الروائية والناقدة المُحنكة الاستاذة كنانة تروي لنا مآسر تلابيب الأفكار في رواية بوليفونية متعددة النغمات ما بين الخيال والواقع والرومانطيكية والسنتمنتالية الشاعرية ، تُقلنا في لواجِ “مشهدية سينماتوغرافية” لبلاد الماتادور ومهرجان الطماطم والطراز الأندلسي الأزلي الباق مهما تواترت الأزمان، تقلنا في حافلة لواج مغامراتها كتلك الديكاميرون للأديب الإيطالي” بوكاشيو”، لما وطأت قدما بطلها الأشعث بلحيته الغير مشذبة وعيناه المورسكيتان الغائرتان وشعره الطويل المجعد لما هتف لسرقة لص (هارب – تافه) لمحفظتة التي لا تحوي غير حفنة من النقود وصورتين قديمتين لأمه ولحبيبته، فظل يطارده وكأنما النافورات العملاقة تراقبه ليشعر بغرابة لغته العربية المجهولة للاسبان، ليعود أدراجه للمنزل بحي القيصرية الذي يشبه الجوهرة ولا يبعد كثيراً عن الكاتدرائية المهيبة، كان يشعر بنوع من الاستلاب بذكرياته التي يحملها من طراز العصور الأموية، استأجر ذاك الموئل من أورسولا التي انثالت عليه بمجموعة من اللاءات والتحذيرات كي لا يخدش تلك الأنتيكات والتحف الكائنة هناك التي ورثتها من جدتها وتلك الصورة المقدسة للمرأة الأفريقية، أطنبتنا الراوية بوصف المحيط الخارجي من النساء المتجولات بغرناطة الجميلة، لكنها أشارت إلى ذاك “الغموض” الذي ملأ الأدمغة من هؤلاء النسوة الغجريات والعرافات يقرأن طالعه من التاروت، تتحفنا الرّاوية بضجيج الصمت الذي يقبع في القيصرية التي على الأرجح ستكون مثخنة بنزيف دماء ، بطلنا السارد Protagonist (جلال)..؛ يصف شخصا يراقبه خلف النافذة وكان على وشك النوم؛ يبدأ الفارس الأندلسي بافتراش الأرض وبدء ألاعيبه السحرية ويطلق نبرات موسيقى غريبة تتسلل إليه لتهدئ من روعه، الساردُ يحكي تجربته بأن طاولته مزرحمة بالأوراق والفوضى تدب في المكان بالصور المبعثرة ولم يكن بحاجة لذاك الساحر ليقض الهدوء، حاول استعادة التوازن بلا جدوى واصفاً محيطه بالغربال الذي تتساقط منه الأشياء إلاها – تلك التي عربشت في سماوات عشقه بسطوة الثياب وفداحة العطور لكنّ غيابها قارس ومستحيل ويفوق احتماله.
ندب حظه التعس لتحول تلك الموسيقى الصاخبة الغبية لأدراج من الهيجان فتؤجج ثائرته التي تنبش بأظفارها القميئة في أعصابه، حاول إيقاف تلك النغمات الصادرة من تلك الآلة النصف دائرية القاتمة فلم يعره أحداً اهتماماً والمصورون غير آبهين لاستهجانه، فاضطر للترجل من منزله متجهاً نحو مصدر الموسيقى التي لابد لها من الموت، لكمه حتى شعر بالم رهيب في عظام قبضته حتى أسال دماء فكه، لكن الآخر قاومه بضرب بطنه ووجهه وكتفه بسرعة ليتهاوى ويتناهى لأسماعه جمع النقوط المعدنية الملقاة، ليستفيق من اغفائته ويتساءل عن مكانه ولا يرى سوى السجاد الفارسي والطنافس المغربيةوالأستار الحمراء ورائحة بخور أيقظت قلبه ويتعقبها محاولاً الكشف عن مكمن الاحتراق، كأنه يخضع لطقوس سحرية – هُيئ له في واقع الأمر بأنها..(ليلى) التي هدأت من روعه وهي تخبره بأنها “هلاوس”، يستطرد السارد في وصف الوشوم والحلي المتزاحمة في جيد تلك الزائرة، ليشعر بأنه أحمق وكانت أضغاثاً تراوده فتحاول الصهباء مناولته مشروباً، فجأة – دخل ذاك الأندلسي ينعته بـ ” أبوزيد” كأبوزيد الهلالي سلامة البطل المغوار، ثمّ ينصحه بألا يلكم كإمرأة إذا أراد التعارك مع رجل، ليحاول إنكار بأنه لاجئ سوريّ ويكأنه يشعر بالعار وعلى ما يبدو بأنه على وشك الاقتتال مجدداً، لكنه أُعجب بالأندلسي في النهاية لشهامته في نهاية المطاف على الرغم من وابل السباب، كل شيء على ما يرام بصحبة تلك التي أمّلته الانتظار، حينذا كان مظطراً ليتصل بأورسولا ليطلب منها مفتاحه الذي نسيه في منزله لما انقض على “سالم” الذي عرف اسمه وصديقته “كاترينا” الرومانية التي قامت بتضميد الجراح جرّاء الشجار بسبب نوطات الهانج الشريرة، ليفاجئ بأن المغربي (أبو محمود) بائع الشرقيات قد أغلق باب منزله حتى لا تغضب سيدة المنزل ليناوله المفاتيح التي بعثتها أورسولا التي لديها عقدة التمييز بين الأعراق: المغرب (الحضارة الأندلسية) والأصول الأسبانية، بالطبع – هما(أبومحمود – جلال) يتسربلان عباءة العروبة معاً، “عالم عادلٌ مبني على المساواة الإنسانية” كأنها نكته هطلت على مسامع جلال ليتذكر رائحة القذائف الدمشقية،
يطنبنا السارد تارة أخرى بسكرات الحب Inebriation of Tempestuous Love ،” أنت مخلوقة من نور يا ليلى” كلمات يعاتبها لإحساسه بوحشته في ظلماته، حتى أن المفتش “بورخا” يخبره باللاجديد، كذلك الخواء الذي يشعر به Vacuity في فضاءاته، “الموبوءة بالحب” مدلول لعبارة حُبلى بطاعون الحب المحكوم عليه بالإعدام بعد اختفائها، مرت عشرة أيام وهو خالي الوفاض متشبث بجدائل الذكريات ونثار آلهة نبيلة تحولت لشبح غامض، مازال يدون مذكراته بلا جدوى لأوبتها، رجال الشرطة اعتبروه المشتبه الأول والأخير – هو بالنسبة إليهم قاتل مجنون أو مُختل تائه، Nihilism أو العدمية التي تُعتق أغوار الضياع بالنسبة لأي عربيّ بتلك البلاد التي كانت أقطار أجداده آنفاً، التقافز ( Metamorphosis) بين الحدود الجغرافية للنفس قيد حكم الإعدام إلى وصف تغير الطبيعةالمكانية للبلاد بأسبانيا وفق ألوان اللافتات – بين عراقة التاريخ وقذارة الحاضر، “رمقت العلم الأسباني المتربص بالمارة بهدوء” هي ثيمة الإثارة والتخويف Theme of Apprehension and Intimidation في بؤرة الصراع الداخلي للشخصية المتحدثة لساردنا (جلال) والصراع الخارجي الذي يتعاظم، “مشهدية مركز شرطة غرناطة” عندما كان بورخا يتصنع الحزن لإخباره بعدم وجود جثة ولا يوجد هناك أية بادرة أمل لاتصال بالعثور على شئ غير معتاد، (ليلى) هي زوجة جلال الغائبة على حين غرة كأنها ذابت أو تخطفتها الكائنات الفضائية بمعية هاتفها الخلوي و حقيبتها، بيد أنه أخبر المحقق بأنها قد تكون رحلت والأكثر غرابة أنها لم تترك أي نص ليستدل عليها وكذلك لا تتقن الاسبانية، إلتفاتة من الراوية عابرة في جسد الرواية بأن السبب هو خلل في العلاقة بين زوج وزوجة Marital Proximity Disturbance، تنقلنا الراوية الفذة لحقيقة أخرى تلهب احتدام الصراع النفسي وهو زيارته للمعالج النفسي بعد عرض الرُهاب والنسيان بذاكرته، أخذ يفتش عنها بين أروقة الطرقات حتى وصل لمطعم “تاباس” حيث وجد امرأة تكاد تكون عاريةوتتغنج لتجلس لجواره وسكن كل شيء في رأسه فجأة، ليستيقظ على رنة قصيرة من رقم مجهول ، سالمٌ كان في بيته يحتسي الخمر ويقارع الكؤوس ويلوث أرضية المسكن الأمر الذي سيغضب أورسولا، مازال الماضي التليد يطفو أمام ناظريه من ساح الجامع الأموي ونهرغوادلافير وغلالة أمه البيضاء، يظهر معدن الشقاء والإخاء والنخوة في حديثه مع رفيقه، لقد أخبره مجنون ليلى بقصة سرقته لها من زوجها الفنان النحات الذي أسماه “رجل المهمات الصعبة” ليتعجب سالمٌ من تلك الرواية، القفزة الروائية الأخرى “الفلاشباك” أربع سنوات للوراء لما رحلت والدته ولم يبق لديه أي شيء سوى جنون ليلى، ليحكي قصته لصديقه الذي ينتظر بشغف للأحداث من بداياتها، أخبره جلال بأنه لا يكاد يتذكر معايشة والده الراحل في ظروف غامضة بفنزويلا، فانتحبت زوجته (أم جلال) لرحيله مذاك الصبا أو حتى رغيف تنور تناوله معه ..لكنه يذكر الأم بمواويل أهازيجها التي أطربته وكانت مُضمخة بأوعاج فراق والده، ليكتنفه جده العجوز ويتسرب من المدرسة ليلعب الكرةويحرق أوراق الزيتون، حتى نال الشهادة الثانوية وتعلق بسيدة شرسة تكبره بأعوام ولكنها أرضت شبقه بتلك المرحلة لما كان بمدرسة الفنون، كانت تلك (عفاف) المرأة ثلاثينية لزوج كهل يتركها وحيدة لتطارح “جلال” الغرام في قبو منزله، حتى أوقعت بهما أمه الحانقة المولعة بابنها في حين أن عفاف كانت رؤوماً تبيع أساورها الذهبية لتشري له أقلام الفحم للمرسم، ليعقب الانفصال لوعة طيلة أربعة أعوام ويحاول أن رسل إياها منحوتاً للاعتذار ولم تعنُ له بادرة تجدد لأمل تارة أخرى، استمر في سرد قصصه الغرامية Love Affairs ، الذي هرع بعد الحرب لمنحوتات قبوه الملأى بتماثيل أنثوية لمن أسماها “نائلة” التي تمثل الشيطان والملاك في جسد واحد أو روحان تائهتان أو مخلوق سماوي وملاك حارس في آن معا.. كأنه شاب عابث معتوه فاقد لبوصلته، “ليلى” زوجوها ابن عمها عنوة كما قال وهو يملك صوراً لها بألوان الزيت، ظهر في المشهد ..(أوليفيه) صاحب الجاليري الذي كان قد طلب منه مجموعة أعمال قبل سفره لرواندا مع ليلى لكنّ إلهامه قد ذهب مع اختفائها وصوت نشيجها، قفزة أخرى في طريقه لما رأى تلك راقصة الفلامنغو التي ترتدي ذاك الفستان ذوالكشاكشة الحمراء.. عصفَ ذهنه لذكرى رغبة ليلى لزيارة قصر الحمراء حيث كهوف الغجر الأوائل ويكأنه يرى حبيبته ترتدي ذاك الرداء الرقيق الأبيض وحذاءها الأزرق وهي تبدو سائحة في مطعم (كارمن ديلفكتوريا) وقد شعرت بوعثاء الترحال ولم تعد تريد التاباس ليحتضنها بأنامله ويدثرها، يعيش على ذكرى عطرها الذي عبأ المكان بعبق لا ينمحي.. للأماكن أرواح.. هناك في سكرامنتو تناولوا كل أصناف التاباس والطعام الأندلسي والعربي،
في ساح مطعم “النجرو روسا” يتذكر الأطعمة من بايلا الأرز والقريدس ولحم المشمش ثم كلماتها “أنا سعيدة جداً لدرجة الموت”، حتى أوليفيه كان يرثي لحاله بعد فقد زوجته، هو يدرك بأن لديه حلما سيُعرض بين أسبوعين “الوجع السوري بين ديتوريس وبوكاسو” ، لابد أن يستفيق من كبوته ويعزز الوصل مع أوليفيه، انتظر استجابة سالم لرسائله وكذلك لا يدري بما سيخبر بورخا، براعة الروائية في الوصف الدقيق Meticulous Depiction للبيئة المكانية و(الانتقال الزمكاني)، ليقابل في طريق عودته للمنزل المغربيّ أبو محمود الفضوليّ، ليتفاجئ بذاك الصندوق الأحمر الذي يقصد حبيبته المفقودة ومُغلف من أورسولا يحوي هاتفاً جوالا وبعض الالتزامات المالية على عاتقه، “جلال” كان متحفزاً ليرى ما بجعبة الصندوق وليست أقراص الشوك التي تلوكه لغياب المحبوبة.. إذا به يرتئي حذاء فلامنغو أحمر ينبش في روحه ويتدلى منها باط أحمر بليونة، كان يستذكر مشهدية أناهيد العشق المحرم بينه وبين ليلى التي عرف زوجها بلقاءاتهم السرية المجنونة في دُبي وعزم على الزوج منها رُغما عن زوجها، قرر العودة لاسبانيا، كانت تهوي في كنفه كنيزك بينما زوجها يعربد بحثاً عن الغانيات ..ثيمة المفارقة في العلاقات بين الطهر والخيانة Theme of Chastity VS Infidelity.. كانت تؤنب ضميرها لما تفعله في إطار “حضرة تاريخ ذكوري لا يرحمها” في حين بأن حبيبها يعتبرها “مذبحته الأبدية” فهما يموران عشقاً ويذوبان شوقاً، الصندوق الأسود وكشف المستور عن واقع الحب يكمن في معادلة رسمها “جلال” ( رحيق غريب –انقباض روح-صرخة حياة-سكينةُ روح)، جرب وحدة مفاتيحه مع خزانة الشارع الذي يحوي لوحاته ومنحوتاته ليضعها في المقاعد الخلفية، لكنّه في رحلته تلك الأثناء هُيئ له بأن رأس ليلى يقطر دماً في الجوار وكأنه يشعر بأنها في خطر محتدم قد يداهمها، وجد الزائرين (سالم – كاترينا) بعدما ركن سيارته بكراج بعيد عن القيصرية الأثرية ومازال يرضخ لعالم الأحزان حتى تسوايه صحبة من صديقه الذي أبرحه ضرباً ذي قبل، “مشهدية” الجمع في منزله لثلاثتهم وتلك الرومانية الجامحة ذات قصة الشعر الصبيانية والوشوم التي تعلو جيدها من زهور وجماجم وصدرها الذي ينفر ويتدلى منه صليب خشبي، توجهت لإعداد الطعام بينما الآخر يرص اللوحات التسع ويبادر بسماع مباراة كرة القدم وهو من مشجعين الفريق الألماني “بيرن ميونخ” بالتأكيد لأنه كان هناك ومن عشاق الألمان ضد “أتليتيكو مدريد” ، والمُضيف لا يشجع الكرة..”أنا مختلف جدا”.. مدلول على غرابة أطواره وشذوذه عما يعتاده غالبية البشر، “سالم” يتسامر معه ويحكي قصته بعد الحرب بهروبه لمدريد وما فعله النصاب المُهرب “علي” التركي الجنسية، أما جلال يشعر بأن روح أمه تطوف المكان بالمكدوس ومربيات الفاكهة والأطعمة الدمشقية حتى وجد تلك التي عربشت في وجيب قلبه، سالم (الموهبة الفذة عازف الهاندبان) وصف كل ما يحدث لهم”لعنة جوا سفري” وأيضاً استنكر تلك الفئة “المثليين” الذين يستخدمون ألوان قزح وهو براء منهم في حين اعتبره صديقه بطلنا السارد بأنها حرية في تلك المجتمعات، سالمٌ يخبرُ جلال بأن الهاتف الذي أرسلته أورسولا بشريحة لا يتم تعقبها ولعل الأمر له علاقة باختفاء زوجته ولا تريد الإفصاح، أضاف جلال إلى ارتداء زوجته لساعة رقمية(fitbit) قد تسهل العثور عليها لما تذكر، سالم كان متفاجئا بهذا التصريح لكن المتحدث لا يعلم ان كانت التي اختفت ترتديها أم لا، لأنها أحلام عابرة تراود ذاكرته بتلك الوقائع، الهلاوس التي تخاتل جاحظيه ومحجريه لليلى ترتدي الفستان الأبيض وتقف خلفه حينئذ مما أثار حفيظة وخوف سالم، لتخترق الرّومانية المكان حاملة دفتر مذكرات ليلى الأمر الذي أصاب جلال بمس من الجنون وأغلق بابه ليغط في سبات بجوار سرير همساته وأمنياته، ثم يستيقظ ليقرأ كلماتها ويعقبه مشهد ” إصيصي النباتات التي جفت عطشاً كعالمين فارغين من النبض والحياة”، ليقفز تارة أخرى في الزمن Flashback&Falshforward؛ ” أعلن نفسي جارية لنفسي وسيدة لنفسي وصاحبة لنفسي” كلماتها التي كتبتها لما حكت خيانة زوجها مع العديد من النساء، لنعود لمشهدية حديث سالم بعد استيقاظه وعزفه للغيتار بأهازيج أحبها جلال من أجل ليلى واحتساء القهوة المُرّة المُعتقة بنكرياتٍ تعلقت بأوداجه، استطرد في وصف مشهدية رحيله عن مسقط رأسه حيث ترك مقامات ابن عربي وقلبه دُفن تحت أحجار المسجد الأموي مصكوك بسيوف الغابرين ثمّ يأخذنا بين حروف مذكرات حبيبته عن قصر الحمراء أثناء نزهتهما بمشهديّة المتحف الإسلامي الرائع بنقوشه وأشجاره العتيقة العاشقة ورائحة الورد بقصر ناسريد، ثم زيارة الحجرة الشمسية، ثم الافصاح عن خططها لزيارة قاعة قمارش والاميرات ونافورة النمور والغرفة الذهبية وقصر تانديلا وقصر الملك يوسف الثالث، ” أنا باقية هنا.. رحلنا وبقيتُ أنا!” هي تلك العبارة مدلولها فجاعة الفراق بعدما اتبسمت لهما الحياة ونبت سماواهما، ليأتي مشهد الشقيقان الأموي والأندلسي على وشك تناول الفطائر بينما يتعهد الأموي بإتمام اللوحة حتى لا يزج في محاكمة بسبب عقده مع أوليفيه، الأندلسي (سالم) يخبره بأنه خائف من شيء ما في ذاكرته، مشهدية يوم المعرض مع الحضور المفتون بلوحاته وأخذ جلال وأوليفيه يعددان الانجازات في المراكز الثقافية والغاليريهات في أسبانيا، حتى ظهرت تلك السيدة التي رسمها منذ خمسة عشر عاما منصرمة في باريس كانت تساومه لأنها تموضعت أمام في مشهد عري يومئذٍ.. بُغية الحصول على تلك اللوحة بأي ثمن، ليفاجئها بأنها دمرت في قبوه بالأيام البائدة تحت الأنقاض، ” … لا تنسي قوته الاستعراضية الخارقة أمام سواك كالنعاج اللاهثات خلف الذبح” كان يقرأ رسائلها بمذكراتها وهي في حالة اضطراب وهي تخبر أمها عن أحلامها المفقودة ولم تجد إلا محاذيراً، تصحبنا الراوية خارج الحدود الجغرافية لشخص جلال إلى الحدود الداخلية الأسبانية بمطاعمها بشارع لوس تيمبالس وطبقه العريق الذي يقدمه، الرحلة بصحبة الرفيق سالم ليسأل عن أورسولا ، كان يشعر بتأنيب الضمير ويحدجه الذنب Theme of Conscientious Remorse تجاه سالم لأنه لم يخبره بأمر قراءته للمذكرات عشرات المرات أو ارتدائه لقميص أهدته ليلى أو أنه استبدل عقاقيره الخاصة بالإكتئاب بالبنادول، ليذهبا للماتادور ويتذكر الكولوسيوم في روما واستغرب من اكتراث كاترينا بالأمر الذي يشبه سفكاً للدماء، ” تذكرت لوحة جميلة رسمها بيكاسو لمحبوبته دورا على شكل ماتادور بقرنين ووبر يصارع رجلا بشكل همجي” لم يكن يكترث كرفيقيه بذاك المشهد بمدرج مصارعة الثيران للمصارع “توريه”،” خرجتُ من المسلخ الصغير إلى المسلخ الكبير” يبحثُ عنن قصيدة لبُكائيات “لوركا” الأسباني (رثاء لصديقه المصارع) الذي شبهه بصراع ما بين الموت والحياة وسطوة العقل وغلبة النهاية، ” ومتى كانت مشاهدُ الذبح هوايتي المفضلة يا سالم؟ وما أدراك بطبيبي الأحمق؟” استنكار من جلال أثناء جلسة المطعم بأن مشهدية المصارعة قد تذكره بالأحداث الماضية خاصة بعدما واجهه صديقه سالم بحقيقة علاقته بالمستأجرة أورسولا، هو بالفعل لاينسى ذاكرة الأجساد كما يتذكر رائحة تلك السيدة الطيبة ومذاق أنفاسها، كان اللقاء مع (أورسولا) في بار ‘ريكسا’ بجوار نهر أردو مروعاً لما صرحت له بأنه يطارحها الغرام وقد قتلا زوجته معاً وهي تتهرب من المحققين حول الحادث، سالم لا يصدق ما حدث ويؤكد عليه ضرورة تناول الدواء وممارسة كتابة يومياته ومتابعة الطبيب.. في حين أن الآخر يخبره بتحسن ذاكرته الآنيّة عدا بأنه يرى هلاوس لامرأة ملطخة بالدماء بثوبها الأبيض، “ليلى هي الوردة الجورية الوحيدة التي تجعلني حتى في غيابها مسجونا في انتظار لا ينتهي” هي تلك الذاكرة الهجينة التي تهيمن عليه وعلى منحوته الجديد، أوليفيه يؤمن بأن الابداع من رحم المعاناة وأي غموض في اختلال لشخصية جلال أو علة بسبب أصوله الناتئة من الحروب هما ما يجذبان الجماهير فهو Money Machine آلة تصنيع النقود، ينتقل المشهد إلى بورخا الذي يأمل بأن يحصل على جديد بعد انقضاء ثلاثة أشهر، يمتاز ذاك المحقق بأنه ساديٌ بارد لئيم، (فقدان الذاكرة الانفصال) هي إجابة المتَّهم للمحقق؛ وهو الذي باغته لاحقا بسؤاله عمّا إذا كانت زوجته بالأساس؟! ويحاول ساردنا جلال العثور على برهان حتى اختلق ذريعة بأن أوراق الاعتماد اختفت معها فقد تزوجا في دبيّ قبل العودة —وكأنه يكذب، (نحن كائنات هشة.. لايبق منا إلا ما انتقاه القدَر لنا من صنع هذه الأنامل الواهية.. منها نخلق وإليها نعود) بورخا يمطر عبَراً لجلال بأن الأثر لك يزول حتى بعد احتراق القيصرية، نوَّه له بحاجته لأية مستندات بطاقة هويتها أو قسيمة زواج لأنه مسجل أعزب لديهم وربما يكون هناك مجنون آخر قتلها!
ننتقل لمشهد عيادة دكتور دييغو؛ يخبره بأن مرضه هو نسيان معلوماته الشخصية حتى ينسى كل حياته للأبد، لا ينسى عطر امرأة ولكنه قد يرتحل من مكان لآخر ويغير هُويته!.. كان المشهد الآخر لثلاثتهم يتحدثون عن هوس الأسبان بتوربينات الرياح، في رحلته إلى بورخا لمتابعة التحقيق والذي أكد له بأنه ليلى العارف اختفت بعد مشاجرتهما بروندا، لمكن المحقق بات يشك بأنها زوجته بالفعل لأنه يدرك بأن ذاك المُختل الذي تزوره الهلاوس يهذي ولا يوجد إثبات بعلاقته تلك، فأراد البرهان على تلك الزيجة بأن يحضر إياه قسيثمة الزواج أو بطاقة الهوية، الأمر الذي بات صعباً بالنسبة إليه فقد يكون رجل المهام الصعبة (زوجها السابق) يملك تلك الأوراق المهمة، ظهرت “كاترينا” حبيبة سالم بشخصية المعالج النفسي وهي تدرك حيثيات الإيحاء المغناطيسي وهي مُخولة لأنها درست علم النفس الذي سيلجأ إليه طبيب جلال المرات القادمة ، صرحت إليه بأنها كانت تعرفه من مجلة مختصة بالفن والثقافة وبأنه لا يمكن أن يكون قاتلاً فهو عاشق ومرهف الحس، بالطبع يتخطف بعض الثوان ليختلي بتلك الكلمات التي كتبتها ليلى في يومياتها لما وصفته بأنه المسيطر الذي أطلق عاصفتها وباتت تغدو اعصاراً بلا ضوابط من أجل حبه، كاترينا وعدته بإجراء اختبارها بذاك الفندق “دون ميجيل” مساءاً ، المخطط المغادرة في اليوم التالي لغرناطة لما يبدأ معرضه الموعود الأهم في مسيرته الفنية وهو بالنسبة له موتٌ جديد ينتظر الخروج منه بأقل الخسائر، “مشهدية Hypnotism الايحاء المغناطيسي” الاستلقاء على وسادة طرية يدثر ببطانية صوفية وتدفئة مركزية وحالة استرخاء.. فتطلب كاترينا منه أن يتخيل بأنه يطفو على سطح بحيرة صافية ..هو وحده بلا أصوات حوله.. ثم حوض استحمام ساخن ملئ بالفقاعاتالنافذة برائحة الجوريّ….” لكنّه تخيل هزيم الريح العاصف من التوربينات تسري في خياله ويسرى بعمق ليصل مفترق المدينة؛ لكنّه تذكر ما حدث في رواية “سرفانتس” على ضوء شمعة قاحلة تهترئ في ظلمة كئيبة في هلوسات حيث يكون هو هناك واالدونكيشوت في هستريا العقل والوعي في مهمة لانقاذ الحبيبة..سينتحرُ “سانشو” البطل وحصان الدون وستنكسر فرشاته وتضمحل أصابعه ثم ذاك الأندلسي (سالم) بشعره الطويل الأجعد.. ثم ظل مشرق في الافق كأنه يردهُ ليشرب ماء بارد له ضجيج فيرى وجه ليلى باسمة كطفلة وتتغنى بصوت عال وجمال الطبيعة الخلابة لتترجّل ليلى من السيارة لتتراقص .. لا يتذكر إلا صوت ارتطام وجسدها بين ذراعيه مغطى بالدماء؛ ليستفيق في حالة ذعر ولكنه لم يخبرهما أي شيء لربما لم تكن كاترينا بدرجة الكفاءة، “سالم” يشرح لجلال ماهية التنويم المغناطيسي بأنه يجعل المنوِّمون يتسللون لأدمغنا لفك شيفرة الإدراك ببراعة في عمق الأفكار التي تصبح شبه مكشوفة وتكون ردود الفعل العضلية عفويّة، “عالقة أنا هنا في تلك اللحظة اللامرئية المعلقة في الحياد الفارغ بين الزمان والمكان…” كلمات يتلوها من مذكرات حبيبته متحدثة عن تلاقي الأرواح وذاك الخواء الذي كانت تشعره قبل عشقه… فهل هو من كانت تقصده أم زوجها السابق؟!.. في قرارة نفسه يتذكر كلمات طبيبه بأن مرضه قد يجعله شخصاً آخر ينفصم عن الواقع في كل مرة وقد ينسى هويته، أوليفيه كان يصنع له قطاع عريض من المعجبات عبر صفحات الفيسبوك المزيفة وقد تملكهم بتلك الأضواء قُبيل زيارة من يقله بسيارة الليموزين لأهم معرض في حياته.. فهو يعتبر ذاك هراء وفقاعة وهمية .. هنا ثيمة تُظلنا بها الروائية السامقة theme of Appearance VS Reality ما بين الواقع والظاهر، أثناء ذهابه كان يرى الجميع حتى أمه في أخيلته، عانقته ذكريات أصحاب الصور التي رسمها وبلدته القديمة وبأن ليده ابنة جميلة كأمها تتريض الركض بابتهاج بذاك الغاليري ويغمر المكان “موسيقى الكوكوباند” رغم الصخب وأصحاب المعارض الذين عرفهم من قبل بات لا يذكر أسماءهم فيما عدا أناقة أوليفيه الذي يتباهى بأعماله بازدهاء أمام الجميع..ترسم الروائية سيميائية شخصية أوليفيه ورونقه.. على النقيض نجده لم يتوانّ عن الاشادة بروعة البوهيمية في جلال؛ الذي كان تحت تأثير (الدِّيجافو) استذكار الماضي بين غرناطته ودمشقه، حتى جاء الغوث من سالم لما أخبره بحقيقة الطباخين للمطاعم الشهيرة ورغبتهما في شراء لوحة جلال بمقابل مادي سينسيه كل نساء العالم، يأتيه “بورخا” في المعرض وهو يجوس في المجون ليخبره بأنه وجد “جُثة” ويعتقد وجود صلة لك بها فهو مقبوض عليه آنذاك بتهمة القتل وكبل يديه ثمّ خرجا من الباب الخلفي… هنا نصل إلى الذروة Climax في تصعيد الأحداث.. جُلّ همّ جلال الحصول على دفتر ليلى ليحضره صديقه سالم له، المُحقق “أنخل” كان في استقباله أثناء إجراء التحقيق ولم يكن بورخا موجوداً ، لتنثال عليه الأسئلة ذاتها عن العلاقة مع ليلى وما قالته أورسولا عن علاقتهما الذي يعتبرها سقطة عابرة، ثم قضى يومان في الحبس بدون رفقة “سالم” مضرباً عن الطعام ولا يعرف سوى المحامي “سنيور إكزافير” وهو يترافع لاصحاب الثروات المشبوهة ووعده بأن يخرجه من ورطته حتى لو قتلها لأنه يدرك أسلوب “لعق العسل المسموم” وهي اللجوء لحقوق الإنسان لانهم يجبرونه على الاعتراف بدون أدلة جازمة، لكن المُتهم جلال يظنّ بأنه يستحق العقاب وهو من قتلها، “إكزافير” تقاضى مبلغا طائلا للترافع عن جلال وتبرئته أمام المحاكم الأندلسية، المحامي لا يكترث للمثول لحقيقة بأن موكله قد يكون الجاني الذي قتلها، كان بارعاً وضليعاً في إبعاد من وكّل عنهم ولن يقبل بأن يكون مصير جلال مشفى الأمراض العقلية ثم الانتحار، وليس هناك دليل سوى أقوال “أورسولا” وأمرها مفروغ منه بسبب معرفة محاميها أيضاً، وقد اتفق مع صديقه سالم” على الأقوال الذي سيشهد بها…الأمر الذي يصبغ التحايل على القانون Fraud بتلك المرابض.. لدرجة بأن الجاني المجرم قد تسوق لنجوميته الصحافة بالمجان ويؤلف سيرته الذاتية ويصبح شهيراً ، ” إنها سطوة الموتى على الأحياء” كلمات يسرها لنفسه والمحقق بورخا يرصّ صور الضحية المسجية أمامه ولكنها لم تكن “ليلى” وهو متأكد من ذلك، لكن “بورخا” استفزه بأنه يوجد تسجيلا لكاميرات الطريق من “روندا إلى ملقا” هناك حيثما تشادرا بمحطة البنزين ووجود الجثة بين اشجار الزيتون هناك وكذلك اعتراف أورسولا بأنهما تعاونا على دفنها ولكنها تستّرت عليه طيلة الفترة الفائتة لعشقها له، إبان تلك المواجهة انبلجت نوبة من الهلاوس مرة أخرى كأنه يسمع ويرى حفيف ثوب ليلى الأبيض ويسمع أبا محمود وهو واقف في الفيديو بجوار أورسولا دي غوزمان.
” كلانا يلاحق وحوشا” جلال – بورخا كأنهما ينحدران من جد أموي واحد؛ جلال يزج بهم في لوحاته وبورخا يزج بهم في السجون ليأتي إكزافيير وأمثاله من الفاسدين لتبرئتهم، “مشهدية السجن” مع النزلاء والرائحة التي تصيبه بالغثيان وشعر بأن روح آخر ملوك الأندلس تلبسته وهو مقيد بالسلاسل وطوق حول عنقه وينحني مقدما مفتاح الأندلس – جنة الله في الأرض ، حتى جاء مشهد الدكتور دييغو الذي سيخضعه لجلسة التنويم المنتظرة في عيادة السجن، “إيزابيلا”ذاك التنين المجنح على هيئة ممرضة تدثره ببطانية ثقيلة ويأمره الدكتور بالاسترخاء كما سبق وفعل مع كاترينا كأنه يعرف كل شيء من سالم – كان هذا في حضرة “بورخا” الذي يراقبه عن كثب ويطلع على أسلوب الطبيب المستحدث IBrain باستخدام موجات الالفا والبيتا لينتقل عبر الجهاز المثبت أمامهما ويتحول لصور في العقل الباطن، أخذ شهقة عميقة ثم نفث ببطء زفرة تقلّه لعالم يشعره بالهدوء حيث الغرفه النصف بيضاويه بقصر ” دون بوسكو” يندلق منه الحدائق الجميلة من الزعتر والحبق وتغص بالياسمين المنثور ويطل على نهر يعلوه جسر ” بوينتو نويفو” وكان يلاحق “ليلى” التي انبرت أمامه ليصل لمكان تتركه متجه لفتح باب خشبي هائل ويختفي أثرها ولما يصل ليفتح الباب يجد جوري ابيض على جسده ويلحظ أورسولا تهوي في الظلام (الشر) بحجر رملي غاص في الدماء رائحته كالحظيرة.. كانت تلك المرابض التي ترعرعت فيها ليلى، الاختبار لم يطرح جديداً في الأفق حتى جاء مشهد (المُحاكمة) أمام القاضية العجوز؛ كأن السيناريو الذي توقعه إكزافيير بصحبة “أوليفيه” سيصبح واقعاً، لقد أدرك الجميع شخصية المجني عليها (كارلا المسكينة) التي تضاهي في جمالها حبيبته ليلى وهي طالبة جامعية هربت في حالة عري من مكان يعج بالأثرياء كأنها كانت تفلت من براثنهم، كانت أورسولا مخمورة ومختلة لما دفعته لدهس تلك الفتاة بالسيارة وطمس ملامحها مستغلة حالة الاضطراب النفسي للمتهَم، الحضور لم يضمّ صديقه “سالم” بدون أية اسباب …المحكمة كانت بالنسبة له “المطهر” Purgatory خالياً من الذنوب .. مجرد شبح عائم لا جسد له.. كان لحكم بفترة نقاهة في بيمارستان بغرناطة، ثيمة الحيرة بعدما أطلق سراحه مُثخنة باللاءات والتخلي: لا جنة – لا جريمة – لا اوراق ثبوتية – لا إنسان؛ وذاك التخلي من أعز أصدقائه سالم الذي يصغره ولاذ لموسيقى الهانج في مكان سري والتخلي عن الرسم حتى استنكر الأمر “أوليفيه” وأخبره بأن يخلع عباءة عبداله الصغير .. يقصد التصومع والزهد، ” انتحرت الشجرتان اللتان كانت تسقيهما ليلى وعادا لحيادينهما اللونية…. سيتطهر المكان قريباً من همساتنا” يقصد نفسه وليلى وأورسولا؛ كأنه يلمح لتطهير الفوضى العارمة ليبذغ نور آخر في التفاتة للجماليات والتطهير Catharsis & Aesthetics .. وهو ملمح يخدم سير الأحداث في الرواية في طريقها إلى نقطة الاضاءة Anticlimax و Luminous Point ، لما ظهر سالمق فجأة مرة أخرى في هندام منمق على غير العادة ليخبره بأنه يعمل لحساب اوليفيه الذي نصحه بالسفر من أجل جلال ليحضر أوراق زواجه ويساعده في الكشف عن مكانها، اما “جلال” خنقته الصدمة لما علم بأن ملف القضية أغلق بمحاكم التفتيش ، هاقد أحضر له دفاترها وحذائها وساعتها ، ليخبره بأنه هو من أكمل مذكراتها اليومية بخط يده ورسوماته الفحميّة وكذلك الساعة ببطاقته الإئتمانية – كل ذلك يعزو لمرضه، وبأن ابا محمود لا وجود له ومتجره المغلق مهجور منذ سنوات ولكنّ ليلى حقيقة تحبه وموجودة وتتابع أخباره، كانت الصدمة في تلك الآلية الدرامية Dramaturgy والسخرية الدرامية ” كانت ذلك الخنجر الدمشقي القابع بين ضلوعي ليخفق بدلاً عن قلب استباحته بلا ضمائر، ” لم تقصد أن تترك وحدك في مطار شارل ديغول” تصريح من سالم بصدق حدس جلال لما استرجع ذاكرة تلك الومضة من الذاكرة لما تخلت ليلى عن جلال في “باريس”.
” أهذا أنت يا جلال؟ كيف حالك أنا آسفة سنتحدث لاحقاً عن كل شيء”.. آخر كلمات تتناهى لأسماعه من جوال آخر ناوله إياه سالم ليخبره بأنها عادت لزوجها في دبي والتقى بها وهي مازالت تحبه، جلال هاج وماج وأطرق حزينا كأنها مؤامرة تحاك ضدها حتى سمع صوتها، ليستشهد بأبيات شعرية لصديق له تلخص مأساته اختتمها بـ: ( لكنهم – وصراخ الذكريات صدى ؛ رحيلُهم – عربٌ والقلبُ أندلسُ) ومازال أبو محمود جاثماً أمامه يشرب كأس شاي مغربي لوحده ويهمس له…. ومن الحبِّ ما قتل!!
تحياتي للروائية الأيقونية العالمية الأستاذة كنانة عيسى … بقلمي : أحمد فاروق بيضون – مصر