د. جبار خماط وتحولات منعم سعيد
شكرا ((منعم سعيد)) وفريقك الذي قدم عرضاً مسرحياً متقناً، قوامه سردية الجسد والصوت ، بروح شرقية مقاومة لسجنية الوجود والحروب . استعارات بالجسد تعالقت مع الموسيقى العراقية والعربيةن والشرقية ، ليشكلان نسقا مقاوما لكل اشكال الجبر والقيد .
تذكرت الجواهري حين قال :
كأن القيود في معصميه
مفاتيح مستقبل زاهر
مجموعة من الدمى الخيطية مصنوعة باتقان يغلب عليها اللون الابيض ، مع تكراره بعطيك احساسا بأن الدمى تشعر بالملل ، تريد تغيير مصائرها ، بعيدا عن سلطة المخرجة ، او محركة الدمى ، تعلن تمردها ، اريد ان اكون انسانا ، اشعر وافكر واتواصل ، حريتي اصنعها بداتي ، لا احد يحركني ، ولدت دمية مسلوبة الارادة ، قررت ان اتمرد ، اصبح انسانا !
ان تحويل مقاصد النص الى شفرات جسد ناطق بالحركة والتكوين ليس بالامر اليسير، يتطلب دربة ومطاولة تتناسب مع ايقاع الموسيقى ، تفاعلات الجسد بالحركة وايقاع الرقص التعبيري
اكسب العرض مرونة تواصلية ، فلا افتعال ولا ثرثرة جسدية ، بل وجدنا حسابا ايقاعيا لدى المخرج ، يراقب مساحات الجسد وايقاعات حركته ، فلا يعمل من دون ضابط دلالي، ساعدت في هذا الاتقان اختيار ذكي للموسيقى التي تفاعل معها الجمهور . بلاغة الصورة والمعنى نجدها في مشهد القارب ، يحمل مجموعة من البشر ، رائع جدا ، بليغ في صورته ، صوت المروحية ، اطلاق نار كثيف صوب القارب ، نجونا باعجوبة!
هكذا يقررون العودة الى وجودهم الاولي ، نعيش دمى في عالم نعرفه ، ينتظرنا الجميع ، نزرع ابتسامة ، اطفالا وكبارا يتفاعلون، لاننا نصنع حياة، ننكر الموت والخلافات والحروب !