في مثل هذا اليوم 21 نوفمبر 1290قبل الميلاد..
بعد معركة قادش وسنوات من النزاعات الحدودية الدامية، يوقع فرعون مصر رمسيس الثاني وملك الحيثيين حتوسيلي الثالث معاهدة السلام الحيثية المصرية، التي تعتبر أقدم معاهدة سلام معروفة.
معاهدة السلام الحيثية المصرية أُبرمت بين فرعون مصر رمسيس الثاني والملك الحيثي حاتوسيلي الثالث. وحسب معظم علماء المصريات فقد أبرمت في 1259 ق.م.، بل ويؤرخها يورگن فون بكرات في يوم 21 الشهر الأول من فصل پرت سنة 21 من عهد رمسيس الثاني (الذي بدأ في 31 مايو 1279 ق.م.)، أي أن تاريخ إبرامها هو 21 نوفمبر 1259 ق.م.، مؤذنة بالنهاية الرسمية للمفاوضات وقبول رمسيس الثاني بلوح فضي منقوش عليه بنود المعاهدة قدمه دبلوماسيون حيثيون. الموقع الذي تم فيه توقيع المعاهدة غير أكيد.
الهدف من المعاهدة كان إرساء علاقات سلمية والحفاظ عليها بين الطرفين. وهي أول اتفاقية دبلوماسية معروفة من الشرق الأدنى،وهي أقدم معاهدة مكتوبة باقية حتى اليوم (بالرغم من أنها ليست أقدم معاهدة معروفة).
وتسمى أحياناً معاهدة قادش، على اسم معركة قادش التي نشبت قبل ستة عشر عاماً، والمعاهدة نفسها لم تأت بسلام؛ بل في الواقع فإن “مناخاً من العداوة بين حتي ومصر استمر لسنين عديدة”، حتى تم توقيع معاهدة التحالف.
ففي مصر، فقد نـُقِشت على جدران المعابد بالهيروغليفية، بينما في العاصمة الحيثية حاتوشا (في ما هو اليوم تركيا) فقد حـُفِظت في ألواج طينية مخبوزة. وقد اكتشفتها الحفريات الأثرية في القصر الملكي الحيثي، ضمن الأرشيف الهائل.
النسخة المصرية من معاهدة السلام نُقِشت على جدران المعبد الجنائزي لرمسيس الثاني في طيبة. ترجمة النص تُظهِر أن هذا النقش قد تـُرجـِم من اللوح الفضي المـُعطى لرمسيس الثاني، والذي فـُقِد بعد ذلك عن أعين المؤرخين المعاصرين للحدث. الكتبة الذين نقشوا النسخة المصرية من المعاهدة ضمّنوا أوصاف للأشكال والأختام التي كانت على اللوح الآني من الجانب الحيثي. وثمة نسخة كاملة من النص الحيثي توجد حالياً في قسم الشرق القديم بالمتحف الأثري في اسطنبول.
في العام 1274 قبل الميلاد، شهدت مدينة قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي جنوب بحيرة حمص في سوريا، معركة قوية بين المصريين بقيادة الملك رمسيس الثاني والحيثيين بزعامة الملك مواتللي الثاني.
دخلت القوتان العظميان آنذاك بالعالم في حرب ضارية وإن كانت تعود إلى عهد الملك إخناتون، لكن لم تتمكن أي منهما من حسمها، ما دفعهما إلى توقيع معاهدة سلام بينهما حملت اسم (قادش) نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه.
وعلى جدران معبد الكرنك (جنوب مصر) جرى تسجيل تفاصيل معاهدة السلام بين المصريين القدماء والحيثيين، بعد تعادل الطرفين ولجوئهما إلى التصالح لإنهاء الصراع على النفوذ الذي كلف كلتا الإمبراطوريتين الكثير من الأرواح والخسائر.
سجلت معاهدة السلام بالخطين الحيثي على لوح من الفضة باسم الملك خاتوشيلي، والهيروغليفي على جدران معبدي الكرنك والرامسيوم في طيبة (الأقصر حاليا) في جنوب مصر.
والحيثيون هم شعب هندوأوروبي سكن في آسيا الصغرى وشمال بلاد الشام منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد، وشملت مملكتهم الأناضول وجزءا كبيرا من شمال غرب الهلال الخصيب.
عد وفاة الملك مواتللي تولى ابنه الحكم وبعد عدة سنوات من الحكم حل محله عمه الملك خاتوشيلي الثالث وانتهز رمسيس هذه الفرصة وتقدم نحو تونيب أو توشب واستولى عليها.
هنا بدأت قوة الأشوريين (شمال العراق حاليا) في إظهار نفوذهم وتهديد المناطق المصرية والحيثية، ما دفع الطرفان إلى توقيع معاهدة سلام بينهما، وذلك في العام الـ21 من حكم الملك رمسيس الثاني (حوالي 1258 ق.م).
لا تزال هناك نسخة من الطين لمعاهدة قادش، بعد أن نجت في العاصمة الحيثية حاتوسا حتوساس الموجودة جغرافيا في تركيا، ومعروضة في متحف الآثار في إسطنبول.
ويحتفظ المقر الدائم للأمم المتحدة كذلك بنسخة طبق الأصل لمعاهدة قادش كأول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ، حيث يتبين أن النسخ الحيثية منقوشة على ألواح الطين والمصرية مكتوبة على أوراق البردي.
بنود المعاهدة
بحسب كتابات الملك رمسيس الثاني، فإن مواتللي الثاني ملك الحيثيين هو من طلب الصلح مع الفراعنة، وبعيداً عن فكرة المبادر بالصلح فقد شملت المعاهدة مجموعة من البنود الهامة.
ركزت بنود معاهدة قادش على أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين المصرية والحيثية، والسعي إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضي كل منهما.
وتعهد الطرفان كذلك بإنهاء الصراعات العسكرية، وعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية، واللجوء إلى لعنة الآلهة كضمانة لهذه المعاهدة ومعاقبة الناكث بها.!!