مفترق طرق أم تقاطع جسور”
دلالة العين الساردة وتشظي الذات.
دراسة نقدية بقلم : ريم محمد
ل / رواية “ثالث ثلاثة ”
للأديب اللبناني” د. أشرف مسمار”
_______________________________________
ثالث ثلاثة ” تشظي الذات”
رواية للأديب اللبناني الطبيب أشرف مسمار
تقع في ٢٠٠ صفحة تقريباً وفصول متعددة، وهي رواية نفسية بامتياز، شخوصها الرئيسية متفرعة من شخصية واحدة متشظية لها الدور الأعظمي في رسم خطوط هذه الرواية.
“ثالث ثلاثة ” هي دلالة العين الساردة المتمحصة الناظرة بعمق لشخصية مركبة من مراحل شخصية واحدة :
وهي الطفلة نونو/ يم الشابة / ثم جيمس أو يام المتحول.
“ثالث ثلاثة هو ماتبقى منهم وماتمخض عنهم”
……………
الحبكة دائرية ، تبتدأ من مشهد النهاية ولكن بتفصيل أكثر، وإسهاب لم يترك تفصيلة، الزمان والمكان والمقاربة مع حدث تخييلي أو موروث من الماضي “، خلق فضاء مركب لرسم مشهد نهائي سينمائي يبرر لمشهد الانتحار أو القتل.” مشهد مدروس وكأنه مرئي” .
النقطة المضيئة الأولى :
_________________
الإهداء:
” أهدي هذا الكتاب إلى كل من تشظت روحه بمتاهات النفس، وإلى كل من ضاعت خطاه في درب الحياة”
……………
وهذا إهداء شامل لمكنون الرواية وكأنه نبذة مختصرة عن تشظياتها الفعلية.
المواضيع الأساسية التي عالجها الكاتب :
______________________________
الحروب وويلاتها/التهجير ومثالبه من هجرة غير شرعية /أزمة الإندماج بثقافات جديدة ومايتمخض عنها/ ثم والموضوع الأساسي الجندرية وتشعباتها بين الشرق والغرب، منشأها وظروفها ومقارباتها شرقاً وغرباً ابتداء بالشذوذ وانتهاء بالمثلية / الحرية المتصنعة التي عرضها الكاتب هناك في البلاد التي تتغنّى بإعطاء الحرية لكل راغب بها و انتهاءً بالسقطة الشنيعة أثناء تغيير الجنس ومانتج عنه من تشظ كبير أخلاقي ونفسي ومجتمعي وشخصي…
الشخصيات :
__________
الشخصيات الرئيسية: عبارة عن شخصية واحدة بمراحل عمرية مختلفة، وشكلية ونفسية أيضاً
★نونو الفتاة الصغيرة: التي تعاني عقدة” فقدان الأم الصدر الحنون وماينتج عنها من فقدان السند والألفة في منزل لم يعتد أي نوع من التعاطف وهذا ” انكسار أولي وأول تشظ في مرآة الروح.
★يم الشابة: الكارهة لوضعها ونفسها وانكسارها، والتي تربت ونمت بجو فوضوي غير ملائم لبناء شخصية أنثوية سليمة ، فاضطرت لكره قشرتها الخارجية ” الأنثى الضعيفة” وتلبّس ماليس فيها” تصنّع للقوة الرجولية “.
★ يام الشاب أو جيمس ” المتحول” والذي تمخض عن دمج الشخصيتين السابقتين معاً ليخرج للعلن شاب مشوه من الداخل ، تائه ولكنه رجل.
★فيرفالد : الشخصية التالية المؤثرة والتي حركت الأحداث إلى الذروة وكانت المقابلة لشخصية يم وجيمس.
★الشخصيات الثانوية:
– الأب والزوج
-القريبة نبال والتي تركت أثراً وأحدثت جرحاً
-الأصدقاء في رحلة التهجير ” سامي وسلمى”
– وبعض الشخصيات الأخرى.
أهمية الرسالة الثانية ص ١٢ حتى ص١٥
______________________________
فبالإضافة للطريقة الأدبية الشاعرية المميزة لغوياً وأسلوبياً، فقد كشفت لنا هذه الرسالة—والتي اعتبرها الذروة التصاعدية للحبكة- الضياع النفسي الذي عانت منه البطلة والذي دفعها للانتحار.
فقد أحبت أن تكونه، تكون هذا الرجل، بدّلت جسدها متحملة الآلام الشاقة، واكتشفت في النهاية أنها مخدوعة، كرهته بقدر ما أحبته وأرادت التخلص منه”.
بينما الرسالة الأولى والتي كتبت في المتن كشفت الضعف في الشخصية ومحاولة استجداء المشاعر من المحبوبة ” إيلينا”
دور إيلينا في تطور الأحداث التشابكي للرواية
___________________________________
إيلينا هي المحبوبة المفترضة للبطلة، هي المرآة العاكسة للجمال ، وبالبحث في شخصية يم المريضة ، نجد أنها “رغبة الكمال الأنثوي ” الذي تبغيه البطلة.
نعم هي فتاة، لكنها غير راضية عن ذلك، و لو كانت سترضى عن أنوثتها، فيجب أن تكون كهذه الفتاة
“إيلينا” وهذا كشفه سير الأحداث مستقبلاً وضياع الأمومة الذي كان كالصفعة التي أيقظت كل حواسها.
الشخصية الضعيفة المتشظية، عانت منذ الطفولة ” اعتداءات وتحرش، بغياب استيعاب الأب ودوره، بالإضافة للغياب الرهيب لدور الأمومة، والذي ترك عظيم الأثر في تقلبات هذه الشخصية وتغليف مشاعرها بغلافٍ من قسوة وكره لجنسها الأنثوي كونه “ضعيف” .
بحثت عن التعويض في قريبتها ” نبال”، لم تجده، بل على العكس تعرضت للتحرش، وهذا كان بداية السقطة والتشظي.
رواية مشوقة بتراتبية مذهلة، تؤكد على أن كاتبها يعرف كيف ينظّم بيته الداخلي بمهارة، وبخاصة أنه طبيب يعرف كيف يبحث عن أسباب المرض قبل علاجه.
عندي ملحوظتين فقط
*بعض الهنات اللغوية وهي بسيطة، بالإضافة لتساؤل صادفني،
كيف استطاعت البطلة ” يم” وفيما بعد” جيمس أو يام ”
الانسجام وتعلم اللغة بسهولة؟ ، أي كيف استطاعت التواصل دون صعوبات تذكر لغوياً مع” فيرفالد ” ونحن نعرف صعوبة الاندماج وتعلم اللغة وأن ذلك يحتاج وقتاً ليس بالقصير؟.
النقطة الثالثة:
بالنسبة للنهاية أجدها قد انتهت عند دخول أول موظف إلى مسرح الأحداث، والمقطع الذي تلاه برأيي لاداع له، فهذه التفسيرات من حق القارئ استنتاجها دون تدخل من الكاتب.
نهاية
الرواية رائعة متكاملة، تستحق الإبحار أكثر والتركيز على النواحي النفسية من وجهة نظر علم النفس و من مختصين،
كل التوفيق للصديق الكاتب الموهوب.
ريم محمد
سورية