في مثل هذا اليوم 29 اكتوبر1914م..
الأسطول العثماني يقوم بشن غارة على ميناء نوفوروسيسك الروسي، مما أدى إلى إعلان روسيا الحرب على الدولة العثمانية بعد أيام، وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى.
شاركت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى بوصفها إحدى قوى المركز. ودخلت السلطنة الحرب بعد شن هجوم مفاجئ على ساحل البحر الأسود الروسي في 29 أكتوبر 1914، وردت روسيا بإعلان الحرب في 5 نوفمبر 1914. فقد حاربت القوات العثمانية الوفاق في البلقان ومسرح الشرق الأوسط في الحرب العالمية الأولى. كانت هزيمتها في الحرب سنة 1918 حاسمة في تفككها وانهيارها سنة 1921.
كارثة البلقان
وضع البلقان عشية حروب البلقان، بعد الحرب الإيطالية التركية سنة 1911 (على اليمين)، وبعد انتهاء حربي البلقان 1912-1913 (يسار)
الخلفية والوضع الاقتصادي
كانت الدولة العثمانية في حالة سيئة للغاية عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914. حيث عانت لتوها من خسائر فادحة للغاية في حروب البلقان من 1912 إلى 1913، وكان جيشها في خضم عملية إعادة تنظيم كبرى كانت تجري بناءً على النصائح الألمانية، ولكنها لم تسفر بعد عن النتائج المرجوة. فالخسائر الإقليمية الكبيرة التي تكبدتها منذ 1910 – بالإضافة إلى الخسائر السابقة منذ 1878 – في المعارك المختلفة التي هُزِم فيها، والنفقات العسكرية المستمرة بسبب كل من هذه الخسائر والقتال مع المتمردين وازدادت حالة الخزانة المالية للسلطنة صعوبة مع قتالها مع المتمردين الألبان والعرب.
أدت الخسائر المستمرة في الأراضي منذ 1878 إلى انخفاض عدد السكان الأوروبيين للإمبراطورية من نصف إلى خُمس العدد الإجمالي. وفي صراعات 1912 و 1913 فقدت الدولة 32.7٪ من أراضيها و 20٪ من سكانها.
وقع طلعت باشا اتفاقية سرية أخرى مع بلغاريا، تلزم البلدين بالدفاع عن بعضهما ضد أي عدوان من أي دولة من دول البلقان.
الدولة العثمانية والحرب
أهداف العثمانيين ومطالب القوى
أهداف العثمانيين من الحرب
الصدر الأعظم سعيد حليم باشا موقع التحالف الألماني العثماني في 1914.
من أسباب تورط الدولة العثمانية في الحرب هو رغبتها باسترداد أراض لها فقدتها في صراعات سابقة، وكذلك رغبتها بالتخلص من للقوى العظمى التي أجبرتها على منحها امتيازات. فقد أراد وزير الدفاع أنور باشا استعادة الأراضي في بحر إيجة والقوقاز، وكامل شبه الجزيرة العربية، وجزء من شمال إفريقيا. وكذلك سعي العثمانيين الطلب من ألمانيا لحمايتهم من روسيا منذ عهد بسمارك سببًا مهمًا للقرار العثماني بالارتباط بقوى المركز الأوروبية. بالنسبة لقادة جمعية الاتحاد والترقي، فقد اعتقدوا أن الحرب ستسمح للسلطنة بانتقال جذري إلى دولة حديثة ومنفردة عن أي تدخل أجنبي، وإلغاء الامتيازات المالية والتجارية التي حصلت عليها تلك القوى العظمى، وكذلك الحصول على دعم السكان.
في البداية تردد الألمان في ربط أنفسهم بدولة ضعيفة، إلا أنهم غيروا موقفهم بعدما أصبحت الحرب بين النمسا-المجر وصربيا أكثر احتمالية. كان الهدف هو الحصول على حلفاء جدد لتعزيز موقع النمسا-المجر في البلقان.
تجنبت المفاوضات بين العثمانيين وقوى المركز التطرق إلى الأهداف السابقة للحرب. ولكن سرعان مااصطدم مشروع الوحدة التركية لأنور باشا -وهو إعادة توحيد جميع السكان الناطقين بالتركية في دولة واحدة- مع الخطط الألمانية في القوقاز وآسيا.
في مفاوضات السلام مع روسيا سنة 1915 أعرب العثمانيون عن رغبتهم في رؤية تغيير في وضع مضائق البحر الأسود، المنصوص عليها في معاهدتي باريس 1856 وبرلين 1878؛ وكرروا رغبتهم في ذلك سنة 1916. وحاول الدبلوماسيون الألمان والأتراك خلال الأشهر الأولى من 1915 -قبل غزو المركز لوارسو – وفي سنة 1916 الاتفاق مع الروس حتى يخرجوهم من الصراع. لم يكن وضع مضائق البحر الأسود هي القضية الوحيدة التي اختلفت فيها قوى المركز مع الروس: فقد اختلفوا أيضًا حول الحدود مع إيران والتأثير الذي يجب أن يتمتع به العثمانيون والروس في هذا البلد؛ نوقش توزيع مناطق النفوذ وحتى الأراضي الإيرانية باستفاضة من قبل دبلوماسيي الدولتين العدوتين.
في 25 ديسمبر 1916 حدد وزير خارجية السلطنة الأهداف في حالة الانتصار في الحرب: استعادة الأراضي التي احتلها الحلفاء في 1914، وانهاء الاحتلال البريطاني لمصر وقبرص. بالإضافة إلى ذلك سعى العثمانيون إلى الحصول على موطئ قدم على شواطئ البحر الأسود الروسي، وبالخصوص ميناء كونستانتسا. لذا حاول القادة العثمانيون بدعم عسكري ألماني الحصول على تعويض إقليمي في جنوب القوقاز.
علاوة على ذلك أدى دخول بلغاريا الحرب إلى تغيير الوضع في منطقة البحر الأسود. وكان الملك فرديناند قد طالب بثمن لتحالفه مع قوى المركز بتنازلات إقليمية معينة في تراقيا على حساب العثمانيين.
وفي سنة 1918 مستغلين الهزيمة العسكرية الروسية، نجح الممثلون العثمانيون في إقناع الروس بإخلاء الأراضي العثمانية التي ما زالوا يحتلونها، وأبدوا رغبتهم في الحصول على مناطق شاسعة من القوقاز الروسي.
إلغاء الامتيازات الأجنبية
المقالة الرئيسة: الامتيازات الأجنبية في الدولة العثمانية
في 10 سبتمبر 1915 ألغى وزير الداخلية طلعت باشا الامتيازات الأجنبية، فثبت في نفس اليوم الصدر الأعظم سعيد حليم باشا ذلك الإلغاء (الذي له سلطة الإلغاء)، مما أنهى الامتيازات الخاصة التي كانت تمنح للمواطنين الأجانب. رفض أصحاب الامتيازات الاعتراف بعمله (باعتباره إجراء من جانب واحد). أعرب السفير الأمريكي عن وجهة نظر القوى العظمى بقوله:
«إن نظام الامتياز كما هو معمول به في السلطنة ليس مؤسسة مستقلة تابعة لها، ولكنه نتيجة لمعاهدات دولية واتفاقيات دبلوماسية وأفعال تعاقدية من أنواع مختلفة. وبالتالي لا يمكن تعديل أي جزء من أجزائه، ولا تلغيه الحكومة العثمانية بعد تفاهم مع الدول المتعاقدة. – هنري مورغنثاو.»
إلى جانب الامتيازات كانت هناك قضية أخرى تطورت معها، ألا وهي الدين والسيطرة المالية (استحداث إيرادات) على السلطنة، وهما متشابكين في ظل مؤسسة واحدة، حيث كان مجلس إدارتها يتألف من القوى العظمى بدلاً من العثمانيين. لا توجد سيادة على هذا الوضع. يمكن للدين العام أن يتدخل في شؤون الدولة بالفعل، لأنه سيطر على مامجموعه ربع إيرادات الدولة. كانت إدارة الدين العام العثماني هي التي تدير الدين، حيث امتدت سلطتها إلى البنك العثماني (وهو البنك المركزي للسلطنة).!!!!!!!!!!