في مثل هذا اليوم22 اغسطس1863م..
تأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
الهدف الوحيد للجنة الدولية منذ نشأتها عام 1863 في حماية المتضررين من النزاعات المسلحة والاضطرابات وتقديم المساعدة لهم. وتؤدي هذه المهمة عن طريق عملها المباشر في جميع أنحاء العالم، وكذلك بتشجيع تطوير القانون الدولي الإنساني وتعزيز احترامه من قِبَل الحكومات وجميع حاملي السلاح.
اجتمع الكيان الذي صار فيما بعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لأول مرة في شباط/فبراير 1863 في جنيف بسويسرا. وكان أحد أعضائه المؤسسين الخمسة رجلاً من أهل المدينة يُدعى “هنري دونان”، نشر في العام السابق كتابًا بعنوان تذكار سولفرينو، دعا فيه إلى تحسين العناية بالجنود الجرحى في زمن الحرب.
وبحلول نهاية العام، كانت اللجنة قد جمعت ممثلي الحكومات من أجل الموافقة على اقتراح “دونان” بإنشاء جمعيات إغاثة وطنية تساند الخدمات الطبية العسكرية، وفي آب/أغسطس 1864، أقنعت اللجنة الحكومات باعتماد اتفاقية جنيف الأصلية. وقد ألزمت هذه المعاهدة الجيوش العناية بالجنود الجرحى أيًا كان الطرف الذي ينتمون إليه، واعتمدت شارة موحدة للخدمات الطبية: صليب أحمر على خلفية بيضاء.
كان الهدف الأساسي للجنة الدولية هو التنسيق، لكن زاد انخراطها بالتدريج في العمليات الميدانية مع بروز الحاجة إلى وسيط محايد بين الأطراف المتحاربة.
وعلى مدى السنوات الخمسين التالية وسَّعت اللجنة الدولية عملها، وتأسست الجمعيات الوطنية – كانت أولاها في دولة “فورتمبيرغ” الألمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 1863 – وأُدخلت تعديلات على اتفاقية جنيف لتشمل الحرب في البحر.
الحرب العالمية الأولى (1914-1918)
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، واستنادًا إلى خبرتنا في النزاعات الأخرى، أنشأت اللجنة الدولية الوكالة الدولية لأسرى الحرب في جنيف بغرض استعادة الاتصال بين الجنود الواقعين في الأسر وعائلاتهم.
وواصلت اللجنة الدولية إبان تلك الفترة مسيرة الابتكار؛ فتزايد عدد زياراتها لأسرى الحرب، وتدخلت في مجال استعمال الأسلحة التي نجمت عنها معاناة شديدة، إذ دعونا المتحاربين علنًا في عام 1918 إلى التخلي عن استعمال غاز الخردل.وفي العام نفسه، زارت اللجنة الدولية السجناء السياسيين في المجر للمرة الأولى.
وحشدت الجمعيات الوطنية في الحرب العالمية الأولى عددًا غير مسبوق من المتطوعين، الذين نجحوا في إدارة خدمات الإسعاف في ميادين القتال، وتقديم الرعاية للجرحى في المستشفيات. وكانت هذه ذروة تألق الحركة في بلدان كثيرة.
فترة ما بين الحربين العالميتين (1918–1939)
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، شعرت جمعيات وطنية كثيرة بضرورة تغيير دور الصليب الأحمر مع حلول السلام وبزوغ الأمل في تأسيس نظام عالمي جديد. وفي عام 1919، أنشأت تلك الجمعيات رابطة جمعيات الصليب الأحمر، بغرض أن تكون جهة التنسيق والدعم داخل الحركة في المستقبل. لكن النزاعات والحروب الأهلية المندلعة في العشرينات والثلاثينات أكدت الحاجة إلى وسيط محايد، وهكذا توسعت اللجنة الدولية في ممارسة أنشطتها خارج أوروبا (في إثيوبيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأقصى)، لكن كان لها حضور في الحرب الأهلية الإسبانية كذلك.
وأقنعت اللجنة الدولية الحكومات باعتماد اتفاقية جنيف جديدة في عام 1929 لتأمين حماية أكبر لأسرى الحرب. لكن رغم التهديدات الواسعة والجلية التي تفرضها الحرب الحديثة، فشلت الدول في الاتفاق على قوانين جديدة لحماية المدنيين في حينه للحيلولة دون وقوع ما شهدته الحرب العالمية الثانية من أعمال وحشية، رغم ما بذلته اللجنة الدولية من جهود مضنية في هذا الصدد.
الحرب العالمية الثانية (1939-1945)
شهدت الحرب العالمية الثانية توسعًا هائلاً في أنشطة المنظمة، إذ سعت إلى مساعدة وحماية الضحايا على كلا الجانبين. وعملت اللجنة الدولية والرابطة معًا لإرسال إمدادات الإغاثة في جميع أنحاء العالم، لتصل إلى أسرى الحرب والمدنيين على حد سواء. وزار مندوبو الجنة الدولية أسرى الحرب في أرجاء العالم كافة، وساعدوا في تبادل الملايين من رسائل الصليب الأحمر بين الأقارب. وعلى مدى سنوات بعد الحرب، تعاملت اللجنة الدولية مع طلبات الحصول على أخبار عن المفقودين.
غير أن هذه الفترة شهدت أيضًا الفشل الأكبر للجنة الدولية، وهو عدم اضطلاعها بتدابير لصالح ضحايا المحرقة وغيرهم من الفئات المضطهدة. ففي ظل افتقارها إلى أساس قانوني محدَّد وتقيّدها بإجراءاتها التقليدية وتكبّلها بروابطها بالمؤسسة السويسرية الحاكمة، عجزت اللجنة الدولية عن القيام بعمل حاسم أو عن الحديث علنًا. وتُرك الأمر لمندوبين أفراد من اللجنة الدولية لعمل ما بوسعهم لإنقاذ مجموعات من اليهود.
منذ 1945
دأبت اللجنة الدولية منذ عام 1945 على حث الحكومات على تعزيز القانون الدولي الإنساني واحترامه. وسعت إلى معالجة الآثار الإنسانية للنزاعات التي وسمت النصف الثاني من القرن العشرين، بدءًا من إسرائيل وفلسطين عام 1948.
وفي عام 1949، استجابت الدول لمبادرة من اللجنة الدولية ووافقت على مراجعة اتفاقيات جنيف الثلاث (التي تتناول حالة الجرحى والمرضى في الميدان، وضحايا الحرب في البحار، وأسرى الحرب) وإضافة اتفاقية جنيف الرابعة التي تهدف إلى حماية المدنيين الذين يعيشون تحت سيطرة العدو. وتمنح اتفاقيات جنيف الأربع للجنة الدولية تفويضها الرئيسي الذي تستند إليه في الاضطلاع بمهمتها في حالات النزاع المسلح.
وفي عام 1977، اعتُمد بروتوكولان إضافيان إلى اتفاقيات جنيف؛ ينطبق الأول على النزاعات المسلحة الدولية، والثاني على النزاعات المسلحة غير الدولية، وهو ما اعتُبر إنجازًا كبيرًا. وقد وضع البروتوكولان الإضافيان أيضًا قواعد تتعلق بسير العمليات العدائية.!!