قراءة نقدية مزدوجة:
“القصيدة بين هيباتيا والمعلمة”
فقرة جمع بصيغة المفرد(مبدع/مشاكس/ناقدة)
المبدع حمد حاجي (تونس)
القصيدة: “وأعشق هيباتيا”(المعلمة).
المشاكس عمر دغرير(تونس)
المشاكسة :”كيف لمعلمة أن تحب راعي أغنام؟
أ- المشترك بين الابداع والمشاكسة:
– المعلمة.
ب- المختلف بين الابداع والمشاكسة:
1- المبدع حمد حاجي وهيباتيا المعلمة:
كعادته يختطف الشاعر حمد حاجي اللحظة الحاسمة في معيشه اليومي ليُطالعنا اليوم بمناسبة العودة المدرسية بقصيدته التي اتخذ لها عنوانا شاملا ” وأعشق هيباتيا”
وهيباتيا فيلسوفة من أصل يوناني ومولودة بمصر في القرن الرابع ميلادي وقد تخصصت في الفلسفة الافلاطونية المحدثة(1).
ويتناص اسم هيباتيا مع أسماء عدة كتب كتبت عنها منها:
– هيباتيا رواية للكاتب فكري فيصل.
– هيباتيا والحب الذي كان رواية ل داوود روفائيل.
-هيباتيا حياة فيلسوفة قديمة وأسطورتها ل ادوارد.ج.واتس (ترجمة صابرحباشة)
كما أقيمت لها عدّة تماثيل في عدة بلدان.
كل هذا الصيت الذي غمر هيباتيا الفيلسوفة جعل الشاعر حمد حاجي يعشقها ليجعلها عنوان شاملا لقصيدته.
وباعتبارها معلمة فلسفة وحكيمة فقد جسّد الشاعر رمزية حكمتها في المعلمة وهو العنوان الثاني لقصيدته (المعلمة) والمبدع جعل المعلمة اسما معرّفا ليرتقي بالمعلمة الى اسم العلم “هيباتيا” الذي استخدمه المبدع كناية عن المعلمة لما تحمله من رمزية..
هذه المعلمة التي عشقها الشاعر فانبرى يمجّد خصالها ويمدح كفاءتها في نشر نور العلم ويُثني على حسن سلوكها في التعامل مع أطفالها بالفصل بقلب الأمٌ لهم كل هذه الملامح الشخصية والعلمية جعلت الشاعر يعشقها فيقول:
وأعشقها
في لبوس البياض ووسط غبار الطباشير
تمشي كطير حمام..
قد اجتمع الطالبون حذاها
كما شمعة في احتراق
ومن حولها دكنة وظلام..
وتأخذ خيط ضياء.
وتغزل من لذيذ المعاني
وترسم فوق السبورة حلو الكلام..
وتهرق من طست شريانها في عقول العصافير..
فيا عجبي
كيف طير فهام…؟
وتقفل مئزر هذا
وتمشط شعرات هذيك..
كيف استوى للطيور نعيم النظام…؟
وأكثر من ذلك فان الشاعر حسب أنه الوحيد الذي تعشقها.
بيْد أنه يختم بقفلة كسرت أفق انتظار القارئ وجعلته لا يرى في المعلمة معشوقة الشاعر فحسب بل معشوقة الجماهير من مرتادي المدرسة(تلاميذ/ أولياء/ مربين..) فيقول:
يُحبُونها
وأخال وحيدا تعشّقتها بزماني..
فما كنت أول من حبّها يا كرام…
والشاعر لا يخفي عنا شعوره بالنخوة انتشاء بحب هذه المعلمة التي يحبها الكلٌ
ومن ناحية أخرى فالشاعر يرتقي بهذه المعلمة من ذاتية حبٌه لها الى الموضوعية التي يرى فيها المعلمة الرمز التي أحبها الجميع والمعلمة الأيقونة والمعلمة الأسطورة تماما كأسطورة المعلمة “هيباتيا” اليونانية.
لذلك جمعت القصيدة بين الاسطورة والواقع:
أسطورة هيباتيا وواقع المعلمة التي عشقها الشاعر حمد حاجي.
وفي هذا السياق ما رأي المشاكس عمردغرير في معشوقة المبدع حمد حاجي هيباتيا؟؟؟
2- المشاكس عمر دغرير والمعلمة:
أسند المشاكس عنوانا لمشاكسته “كيف لمعلمة أن تحبّ راعي أغنام؟”
انه عنوان استفهامي استنكاري .
فالمشاكس منذ عتبة العنوان ينظرللمبدع نظرة سلبية حين اعتبره “راعي أغنام” بمعناه السلبي.
فهو أساء للمبدع مرتين :
– مرة حين اعتبره “راعي أغنام” بالمعنى السلبي
– مرة أخرى حين استنكر حبّ “راعي أغنام” لمعلمة.
وبالتالي فالمشاكس يثير مشكلة الثقافة والتكافؤ الثقافي بين الحبيب والحبيبة.
ويستنكر أن يحب راعي أغنام معلمة.
وقد استخدم المشاكس مفردة معلمة اسما نكرة ليطلقه على أيّة معلمة فيقول:
أتذكر يوم جاءت الى الدشرة
وفي يدها محفظة من الجلد
تفوح منها رائحة الكتب و الاقلام
ويومها كانت رأتك
تقود الشياه الى الترعة
وكلبك (راكس) يرافقك في الأمام
رفيقك (راكس) يدلّ القطيع الى حيث شئت
ويحرسه من الوحوش
التي تظهر في الظلام
ان المشاكس يذكّر المبدع بالظروف التي تعرّف فيها على المعلمة التي سلبت عقله.
وفي هذا الاطار يثير المشاكس قضية شرط من شروط الحب وهو التكافؤ العلمي والثقافي .
والمشاكس لا يخفي عنا سخريته من المبدع “راعي الأغنام “حين جعل المعلمة تسخر منه حين قال:
أتذكر حين سألتك عن مدرسة
كنت تلميذا بها
وكانت لك ذكريات بكل الاقسام ..
ابتسمت في وجهها
وباشارة من يدك اليمنى أجبتها
دون أن تنبس ببنت كلام …
هنا يشهّر المشاكس بجهل المبدع “راعي الاغنام”
ان هذه الفجوات النصية قد تثير فضول القارئ ليستحضر قصة راعي الاغنام
وصاحبة الشهادة (2)
وتتلخص في الحوار التالي الذي قد يدعم به القارئ رأي المشاكس:
قال (راعي الأغنام) لها:أريد أن أخطبك.
قالت (صاحبة الشهادة العلمية) له: ما مستواك الدراسي؟
قال: أنا أرعى الغنم.
قالت :هل ترضى لأختك أن تتزوّج راعي غنم؟
ولعل القارئ هنا يستدرك تعاطفا مع المبدع “راعي الأغنام” ليستحضر حديثا نبويا قاله الرسول عن راعي الاغنام (3)
روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
“ما بعث الله نبيّا الا رعى الغنم فقال أصحابه : وأنت؟ فقال : نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكّة”
ويقول الحافظ ابن حجر:”قال العلماء : الحكمة في الهام الانبياء رعي الغنم قبل النبوة ان يحصل لهم التمرّن بأمر أمّتهمْ لانهم اذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرّقها في المرعى ونقلها من مسرح الى مسرح أحسن ودفع عدوّها من سبع وغيره كالسارق..وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها الى المعاهدة ألفُوا من ذلك الصبر على الأمّة…”(نفس المرجع(3)
وبالتالي فالحكمة من رعي الأنبياء للغنم حكمة تربوية.
وقد قال رسول الله:
بعث الله موسى وهو راعي غنم وبعث داوود وهو راعي غنم وبُعثتُ أنا أرعى
غنم أهلي باجياد.
وبالتالي فرعْيُ الأغنام يُعلّم القيادة ومسْك زمام الأمور وحسن تسييرها.
ومن ثمّ ما أراده المشاكس ذمّا للمبدع انقلب مدْحا له دون قصد المشاكس.
أوَبعْد كلّ ما استحضره القارئ في حق راعي الأغنام يُواصل المشاكس ويَخْتمُ مشاكسته بما بدأها في العنوان”كيف لمعلمة أن تحبّ راعي أغنام..؟”
وفي هذا الاطار فان المشاكس لا يخفي عنّا أمرين :
– عدم اعتباره لهكذا عمل “رعي الاغنام”باعتباره عملا يقوم به من لا يحمل شهادة علمية.
– تمجيده للعلم ولحامل الشهادة العلمية كالمعلمة.
بيْد أنه قد غاب عن المشاكس أن مهنة المعلمة ومهنة راعي الغنم تتقاطعان في قيادة المجموعة سواء المعلمة بفصلها أو راعي الأغنام بمرعاه.
وخلاصة القول فان مشاكسة عمر دغرير تتقاطع مع ابداع حمد حاجي في تمجيد المعلمة .
ولئن كان حمد حاجي يرى فيها المعلمة الاسطورة هيباتيا فعشقها
فان عمر دغرير رأى فيها الجانب العلمي الذي لا يرتقي اليه في الواقع “راعي الاغنام”
سلم القلمان ابداعا ومشاكسة أسطورة وواقعا هيباتيا والمعلمة.
بتاريخ 17/ 09/2024
المراجع:
https://diffah.alaraby.co.uk>diffah(1)
أسطورة هيباتيا في الفلسفة القديمة- ضفة ثالثة- العربي الجديد
https://www.ayam .news>..(2)
قصة الراعي وصاحبة الشهادة
https://www.islamweb.net>fatwa(3)
الحكمة في الهام الأنبياء رعي الغنم قبل النبوة- اسلام ويب
“وأعشق هيباتيا” (المبدع حمد حاجي)
“المعلمة ”
وأعشقها
في لبوس البياض ووَسْطَ غبار الطباشير
تمشي كطير حمام..
*************************************
قد اجتمع الطالبون حذاها
كما شمعة في احتراق
ومن حولها دَكنة وظلامْ..
************************************
وتأخذ خيط ضياء
وتغزلُ منه لذيذ المعاني
وترسم فوق السَّبُورَةِ حلو الكلام..
**************************************
وتهرق من طست شريانها في عقول العصافير…
فيا عجبي
كيف طير فِهَامُ …؟
********************************
وتقفل مئزر هذا
وتمشط شعرات هذيك…
كيف استوى للطيور نعيم النظام…؟
**********************************
يحبونها
وأخال وحيدا تعشقتها بزماني…
فما كنتُ أول من حبّها يا كرام..
( أ. حمد حاجي)
“””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
( المشاكس عمر دغرير)”كيف لمعلمة أن تحبّ راعي أغنام ؟”
أتذكر يوم جاءت إلى الدشرة
وفي يدها محفظة من الجلد
تفوح منها رائحة الكتب والأقلام
“””””””””””””””””””””””””””
ويومها كانت رأتك
تقود الشياه إلى الترعة
وكلبك (راكس) يرافقك في الأمام
“””””””””””””””””””””””””””””
رفيقك (راكس) يدل القطيع إلى حيث شئت
ويحرسه من الوحوش
التي تظهر في الظلام
“””””””””””””””””””””””””””””
أتذكر حين سألتك عن مدرسة
كنت تلميذا بها ,
وكانت لك ذكريات بكل الأقسامْ …
“”””””””””””””””””””””””””””
ابتسمتَ في وجهها ,
وبإشارة من يدك اليمنى أجبتها
دون أن تنبس ببنت كلامْ…
“””””””””””””””””””””””””””””””
تلك المعلمة سلبت عقلك,
ومن بعيد كنت تتابع
دخولها وخروجها بانتظامْ …
“”””””””””””””””””””””””””””
وما تجرأت يوما أن تبوح لها بحبك
خوفا من تقول :
كيف لمعلمة أن تحبّ راعي أغنامْ ….