في مثل هذا اليوم28 سبتمبر 551 ق.م..
ميلاد كونفوشيوس، فيلسوف صيني.
كونفوشيوس أو كُنفُشيُس (بالصينية: 孔夫子) هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى. ولقد كانت تعاليمه وفلسفته ذات تأثير عميق في الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية. ويلقب بنبي الصين.
وكان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان في القدم وراءها، أي كان في الماضي. وهو لذلك كان يحن إلى الماضي ويدعو الناس إلى الحياة فيه. ولكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة. وقد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين، عندما حكم الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا تعاليمه، ورأوا فيها نكسة مستمرة. لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها، بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء، ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت وانتشر تلاميذه وكهنته في كل مكان. واستمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً، أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.
أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلى سببين:
أولا: أنه كان صادقاً مخلصاً.
ثانياً: أنه شخص معقول ومعتدل وعملي، وهذا يتفق تماماً مع المزاج الصيني، بل هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفته في الصين. وهو بذلك كان قريباً منهم، فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يطوروها. وإنما هو أكد لهم كل ما يؤمنون به فوجدوا أنفسهم في تعاليمه، ولذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية. ولم تتجاوزها إلا إلى اليابان وكوريا.
ولكن هذه الفلسفة قد انحسرت تماماً عن الصين. بعد أن تحولت إلى الشيوعية واتجهت الصين نحو المستقبل وانتزعت نفسها من هذه الديانة وذلك بالبعد عن الماضي ومسالمة الناس في الداخل والخارج. ولكن تظل فلسفة كونفوشيوس هي التي حققت سلاماً وأمناً داخلياً أكثر من عشرين قرناً للصين. وقد فشلت الكونفوشيسية أن تترك أثراً يذكر خارج الصين.
لفظ اسم كونفوشيوس هو الصيغة اللاتينية لأسم الفيلسوف الصيني الكبير. كونغ فوتسو الذي يعني «الملك الفيلسوف» وتكتنف الأسطورة حياة كونفوشيوس المبكرة إلا أنه قيل إنه كان أشد الأولاد دمامة في الصين، أذناه مسطّحتان ضخمتان، وأنفه أفطس كأنف الملاكمين وأسنانه ناتئة وحادة، وقيل أيضاً. إنه كان منذ صغره ذكياً، بل مفرط الذكاء.
وفي شبابه التحق بخدمة الحكومة، وعمل طوال سنين بجدّ ونجاح في مهنته هذه. ولكن مع تقدّمه في السن بدأ يحسّ بالرغبة في تحسين نوع الحياة بين إخوانه بني البشر. إلا أنه لم يفكر في أن ذلك من شأن حكومة خيّرة كريمة تقدّم الإنعامات والهبات إلى الرعايا، بل إن على هؤلاء أنفسهم أن يحسّنوا نمط حياتهم ومواقفهم من جيرانهم، بالاختصار كان يودّ تنمية حس أفضل من المسؤولية الاجتماعية.
في حوالي سن الستين استقال من وظيفته، وأنشأ مدرسة يعلّم فيها تلاميذه أفكاره، تمهيداً لإرسالهم إلى الأرياف الصينية لنقل تعاليمه إلى سكانها، وكان مخططه كبيرا وطموحا، ويتناول الأخلاق، والواجبات العائلية، والإصلاح الاجتماعي، العلاقات الشخصية الفردية، ويقال إنه لم يدوِّن الكثير من آرائه وأفكاره كتابة، ولكن أتباعه فعلوا ذلك. ومن بين الأعمال التي تُعزى إلى تعاليمه «المنتخبات الأدبية»، وهي سجل محاضراته.
وكان كونفوشيوس محترماً جداَ في حياته، وهو أشهر الفلاسفة الصينيين على الإطلاق.
ومن أقواله في الرجل المتفوّق:
الرجل المتفوّق يودّ أن يكون بطيئاً في أقواله، وجادّاً في تصرّفه.
ما يبحث عنه الرجل المتفوق في نفسه، يبحث عنه الرجل العادي في الآخرين.
حياته
ولد كونفوشيوس أو كونك المعلم في عام 551 ق.م. في منطقة زو (鄒邑) بالقرب من تشيوفو الحالية بمقاطعة شاندونغ في شرق الصين. كانت المنطقة وقتها تخضع لسيطرة ملوك تشو، لكن بشكل مستقل تحت حكم اللوردات ليو المحليين. مات أبوه وهو طفل. فعاش مع أمه في فقر شديد. وعندما كبر عمل موظفاً في الحكومة. ثم اعتزل العمل الحكومي وبعدها أمضى ستة عشر عاماً من عمره يعظ الناس متنقلاً من مدينة إلى أخرى. وقد ألتف حوله عدد كبير من الناس، ولما بلغ الخمسين من عمره عاد إلى العمل في الحكومة. ولكن استطاع بعض الحاقدين عليه أن يطردوه من الحكومة، فترك لهم البلاد كلها. وأمضى بعد ذلك ثلاثة عشر عاماً مبشراً متجولاً. ثم عاد ليقيم في بلدته الخمس سنوات الأخيرة من عمره. وتوفى سنة 479ق.م.
وكان والد كونج في السبعين من عمره حين ولد له ولده، ومات حين بلغ ابنه سن الثالثة. وكان كنفوشيوس يعمل بعد الفراغ من المدرسة ليساعد على إعالة والدته، ولعله قد تعود في طفولته تلك الرزانة التي هي من خصائص كبار السن، والتي لازمته في كل خطوة خطاها طوال حياته. لكنه مع هذا وجد متسعاً من الوقت يحذق فيه الرماية والموسيقى؛ وبلغ من شدة ولعه بالموسيقى أنه كان يستمع مرة إلى لحن مطرب، فتأثر به تأثراً حمله على أن يمتنع عن أكل اللحوم، وظل بعدئذ ثلاثة أشهر لا يذوق فيها اللحم أبداً. ولم يكن يتفق اتفاقاً تاماً مع نيتشه في أن ثمة شيئاً من التناقض بين الفلسفة والزواج، ذلك أنه تزوج في التاسعة عشرة من عمره، ولكنه طلق زوجته وهو في الثالثة والعشرين، ويلوح أنه لم يتزوج بعدها أبداً. ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره بدأ يشتغل بالتعليم، واتخذ داره مدرسة له، وكان يتقاضى من تلاميذه ما يستطيعون أداءه من الرسوم مهما كانت قليلة. وكانت الموارد التي يشملها برنامجه ثلاثاً: التاريخ والشعر وآداب اللياقة.!!!