حروب روما ..
رؤية قديمة وأخرى حديثة .. !
حسين الذكر
كل باحث في التاريخ يستخلص هيمنة روما على الأوضاع العالمية على طول الخط الممتد ما قبل القرن السابع قبل الميلاد حتى الحرب القائمة الان في لبنان وفلسطين التي لا تختلف عن جميع حروب روما السابقة التي كان فيها الغطاء كاهنا اعظم او ضمن معارك الصليب .. قد تتغير المسميات من اغريق الى رومان الى بيزنطينين الى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس الى أمريكا كلها تسير وفقا لهدى روما عسكريا امنيا معاهداتيا لا يختلف شيء عما كان يحدث تحت تلك العناوين .
في حرب التسعين التي تجمعت فيها دول العالم لتحرير الكويت من قبضة ( صدام ) الذي احتلها دون علم وزير دفاعه ورئيس اركان جيشه في رسالة واضحة المعالم .. سارعت الجيوش بغطاء مجلس الامن للاصطفاف وصب جام غضبها على الشعب العراقي وجيشه ومؤسساته ومنجزاته الاستراتيجية فيما لم يصب أي من قادة متخذي قرار احتلال الكويت بطلقة واحدة .
بعد ان دمر حلف روما ( او ما يسمى العالم المتحضر ) العراق وشعبه لم يكتف بذلك بل فرض حصارا منذ 1990 حتى اليوم .. اذ ما زالت فلسفته قائمة وان تغيرت المعالم والأساليب .. وقد حضرت جلسة نقاشية مصغرة عام 1991 لبعض المثقفين بعيدا عن اعين السلطات آنذاك لمناقشة أسباب وتداعيات الهزيمة النكراء ..
تحدث احدهم فيها قائلا : ( لقد ظل العراق يقاتل العالم وحده ولم تقدم أي مساعدة حتى من المناصرين الذين اكتفوا بالمظاهرات والشعارات التي لا تنجع في حرب التقنيات التي استخدمتها أمريكا لبعث رسائل واضحة للاخرين ) .
قال آخر : ( ان أمريكا نجحت في تقسيم الدول العربية الى محورين احدهم مع صدام والأخر ضده .. مما شجعه على عدم الانسحاب ومواصلة حرب غير متكافئة .. فلو كان العرب كلهم ضده لاقتنع وانسحب ولو كانوا كلهم معه يستحيل على أمريكا ان تنتصر .. هذا سبب مهم سعت وحققته أمريكا قبل الحرب ) .
حينما جاء دوري قلت : ( ان الهزيمة كانت معدة مسبقا ومفروغ منها .. لاسباب عدة منها غياب الايمان بالقضية .. وكذا التفوق العسكري سيما الجوي والصاروخي والإعلامي .. واذا ما ارادت أي امة دخول حرب ما ضد روما بمختلف مسمياتها .. لا سبيل للنصر الا عبر التفوق بالسلاح والمعنويات .. فالنصر لا يات بالتمني والدعوات .. ينبغي على الأمم التي تريد التخلص من ربقة الاستعمار الروماني عليها رفع مستوى حضارتها وانشاء مراكز بحثية تخصص لها ميزانيات الدولة وطاقات الحكومة .. يكون فيها الهدف واضح يتمثل بتسخير طاقات الامة لبلوغ مرحلة الردع والا فاي معركة دون ذلك ستكون خاسرة بشكل حتمي ) .
اليوم ونحن نعيش حرب غزة والضاحية مع إسرائيل مباشرة وامريكا ومحور المقاومة بصورة غير مباشرة .. القواعد لم تتغير سيما في الرد والرد المقابل .. صحيح هناك حراك ما خلف ستار الاستار خفي جدا وخيطي رفيع لا يرى بالعين المجردة ولا يسمع بالآذن الطبيعية ولا تفهم طبيعته بالسذاجة يدير ساحة الحرب ولي الايدي وفقا لسياسة التوازنات وتوزيع القوى المتبعة منذ الاف السنين .. حتما سيكون الردع ورفع المعنويات وحرفنة إدارة السياسات الظاهر منها والمستتر الذي لا ينفصل عن الايمان بالقضية قيد انملة هو وحده من يرسم خرائط النصر ويمتلك مقومات الحسم وان لم يكن نهائيا ..