!!!!!!