في مثل هذا اليوم 21 نوفمبر1386م..
تيمورلنك يستولي على مدينة تفليس عاصمة مملكة جورجيا ويأسر ملكها باغرات الخامس.
تيمور (باللغة الجغتائية: تيمور يعني «حديد»؛ (13 رجب 737 هـ / 9 أبريل 1336) – (27 شعبان 807 هـ / 17 فبراير 1405)، سُمي لاحقًا تيمور غوركاني (باللغة الجغتائية: تيمور کورگن تيمور كوريغِن)، كان الفاتح التركي المغولي الذي أسس الإمبراطورية التيمورية في أفغانستان الحديثة وإيران وآسيا الوسطى وما حولها، وأصبح أول حاكم من السلالة التيمورية. كونه قائدًا لم يُهزم، يُعتبر على نطاق واسع أحد أعظم القادة العسكريين والتكتيكيين في التاريخ. يعتبر تيمور أيضًا راعيًا عظيمًا للفن والعمارة، إذ كان على صلة مع مثقفين مثل ابن خلدون وحافظ آبرو وبدأ في عهده عصر النهضة التيموري.
ولد في كونفدرالية بارلاس في بلاد ما وراء النهر (في أوزبكستان الحالية) في 9 أبريل 1336، سيطر تيمور على خانية جغتاي الغربية بحلول عام 1370. من تلك القاعدة، قاد حملات عسكرية عبر غرب وجنوب ووسط آسيا والقوقاز وجنوب روسيا، وبرز بصفته أقوى حاكم في العالم الإسلامي بعد أن هزم القبيلة الذهبية والدولة المملوكية في مصر وسوريا والإمبراطورية العثمانية الناشئة وسلطنة دلهي المتداعية في الهند. أسس تيمور الإمبراطورية التيمورية عبر هذه الفتوحات، لكنها تقسمت بعد وفاته بوقت قصير.
كان تيمور آخر الفاتحين البدو العظماء في السهوب الأوراسية، ومهدت إمبراطوريته الطريق لصعود إمبراطوريات البارود الإسلامي الأكثر تنظيمًا واستمرارية في القرنين السادس عشر والسابع عشر. كان تيمور من أصل تركي ومنغولي، ومن غير المحتمل أن يكون سليلًا مباشرًا من كليهما، لكنه يمتلك سلفًا مشتركًا مع جنكيز خان من جهة والده، في حين اقترح مؤلفون آخرون أن والدته قد تكون من نسل خان. من الواضح أنه سعى إلى التذرع بإرث الفتوحات الأخيرة خلال حياته. تصور تيمور استعادة إمبراطورية جنكيز خان المغولية (توفي عام 1227) ووفقًا لجيرارد شالياند، رأى نفسه وريثًا لجنكيز خان.
وفقا لبياتريس فوربس مانز، «استمر تيمور طوال حياته في تصوير نفسه في مراسلاته الرسمية على أنه المستعيد للحقوق الجنكيزية. برر حملاته الإيرانية والمملوكية والعثمانية بأنها إعادة فرض سيطرة المغول المشروعة على الأراضي التي استولى عليها المغتصبون. لجأ تيمور إلى الرموز واللغة الإسلامية ليضفي الشرعية على فتوحاته، وأشار إلى نفسه باسم «سيف الإسلام». كان راعيًا للمؤسسات التعليمية والدينية. أدخل جميع قادة بورجيجين تقريبًا إلى الإسلام خلال حياته. هزم تيمور فرسان الإسبتارية الصليبيين هزيمة ساحقة في حصار سميرنا، وأطلق على نفسه لقب الغازي. بحلول نهاية فترة حكمه، كان تيمور قد بسط سيطرته الكاملة على جميع بقايا خانية جغتاي والدولة الإلخانية والقبيلة الذهبية، ووصل به الأمر إلى محاولة إعادة حكم سلالة يوان في الصين.
كانت جيوش تيمور متعددة الأعراق تمامًا وذات رهبة في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأوروبا، وأدت حملاته إلى تدمير أجزاء كبيرة منها. يقدر العلماء أن حملاته العسكرية تسببت في مقتل 17 مليون شخص، أي ما يقارب نحو 5% من سكان العالم آنذاك. كانت خوارزم أكثر المناطق المحتلة معاناة بسبب حملاته، إذ ثارت ضده عدة مرات.
كان تيمور جد السلطان التيموري وعالم الفلك والرياضيات أولوغ بيك، الذي حكم آسيا الوسطى بين عامي 1411 و1449، والجد الأكبر لبابر (1483-1530) الذي يعد مؤسس إمبراطورية مغول الهند التي حكمت بعد ذلك كامل شبه القارة الهندية تقريبًا.
قام تيمور بتنظيم جيش ضخم معظمه من المغول، وبدأ يتطلع إلى بسط نفوذه، فاتجه إلى خوارزم، وغزاها أربع مرات بين عامي (773- 781 هـ/ 1372- 1379 م)، نجح في المرة الأخيرة في الاستيلاء عليها وضمها إلى بلاده، بعد أن أصابها الخراب والتدمير من جراء الهجوم المتواصل عليها، وفي أثناء هذه المدة نجح في السيطرة على صحراء القفجاق، والتي تمتد بين سيحون وبحيرة خوارزم وبحر الخزر (بحر القزوين).
ولَمَّا اضطربت أوضاع خراسان سنة (782هـ/ 1380م) بعث ابنه ميران شاه، وكان في الرابعة عشرة من عمره، فنجح في السيطرة على إقليم خراسان كله، وبحستان وأفغانستان، ثم اتجه في سنة (787هـ/ 1385م) إلى مازندران، فاستسلمت دون قتال، ثم انطلقت جيوش تيمورلنك تفتح أذربيجان، وتستولي على إقليم فارس، وتُغِير على أصفهان التي كانت قد ثارت على نوابه، وبلغ عدد القتلى فيها سبعين ألفًا، أقام تيمورلنك من جماجمهم عدة مآذن.
وفي سنة (790هـ/ 1388م) هاجم توختاميش خان بلاد القفجاق (بلاد ما وراء النهر)، وحرض أهالي أذربيجان على الثورة ضد تيمورلنك، وأعلنوا ولاءهم لتوختاميش، ونتيجة لتفاقم هذه الأحداث توقف تيمورلنك عن التوسع واتجه نحو أذربيجان لقمع الثورة، وما كاد يصلها حتى فرَّ توختاميش، ودخل تيمورلنك خوارزم وأحلَّ بها الخراب والتدمير إلى الحد الذي لم يعد فيها حائطٌ يُستراح تحت ظله، وظلت خرابًا خالية من السكان حتى أمر تيمورلنك بإعادة تعميرها سنة (793هـ/ 1391م).
ولَمَّا كرَّر توختاميش هجومه مرة أخرى على بلاد ما وراء النهر في سنة (791هـ/ 1389م) تعقَّبه تيمورلنك حتى أرض المغول وصحراء القفجاق وهزمه هزيمة منكرة ولم يكن تيمور لنك يتوقع الانتصار.
فتوحات في مناطق من آسيا والقوقاز
ولَمَّا رجع تيمورلنك ظافرًا من صحراء القفجاق سنة (794هـ/ 1392م)، وقد تخلص من توقتمش، أناب ابنه «ميران شاه» في حكم خراسان، وحفيده «بير محمد» في حكم غزنة وكابل، وقصد إيران في (رمضان 794هـ/ أغسطس 1392م) لإخماد الثورات التي شبَّت بها، وظل هناك خمس سنوات مشغولاً بقمع تلك الثورات. وتُسمَّى حروبه هذه بـ«هجوم السنين الخمس»، وبدأ حروبه بإخضاع «جرجان» و«مازندران»، ثم اتجه إلى العراق فخرب «واسط» و«البصرة» و«بغداد» و«الكوفة» وغيرهم، ثم واصل سيره فخرب ديار بكر وبلاد أرمينية والكرج (جورجيا)، ثم أراد مهاجمة الشام سنة 798هـ، فسمع بأن الملك المملوكي الظاهر برقوق قد خرج بجيش كبير من مصر فرجع إلى بلاده خائفاً.
لم يمكث تيمورلنك طويلاً في سمرقند بعد عودته الظافرة من الهند، واستعد للخروج ومواصلة الغزو، وانطلق في حملة كبيرة سُميت بحملة السنوات السبع (802 – 807هـ / 1399- 1405م) لمعاقبة المماليك لمساعدتهم أحمد الجلائري خان بغداد في حربه ضد تيمورلنك، وتأديب السلطان العثماني «بايزيد الأول» سلطان الدولة العثمانية الذي كان يحكم شرق آسيا الصغرى.
وبدأ تيمورلنك غزواته باكتساح قراباغ بين أرمينيا وأذربيجان فقتل وسبى. ثم توجه إلى تفليس عاصمة الكرج (بالقوقاز) ونهبها في جمادى الآخرة سنة (802هـ / 1399م) ثم توجه إلى سيواس في 5 محرم 803هـ، وقبض على مقاتلتها وهم ثلاثة آلاف نفر، فحفر لهم سرداباً وألقاهم فيه وطمهم بالتراب، ثم وضع السيف في أهل البلد وأخربها حتى محا رسومها. ثم سار إلى «عينتاب» ففتحها، واتجه إلى حلب، فسقطت بسبب رفض مماليك مصر مساعدة أهل الشام نتيجة صراعهم على الحكم. وبلغ عدد القتلى فيها عشرين ألفاً والأسرى أكثر من ثلاثمئة ألف.
وبعد عمليات النهب والحرق والسبي والتخريب التي قام بها تيمورلنك وجيشه اتجه إلى حماة والسلمية، ولم يكن حظهما بأحسن حال من حلب، وواصل زحفه إلى دمشق التي بذل أهلها جهودًا مستميتة في الدفاع عن مدينتهم، لكن ذلك لم يكن كافياً لمواجهة جيش جرار يقوده قائد محنك، فاضطروا إلى تسليم دمشق. ولمَّا دخل تيمورلنك المدينة أشعل فيها النار ثلاثة أيام حتى أتت على ما فيها، وأصبحت أطلالاً. وبعد أن أقام بها ثمانين يوماً، رحل عنها مصطحبًا أفضل علمائها وأمهر صُناعها، واتجه إلى طرابلس وبعلبك فدمرهما. وعند مروره على حلب أحرقها مرة ثانية وهدم أبراجها وقلعتها. ثم دمر ماردين، ولم تسلم منه الا مدينة حمص.
واتجه تيمورلنك بعد ذلك إلى بغداد، وكانت تحت حكم الجلائريين؛ فهاجمها هجومًا شديدًا، ودمر أسوارها، وأحرق بيوتها، وأوقع القتل بعشرات الآلاف من أهلها، ولم تستطع المدينة المنكوبة المقاومة فسقطت تحت وطأة الهجوم الكاسح في أيدي تيمورلنك. وألزم جميع من معه أن يأتيه كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهل بغداد. فكانت عدة من قتل في هذا اليوم من أهل بغداد تقريباً مئة ألف إنسان. وهذا سوى من قتل في أيام الحصار، وسوى من قتل في يوم دخول تيمور إلى بغداد، وسوى من ألقى نفسه في الدجلة فغرق، وهو أكثر من ذلك.
أسر السلطان العثماني
ولم تُشبِع هذه الانتصارات طموح تيمورلنك الجامح وإسرافه في الغزو وشغفه بفتح البلاد والمدن، فانطلق في سنة (804هـ / 1402م) نحو آسيا الصغرى فاقتحم «سيواس» والأناضول، واصطدم بالجيش العثماني بقيادة السلطان بايزيد الأول.
واستعد السلطان بايزيد لملاقاة الغازي الجامح الذي تقدم بجيش جرار قوامه 300 ألف جندي، وبعد أن استولى على سيواس والتقى بالجيش العثماني بقيادة السلطان بايزيد في معركة هائلة عُرفت باسم «معركة أنقرة» في (19 ذي الحجة 804هـ / 20 يوليو 1402 م)، وانهزم السلطان بايزيد هزيمة ساحقة بعد سلسلة من الخيانات لصالح تيمورلنك، ووقع في الأسر هو وأحد أبنائه، ولم يتحمل السلطان العثماني الأسر فمات كمدًا في (15 شعبان 805هـ / 10 مارس 1403م)، ثم نُقل جثمانه ليدفن في مدينة بورصة عاصمة العثمانيين، بينما كان تيمورلنك عائدًا بأسراه إلى عاصمته سمرقند.!!