الومضة الشعرية ومتعة الرمزية

شكرا أثيلا للناقدة التونسية القديرة الأستاذة جليلة المازني على تفضّلها بهذه القراءة العالية حقا، والتي جاءت على ما أقصده بأسلوبه

قراءة نقدية:
” الومضة الشعرية ومتعة الرمزية”
الشاعرة سليمى السرايري (تونس)
الناقدة جليلة المازني (تونس)
الباب الاول :”محطات عاشقة”.
الديوان “حين اشتهانا الغرق”
الومضة الشعرية (7) :
ا===========ا
ظلي رجل وسيم
ترك قلبه على أرصفة مدينة عاشقة
ا===========ا
القراءة النقدية:”الومضة الشعرية ومتعة الرمزية”
استهلت الشاعرة ومضتها الشعرية باستخدام أسلوب انزياحي دلالي قائم على الاستعارة (ظلي) فمن هو ظل الشاعرة؟
ثم باحت لنا بأن هذا الظل هو رجل وسيم.
ماهي رمزية الظل؟
ماهي رمزية الرجل الوسيم؟
والظل هو مقابل النور ولولا ضياء الشمس لما عرف الظل ولولا الظل لما عرفت الشمس والاشياء تعرف بأضدادها.
– والظل حسب عالم النفس السويسري كارل يونغ هو “مصطلح ليصف به الجوانب التي نختار اخفاءها في شخصياتنا فنكبُتها ونقمَعها لاعتقادنا ان المجتمع لن يتقبّلها.
ومشاعرنا تلك تعرف “بعواطف الظل”.ربما نعتقد انك تتقبل نفسك وتحبّ شخصيتك الحالية بصفاتها المختلفة لكن الحقيقة انك لا تدرك بالضرورة الجوانب التي تقمعها”(1).
– والظلال في الادب والفنّ تستخدم “لتمثيل الغموض وعدم اليقين في الحياة فهي بمثابة تذكير بأن كل شيء ليس كما يبدو وأن هناك دائما المزيد لاكتشافه تحت السطح”(2).
وفي هذا الاطار:
– هل أن الشاعرة تعتبر نفسها النور والضياء والآخر هو الظل والظلمة؟
– هل أن الشاعرة تعتبر أن هذا الظل هو عواطف الظل التي تخفيها؟
– هل أن الشاعرة تعتبر أن الحياة تجمع بين الغموض واليقين؟
يبدو أن الشاعرة تكشف لنا عن ظلها الذي اعتبرته رجلا وسيما.
وبالتالي فالمشاعر التي تخفيها والغموض الذي يكتنفُ حياتها هو هذا الحبيب الوسيم. فأيّة وسامة تشمل هذا الحبيب؟
الرجل الوسيم هو الرجل الجميل والجذّاب للمرأة.
ان الشاعرة تواصل لتكشف لنا عن هوية ظلها .
ان هذا الرجل الوسيم قد ترك قلبه قد “ترك قلبه على أرصفة مدينة عاشقة”
وفي هذا الاطار :
– لماذا ترك قلبه؟
– أية رمزية للأرصفة؟
– أية رمزية لمدينة عاشقة
1- ان هذا الرجل الوسيم حين ترك قلبه الذي له دلالته العاطفية فالقلب هو نبض الحياة وبه تتم الدورة الدموية التي تمْنحُنا الحياة .
وبالتالي حين ترك قلبه هل سُلبتْ منه الحياة؟
2- والأرصفة هي جمع رصيف.
والرصيف “يشير مصطلح الرصيف الى المنطقة المرصوفة من الطريق والمصممة خصيصا للمشاة وهو مأخوذ من الكلمة اللاتينية التي تعني” أرضية المدوسة”.” مُداس عليها” لأنها مخصصة للمشاة”(3).
والأرصفة ألوان وكل لون له دلالته:
– الرصيف الأصفر والأسود= ممنوع الوقوف.
– الرصيف الأبيض والأسود= مسموح الوقوف.
– الرصيف الأزرق والأبيض= محطة لصعود ونزول الركاب
– الرصيف الأبيض والأصفر= ممنوع الوقوف منعا باتا.
3- المدينة :بقطع النظر عن” عمرانها وأسواقها وحرفها وطرقها وحاراتها ومهنها وأزياء أهلها وعاداتهم وطقوس أفراحهم وأتراحهم.
فالمدينة هي رحم الثقافة المبدعة والمتجددة رغم وجود ترابط شديد بين الثقافة الموضوعية والثقافة الابداعية”(4).
وتحتاج المدينة الى توفير شعور بالانتماء ومكان وهوية للتواصل.
وفي هذا السياق فان قرينة القلب وقرينة “عاشقة” تؤشران على أن المدينة محمولة على المجاز.
لعلها ترمز الى المرأة الحبيبة التي كان الرجل الوسيم ظلها.
إن الشاعرة قد كنّتْ عن المرأة الحبيبة بالمدينة في معمارها الجسدي الأنيق
الذي أثار هذا الرجل الوسيم ظلها ليترك قلبه.
وأكثر من ذلك فهي رحم الثقافة الابداعية المتجددة وبعبارة أخرى هي ملهمة ظلها الرجل الوسيم وهي مصدر وحيه بكل إبداع باعتبار ان ظلها ملازم لها.
أما عن الأرصفة بمختلف ألوانها لعلها ترمز بها الى مختلف مشاعرها في التعامل مع ظلها الرجل الوسيم الذي شغف بها وتشبّث قلبه بمشاعرها وتركه ملازما لمشاعرها على اختلافها فهو يقبلها في وحدتها وتعدّدها.
ان الشاعرة قد استخدمت أسلوبا انزياحيا دلاليا قائما على الكناية لتشي لنا بملازمة حبيبها الرجل الوسيم ملازمة الظل لها وملازمة القلب لمشاعرها وملازمة الأرصفة لمدينة عاشقة.
ان الشاعرة سليمى السرايري قد جعلها هذا الأسلوب الانزياحي الدلالي ترتقي بالمرأة الحبيبة الى الميثالية لوترتقي بمدينة عاشقة الى المدينة الفاضلة للفارابي.
سلم قلم الشاعرة سليمى السرايري الذي جعل ومضتها الشعرية محكومة بثنائية الايجاز لفظا والايحاء معنى.
بتاريخ 18/ 11/ 2024
المراجع:
https:/www.ajnet.me>miscellaneous(1)
“عواطف الظل”..كيف تتحكم فيك المشاعر التي تتعمد اخفاءها عن الآخرين.
https://fastercapital.com>topics>s..(2)
الرمزية في الظلال-FasterCapital
https://www.ef.com>blog>language(3)
المملكة المتحدة ضد الولايات المتحدة:العدو اللغوي(الجزء الثاني) مدونة
https://alarab.co.uk>..(4)
المدينة والثقافة | أحمد برقاوي- صحيفة العرب.

www.ajnet.me