انموذجية اسبانيا ..
انجازات .. وابداعات .. صامتة !
حسين الذكر
مما انبهر منه العالم الرياضي عامة والكروي منه على وجه الخصوص ليس تحقيق اسبانيا بطولتين عالميتين فحسب مثل ( بطولة يورور 2024 وذهبية أولمبياد باريس 2024 ) وحب الإنجاز على الجرار … مع عظمهما الذي يجعل على الاخرين سيما دول العالم الثالث او النامي او المتخلف او سمه ما تشاء ان يقتدي بهم مجبرا ..
فان الأنظار ركزت على نقطتين أساسية انفردت وتميزت بهما اسبانيا خلال مدة الإنجاز التي لم تتجاوز اكثر من شهر بين عظم بطولة ورائعية أخرى .. فقد انصب اهتمام العالم واكباره في تحقيق هذه البطولتين بالطاقات والمواهب الشابة المقتدرة الواثقة من عطائها وقدرتها على مجاراة منتخبات الاخر ومنافستها وتحقيق الإنجازات الحقيقية بالاعتماد على العقلية الاسبانية في التعاطي مع النشيء الجديد عامة ومع اللا ماسيا البرشلونة خاصة والمتخصصة في صناعة النجوم الذين لم يكن اخرهم ( مسي وتشافي وانيستا ) .
اما النقطة الثانية والاهمية فقد تجلت بتلك القدرة التنظيمية والقيادية للاتحاد الاسباني المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في كرة القدم الاسبانية وتنظيمها وتسييرها بما يضمن نجاح وديمومة المستقبل الكروي .. فهم لم يحرزوا البطولات فحسب بل اطمانوا على حسن منهجيتهم لقيادة المستقبل ووضع الأساس الصحيح والرؤية العلمية والتطبيق الأمثل والانموذجي لتنظيم قدراتهم عبر تخطيط هادي بلا شعارات رنانة وتصريحات طنانة ودون ارتجال واشتعال ومعارك وقتال ..
ان أي عاقل منصف يجب ان يتعلم من تلك المدرسة التي حققت الإنجاز واستطاعت ان تداور نجومها ومواهبها الشابة بلا حرق وبلا تسقيط وبلا ابتزاز وبلا اعتماد على مناهج وابواق أصبحت تشكل خطر حقيقي على مستقبل الكرة في بلدان معينة . فيما الاسبان يؤدون أعمالهم عبر اتحاد منسجم منظم عامل بصمت وهدوء منجز حقيقي بكل شيء ..
فوق هذا وذاك وما ان انتهت البطولتين .. انطلق قطار الدوري الاسباني بكافة درجاته بتوقيتات ثابتة لا تقبل التغيير ولا تسمح لاحد ان (يهش وينش ) الا بما يخدم الامة الاسبانية كافة وليس كرة القدم فحسب من خلال الانتماء والولاء والعقلنة والحرص على أداء الواجب بل واسماع الاخرين كنموذج حي عولمي حقيقي متحضر لم يهتز ولم يتاثر مقتدر بكل معنى الكملة ..
رسالة الى كل اللذين يعتقدون انهم جهابذة التاريخ ومخططي مستقبل الأجيال ومنجزي المحال .. ان يتواضعوا ويتعلموا من الدرس الاسباني بالغ الدروس .. باموال اتحادية مؤمنة ثابتة معهودة لم تكلف ميزانية الدولة الا بما قرره القانون .. ودون الحاجة الى تخطيط ظلامي وتنطيط كلامي وتضارب مصالح وقتتال مستتر وعلني ومستقبل مجهول ومصالح وطن ومواطنين في مهب الريح ..
الحق بين واضح وعلى من يعي يتبعه .. اما الضلال فسيبقى ابد الدهر يخوض في الظلام لانه عقيدته وبيئته ومصدر أحلامه المريضة !