بقلم أ. عزيز فيرم
تتقاطر إلى أسماعنا عديد المفردات والألفاظ بل أحيانا جملاً شاذة وغريبة ربما نسمعها للمرّة الأولى أو لمرات معدودات، بلغات أجنبيّة لكنها معرّبة تمّ إدخالها إلى قاموس لغتنا العربيّة ووجد كثيرٌ منها طريقه إلى التّداول والإنتشار بين المثقفين والعوام على حد سواء.
ولعل ترجمة كلمات أجنبيّة إلى العربيّة موضوع ليس بالجدّة بما كان، لكن اليوم ومع إنتشار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي وكذا زيادة أعداد من يكتبون سواء الكتب أو المقالات المنشورة وغيرها فإنّ كميّة تلك الألفاظ يزداد إمّا بنيّة أن يصنع القائل تميّزاً لنفسه بأن يدرج مصطلحات جديدة تنسب إليه أو من أجل إيصال فكرة ما في نفسه إلى المتلقي، لكن الأكيد أنّ هذا الأمر يزيد من قوّة وزخم ما نسمعه وما نقرأه اليوم وهو أمرٌ يطرح الكثير من الجدل في أوساط المهتمين بهذا الجانب.
فالفريق الذي يساند الفكرة يراها قيمة مضافة إلى قاموسنا العربي الثري بمفرداته ومترادفاته وهو ما يجعل لغتنا العربيّة اللّغة الأكثر تنوعا وثراءً بين لغات عالمنا المعاصر، وتزداد بذلك فرصة النّاس لإنتقاء كلمة أو أكثر أو بلغة أخرى تتعدد الخيارات لدى الكاتب أو المتكلم لبناء فكرته ويختار من القاموس الغني ما يحب، لكن على النقيض من ذلك هناك فريق ثانٍ يذهب حد إستهجان هذا التصرف الذي يجعل اللّغة العربيّة لغة هجينة غريبة المعنى والمبنى، إنهم يرون بأنّ العربيّة من دون تلك المفردات الدخيلة أفضل وأسلم لها، فهي اللّغة العاليّة التي تشمل مفرداتها كل شيء يريد المُتواصِل إبلاغه للآخرين.
وأنا أكتب هذه الأسطر، تذكرت بعض الإشتقاقات والمفردات التي حاول عرّابوها إدخالها خزانة عربيّتنا، والتي بحد ذاتها إنقسم الملاحظون والمهتمون بهذا الشأن إلى طائفتين(علما أنّ الفريقين من دعاة إدخال المشتق والمرادف)، الأولى ترى أن ما يضاف يعتبر نشازا وكلاماً لا معنى له ولا روح فيه عكس الأخرى التي تثمن ذلك الأمر بل وتشجع عليه.
يحضرني في هذا المقام بعض ممّا قيل في هذا الشأن ومن ذلك كلمة أدلجة وأدلوجة المشتقتان من إيديولوجيا، والأدب الترجذاتي أو الترجذاتيّة الذي يقصد به أدب الترجمة الذاتيّة أو أدب السيرة الذاتيّة، عطفا على الكلمات التي نقلت مباشرة من لغتها الأصليّة إلى العربيّة حرفيّا نحو(تليغراف/ تيليفون/ماكينة/ فاكس/ ماراثوني/ ….وغيرها كثير).
ونحن نعتقد بأن لغتنا العربيّة لغة عالميّة المدى قديمة الوجود ثريّة المعاني غزيرة الألفاظ، لم تنل مكانتها المرموقة لعدة أسباب لا نريد في هذا المقام الخوض فيها، ولكن ما أريد قوله بأنّ الإنفتاح على لغات أخرى وإدخال بعض المصطلحات منها خاصة تلك المتعلقة بالتكنولوجيا لن ينقص من وهجها وقوتها شيئا مع الحفاظ على موروثنا الأصيل الذي لن يحول ولن يزول وهي لغة القرآن كلام الله الكريم.