عين على نص كيف أبني لهم خيمة للدكتور حمد حاجي / تونس
بقلم سعيدة بركاتي ✍️/ تونس
#القراءة
كيف ابني لهم خيمة ؟؟؟
عنوان فيه من حيرة الشاعر نكتشفها كلما تقدمنا في قراءة النص .
الخيمة لا تُبنى ، الخيمة تحتاج إلى أوتاد قوية حتى تصمد في وجه العواصف كانت ريحا او ثلجا …
و تحتاج إلى قماش متين لكي يقاوم سقفها الصقع و الثلج و المطر …
الشاعر دون ان يشعر عنون النص ” كيف أبني لهم خيمة !؟ ” سؤال فيه الحيرة و العجز ، فالفم فاغر .
كالعلج و هو الرجل الغليظ من كفار العجم .
و لنا عودة للعنوان …
في باطنه امنية ان يبني و هذا مما شاهده من دمار و ركام المباني التي سُويت و الأرض من وابل القذائف التي أُلقيت عليها ، قال أبني و لم يقل انصب الخيمة ، و بين الفعلين الديمومة للبناء ، و نصب الخيمة مؤقت .
ا=======
اولا: المشهدية والسياق الصورولوجي
ا=============
أ- المشهد وسؤال الصورة
ا=============
مشاهد النص اقترنت بأسئلة و بقسم
يقول الشاعر حمد حاجي :
فكيف وكيف …؟ أقول لهم اصبروا…؟ لم يعد في قلوبهم صبر ؟ عمَ يصبرون ؟ عن القصف و من تحت الأنقاض ، عن التهجير و جحافل الرحيل ، عن الشهداء ، عن العائلات التي أبيدت بالكامل ؟ عن و عن … من يريد ان يرى معنى المعاناة و المأساة و النكبة فليرحل إلى غزة ..
بجاه النبيء بربك قل” تكرر مرتين هذا القسم مستقلا ” :
كيف أُسكِتُ أطفال غزة بجاه النبيء بربك كيف
وصل إلى العجز التام على إعالة أطفال غزة ، يكرر السؤال ” كيف ” و يقرنه بالقسم بالنبي … كيف سيُسكت أطفال غزة ، نعم النص و كل ما احتوى من حيرة من معاناة و عجز هو عن أطفال غزة و المعاناة …
اطفال غزة لن يسكتوا إلا إذا توفرت لهم لقمة ساخنة في هذا الصقع ، و لن يسكتوا إلا إذا توفر لهم الحذاء و اللباس ، لن يسكتوا إلا إذا توفرت لهم أبسط الحاجات الأساسية للحياة ، جدران و سقف و أبسط مرافقه الصحية …” كيف أبني لهم خيمة”، هذا هو البناء الذي العقل الباطن للشاعر .
والجوع كالصــــــــــمت لا أحدٌ منهُ ينجــــــو…
ا==================
ب- الرمز والسياق التناصي
ا==================
مَا هي معاني الجوع الثلاثة؟
الجوع هو مصطلح له ثلاثة معاني في قاموس أوكسفورد الإنجليزي عام 1971.
* الشعور بعدم الارتياح أو الألم الناجم عن نقص الطعام؛ الرغبة الشديدة في تناول الطعام.
* كما أنه حالة الإرهاق الناجمة عن نقص الطعام.
* نقص أو ندرة الطعام في بلد ما في العالم .
عن الجوع يقول باولو فريري: الجوع منقسم بين من لا ينامون لأنهم جائعون، ومن لا ينامون لأنهم خائفون من الجائعين.”
البطن ليس له أذن تسمع ، و أشهر قولة عن الجوع للعجلوني :الجوع كافر، وقاتله من أهل الجنة .
فقد استعاذ النبي صلى اللَّه عليه وسلم من الجوع بقوله: اللَّهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، عن أبي هريرة، وحسنه الألباني.
فالنص يحتاج فيه الطفل إلى خيمة و لقمة ، مقابل هذا الصمت العربي . و بالرجوع إلى العنوان ، أليست الخيمة من اختراع أعراب أو عرب الصحراء ، و إن كانت المعلومة خاطئة بالرجاء تصحيحها ، رمزيتها في قماشها هي السترة و الحماية و هي قطعة واحدة ، و تحتاج كما قلت اعلاه إلى أوتاد ، لعل العرب هي الخيمة و اوتادها مواقفهم و كلمتهم ، لكن خيمة أهون من بيت العنكبوت …تتهاوى في صمت يكاد يخرس الآذان ، نعم صمت عالي جدا بحجم علو صراخ أطفال غزة و نحيب الثكالى و انين المفقودين تحت الركام .
ا===========
ثانيا: الآخر المتعدد وسؤال الهوية
ا===========
يقول الشاعر :
“ويرقد بالكَفَنِ الجارُ بالجنب والصاحبُ البرُ
والراقدون على القزِ أفتوا بكفر الجياع وصلوا وحجُوا”
الآخر … مهما كان نحن او الأنا ما هو بالأساس إلا رؤية هووية… تتموقع مكانها أين!؟
ا===========
أ- الواقعية الفائقة
ا===========
بالمقطع الآنف الذكر… الواقع… بين الموت المكثف ، موت حقيقي ” يرقد بالكفن ” و هو الجار بالجنب إشارة إلى البلدان التي لها حدود مع فلسطين ، و بين ” الراقدون على الحرير ” بون شااسع و لا سبيل للمقارنة بين ” الرقدتين ” ، إشارة إلى من يتبجحون بالدين و التقوى و ما خفي تحت جلابيبهم و عمائمهم كان اعظم .يخادعون انفسهم قبل العالم بصلاتهم و حجهم و مواعظهم و تقواهم المزيفة المصبوغة بالنفاق .
يقول الله تعالى :
يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. البقرة 9
و من يريد الحج إلى الله فليحج بقرب الفقراء و آكلي القمامة …
ا===============
ب- اللغة الكائن والصدى
ا===============
بقول الشاعر أ. حمد حاجي
“بجاه النبيء بربك كيف
أنا أكتب الشعر أو أرفع الصوت
أستنكر الصــــــــــقع أو أنا أهجو…”
ما بقي إلا الكلمة و صداها ، و تبلغ ما يشعر و يعاني منه أطفال الخيام المنكوبة ، فالكلمة رصاصة من نوع ثان حين تكون هادفة و تساند القضية ، ايا كان نوعها مقالا شذرة ومضة رواية … فنص الدكتور حمد وصف المشهد في هذه الأيام ، صور تناقلتها الأخبار عن المخيمات التي تهاوت و أغرقها المطر و أثقل سقفها الصقيع ، خيام تحتاج إلى اوتاد و قماش غليظ و متين ، فنطق قلمه و صدحت كلمته .
فحسبي أقول لهم أنَ
أخشاب خيمتِهم… ناشَ سِنْوَارُ جُنْدًا بها
ومسيرةً حين فروا وهجوا..
ا===========
ج- سؤال الدهشة الصورية
ا===========
قفلة النص كانت موجهة للراقدين على ” القز ” ، اكتفى فيها الشاعر بالقول : أن ” اخشاب ” خيمتهم هي أبطال تقاوم و تكافح ضد كل هذا الظلم .
روعة التشبيه بان مجرد أخشاب الخيم هي أبطال و هذه اشارة إلى أجسام الأطفال التي لم تعد مكسية لحما من شدة الجوع ، مازالت تقاوم ، و من رحم الأمهات الفلسطينيات ستولد الأبطال .
ا======
خاتمة
ا======
في رحلة عبر مشاهد القهر و الظلم و التجويع و التهجير بعين الشاعر الدكتور حمد حاجي حلقنا و للأسف في أجواء البؤس و الفقر المتقع و الخصاصة و الدمار الشامل ، نص تأرجح بين الجوع و وقع الصقع في مخيمات اللاجئين عامة و مخيمات غزة و أهلها و اطفالها خاصة .
سياسة يسلكها الظالم المستبد الصهيوني الغاشم تجاه العزل من الشعب الفلسطيني.
أخيرا تقول المدونة ليلى الرفاعي في مقال لها نُشر عبر الجزيرة نات تحت عنوان أيها الزائرون خيامنا :
بينَ الخيامِ نثرنا غضبنا ونزقنا الذي ما عاد يجدي غيرَ بقائنا على قيد الحياة؛ فقد أيقنّا بأنّ ابن الخيمة بغيرِ غضبٍ ميّتٌ، وصارَ همّنا كيفَ نخفّفُ سياطَ البردِ النّازلة على أجسادنا، وثقل وطأة الثلج التي تزعزعُ أركانَ بيتنا الجديد المتهالك، وكيفَ نحفرُ حولَ الخيمةِ أخاديدَ تشبه التي حفرها اللجوء في وجوهنا كي لا يقتحم دمعُ السماء المنهمر فراشنا الذي ما بقيَ لنا غيره.
بقلمي سعيدة بركاتي ✍️ تونس