في مثل هذا اليوم 28 اغسطس1963م..
مارتن لوثر كينغ يلقي خطابه الشهير عندي حلم في ولاية واشنطن.
في مثل هذا اليوم من عام 1963 ألقى القس الشهير مارتن لوثر كينج، راعى الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وأحد أهم المناضلين في التاريخ الحديث لإقرار المساواة والحقوق المدنية والعدالة أشهر خطاباته التاريخية عندي حلم مما كان له أبلغ الأثر في التعاطف مع معاناة السود في الولايات المتحدة والعالم.
ولد مارتن لوثر كينج في 15 يناير عام 1929، في مدينة أتلانتا التي كانت تعج بأبشع مظاهر التفرقة العنصرية، حيث كان يغلب على الصبي مارتن البكاء حينما يقف عاجزًا عن تفسير لماذا ينبذه أقرانه البيض، ولماذا كانت الأمهات تمنعن أبناءهن عن اللعب معه.
ولكن الصبي بدأ يفهم الحياة، ويعرف سبب هذه التصرفات، ومع ذلك كان دائمًا يتذكر قول أمه «لا تدع هذا يؤثر عليك بل لا تدع هذا يجعلك تشعر أنك أقل من البيض فأنت لا تقل عن أي شخص آخر.
ومضت السنوات ودخل مارتن لوثر كينج المدارس العامة في سنة 1935، ومنها إلى مدرسة المعمل الخاص بجامعة أتلانتا ثم التحق بمدرسة «بوكر واشنطن»، وكان تفوقه على أقرانه سببًا لالتحاقه بالجامعة في آخر عام 1942، حيث درس بكلية مورهاوس التي ساعدت على توسيع إدراك مارتن لوثر لثنايا نفسه والخدمة التي يستطيع أداءها للعالم.
وفي سنة 1947 تم تعيينه مساعدًا في كنيسة أبيه، وصار قس معمداني، ثم حصل على درجة البكالوريوس في الآداب في سنة 1948، ولم يكن عمره تجاوز 19 عاما، وحينها التقى بفتاة سوداء تدعى «كوريتاسكوت»، وتم زفافهما عام 1953، ثم حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة بوسطن.
وفي عام 1951م حصل على بكالوريوس في اللاهوت، وفي عام 1955م حصل على درجة الدكتوراه في التخصص نفسه، ودرس في الأيام الأولى من حياته الجامعية أعمال الكاتب الأمريكي ثورو الذي كان يؤمن بالعصيان المدني.
كيف تطور موقف مارتن لوثر الحقوقي ؟
عندما دخل مارتن لوثر كينج الجامعة، ركّز غضبه على الظلم بدل كراهية شخص بعينه، وحدث ذلك عندما قرأ كتابات ثورو وغاندي، حيث تعرّف على فكرة العصيان المدني كسلاح من أجل التغير، وكذلك فكرة المقاومة السلبية السليمة، وهكذا بدأ يقول إن الحب يمنح قوة الداخلية، لقد هزّت حياة غاندي وطريقته كينج في الأعماق.
كانت الأوضاع تنذر برد فعل عنيف يمكن أن يفجر أنهار الدماء لولا أنّ مارتن لوثر كينج اختار للمقاومة طريقا آخر غير الدم، فنادى بمقاومة تعتمد على مبدأ «اللا عنف» أو «المقاومة السلمية» على طريقة المناضل الهندي مهاتما غاندي، وكان يستشهد دائمًا بقول السيد المسيح: «أحب أعداءك واطلب الرحمة لمن يلعنونك، وادع الله لأولئك الذين يسيئون معاملتك».
وكانت حملته إيذانًا ببدء حقبة جديدة في حياة الأمريكان ذو الأصول الأفريقية، فكان النداء بمقاطعة شركة الحافلات التي تميز ضد السود، وامتدت عامًا كاملًا وأثر كثيرًا على إيراداتها، حيث كان الأفارقة يمثلون 70 % من ركاب خطوطها، ومن ثم من دخلها السنوي.
لم يكن هناك ما يدين مارتن في الاعتراض السلمي على المظاهر المقيتة، ولكن ألقي القبض عليه بتهمة قيادة سيارته بسرعة 30 ميلًا في الساعة بمنطقة أقصى سرعة فيها 25 ميلًا، وألقي به في زنزانة مع مجموعة من السكارى واللصوص والقتلة.
كان هذا أول اعتقال لمارتن لوثر كينج أثر فيه بشكل بالغ العمق، حيث شاهد وعانى بنفسه من أوضاع غير إنسانية، إلى أن أُفرج عنه بالضمان الشخصي. وبعدها بأربعة أيام فقط وفي 30 يناير 1956م، كان مارتن يخطب في أنصاره حين ألقيت قنبلة على منزله كاد يفقد بسببها زوجته وابنه.
وحين وصل إلى منزله وجد جمعا غاضبا من الافارقة المسلحين على استعداد للانتقام، وأصبحت مونتجمري على حافة الانفجار من الغضب، ساعتها وقف كينج يخاطب أنصاره: «دعوا الذعر جانبا، ولا تفعلوا شيئا يمليه عليكم شعور الذعر، إننا لا ندعو إلى العنف».
وبعد أيام من الحادث أُلقي القبض عليه ومعه مجموعة من القادة البارزين بتهمة الاشتراك في مؤامرة لإعاقة العمل دون سبب قانوني بسبب المقاطعة، واستمر الاعتقال إلى أن قامت 4 من السيدات من ذوي أصول أفريقية بتقديم طلب إلى المحكمة الاتحادية لإلغاء التفرقة في الحافلات في مونتجمري، وأصدرت المحكمة حكمها التاريخي الذي ينص على عدم قانونية هذه التفرقة العنصرية وساعتها فقط طلب كينج من أتباعه أن ينهوا المقاطعة ويعودوا إلى استخدام الحافلات «بتواضع ودون خيلاء»، وأفرج عنه لذلك.
قصة خطاب «عندي حلم»
«لدي حلم» أو «عندي حلم» هو الاسم الذي أطلق على خطاب مارتن لوثر كينج الذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28 أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية عندما عبر عن رغبته في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة وتجانس.
ويُعتبر هذا اليوم الذي أٌلقي فيه هذا الخطاب من اللحظات الفاصلة في تاريخ حركة الحريات المدنية، حيث خطب كنج في 250 ألف من مناصري الحقوق المدنية، لذا يُعتبر هذا الخطاب واحدًا من أكثر الخطب بلاغة في تاريخ العالم الغربي وتم اختياره كأهم الخطب الأمريكية في القرن العشرين
فوز ماتن لوثر كينج بجائزة نوبل للسلام
حصل مارتن لوثر كينج على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من يحوز عليها، بعد أن أصبح أحد أهم الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية وحقوق الإنسان.
وأسس لوثر زعامة المسيحية الجنوبية، وهي حركة هدفت إلى الحصول على الحقوق المدنية للأفارقة الأمريكيين في المساواة، ورفض مارتن لوثر كينج العنف بكل أنواعه، وكان بنفسه خير مثال لرفاقه وللكثيرين ممن تورطوا في صراع السود من خلال صبره ولطفه وحكمته وتحفظه حتى أنهم لم يؤيد من قادة السود المؤيدين للعنف، وبدأوا يتحدّونه عام 1965م.
كواليس اغتيال مارتن لوثر كينج
كان ماتن لوثر كينج يستعد للظهور أمام تجمّع جماهيري وأثناء استناده إلى جدار الشرفة كي يتبادل الحديث مع مساعده جيسي جاكسون الذي كان يقف على الأرض تحت الشرفة، فجأة دوى صوت طلقة، وبعدها انفجرت حنجرة مارتن لوثر ثم سقط على أرضية الشرفة واندفع الدم من عنقه.
ركض الحضور مندفعين إلى الزعيم الجريح، ثم جاءت سيارة الإسعاف لإنقاذه، فيما هرب جيمس إرل أحد المتعصبين البيض ومنفذ عملية الاغتيال تاركًا حزمة ملفوفة في الممر، وكانت الحزمة تحتوي على البندقية وصندوق طلقات وأشياء أخرى، وبين تلك الأشياء البطاقة الشخصية، أما البصمات فكانت موجودة على كل تلك الأشياء.
ردود الفعل بعد اغتيال مارتن لوثر كينج
في تلك الليلة، انفجرت أعمال العنف في كثير من مدن البلاد، واشتعلت النيران في شيكاغو وبوسطن وواشنطن ونيويورك، وفي شيكاغو استدعى 6 ألاف رجل من الحرس الوطني، وأصدرت كوريتا سكوت كينج، زوجة القتيل، بيانًا تناشد فيه الجميع بالتوقف عن العنف والعمل على تحقيق أحلام كينج.
لكن العنف استمر في البلاد وبحلول يوم الأحد 7 من شهر إبريل سنة 1968م، استدعي 9 ألاف رجلًا من الحرس الوطني في واشنطن، وفرضت السلطات حظر تجول، واعتقل الأٌلاف بعد نشوب 620 حريقًا.
جنازة تاريخية لـ مارتن لوثر
وفي 9 أبريل سنة 1968م، جرت مراسيم جنازة جماهيرية في مدينة أتلانتا، وحضرها عدد من المشاهير والمؤثرين منهم جاكلين كينيدي زوجة الرئيس القتيل الأمريكي جون كينيدي، كما تأجل افتتاح الموسم السنوي لكرة السلة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد أسبوع من وفاة مارتن لوثر كينج وقّع الرئيس الأمريكي ليندون جونسون قانون الحقوق المدنية الذي يضمن العدل والمساواة بين الأعراق والألوان والجنسين في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، ويلزم الإدارة الفدرالية بتنفيذ بنود ذلك القانون. !!!!