النسر!
بقلم الدكتور د.سيد شعبان
أحقا هو إنسان مثلنا؛ يزرع الأرض، يبتني البيوت يختزن الحبوب لأيام الشتاء، يشاهد التلفاز ويمسك بهاتفه يتسلى، يجمع الأموال، يشتهي اللحم لايذهب الظن أبعد من هذا، أو لعله يقف أمام المرآة ينظر وجهه.
ربما يرى نفسه زعيما يهتف له الناس، ما الذي جعله متفردا؟
يقولون عن بطولات خارقة، تلك حالة مغايرة،.
يوم بلغ الفطام أحضروا له كبد أسد، توقد عقله اجترأ قلبه رضع من ثدي أمه مرارة النكبة، تفتحت عيناه على وطن سليب، كان حكي الأجداد عن حيفا ويافا وعسقلان واللد والقدس، مع عزالدين في يعبد وأحراش نابلس، في جبل النار كان الهوى!
تقاصرت تيجان وألقاب، سخر منها حنظلة، تتمايل خصور في معاطن قصور قوم سمنت رقابهم، تحسبه سيفا!
جاء ينخرها، أظهر نقصهم حين رفع يمينه، تقاصروا!
ينشد الراوي سيرة عنترة، أتمايل طربا، إنه أكبر، أتصفح هاتفي يقولون أشبه بتشي جيفارا، في بلاد الشمس يرونه الساموراي الأخير.
لو أسروه حيا لاشتهته نسوتهم بطلا!
أحقا كان نسرا في زمن السفوح؟
من يكون؟
يصيح شيخ يرتدي عمامة خضراء إنه سيدنا الخضر، مسبحته وثوبه،. قابل موسى وهبه عصاه، ومن يومها يتوكأ عليها، يخش بها أغنام قوم تاهوا في برية البيت الأبيض.
في المقاهي والمنتديات حديث عنه.
بل من طينة أخرى، عاف مطعم القوم، كره خنوعهم، حين كان الشيخ المبارك لازمه، تشرب الفداء، نفخ فيه من روحه، في باطن الأرض متسع لمن ضاق بهم ظهرها، فارس بلا جواد، لم يصالح من سرقوا مفتاح داره، حياته بين الشوك والقرنفل، بين عينيه تلوح شارة النصر، ذاقوا مرارة الهزيمة، نقبوا في البلاد بحثا عنه، يخرج إليهم، يصارعهم.
همته علو السماء، صاح فيهم:
لم تنته بطولات القعقاع، رواة السيرة دللوا أنه من نسل خالد، ففي الشام لبنى مخزوم آصرة، أي عصا تلك، تأفك ماصنعوا، كيد ساحر، يكفيك أن تخبر به، سنوار وكفى!