فى مثل هذا اليوم 4ديسمبر2017م..
مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على يد مقاتلين من الحوثيين؛ أثناء فترة المعركة التي قامت في صنعاء.
علي عبد الله صالح (21 مارس 1947 – 4 ديسمبر 2017)، هو الرئيس السادس للجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) من عام 1978 وحتى عام 1990، وأصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية بعد توحيد شطري اليمن (الجنوبي والشمالي).
وصل إلى رأس السلطة في البلاد عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي بفترة قصيرة إذ تنحى عبد الكريم العرشي واستلم صالح رئاسة البلاد في فترة صعبة تم وصف نظامه بأنه كليبتوقراطي وتذيلت البلاد قائمة منظمة الشفافية الدولية المعنية بالفساد
تعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ عام 1978 حتى تنازل عن الحكم في 27 فبراير 2012، بعد احتجاجات 11 فبراير 2011 (ثورة الشباب اليمنية). يحمل رتبة المشير العسكرية، وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب.
سلم صالح السلطة بعد سنة كاملة من بدء احتجاجات فبراير 2011 بموجب «المبادرة الخليجية» الموقعة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والتي أقرت ضمن بنودها تسليم صالح للسلطة بعد إجراء انتخابات عامة كما أقرت لصالح حصانة من الملاحقة القانونية وأُقر قانون الحصانة في مجلس النواب اليمني واعتباره قانونًا سياديًا لا يجوز الطعن فيه وتولى نائبه عبد ربه منصور هادي رئاسة المرحلة الانتقالية.
في 28 نوفمبر 2017، وبعدما أعلن صالح فض تحالفه مع الحوثيين ونيته التفاوض مع التحالف، اتهم الحوثيون صالح بالخيانة، ونشب قتال بين صالح وأنصار الحوثي في معركة صنعاء. وفي 4 ديسمبر 2017، فجر الحوثيون منزل صالح مما أسفر عن مقتله. وأفادت تقارير أخرى أن صالح قتل أثناء محاولته الفرار من منزله بواسطة قناص حوثي.
النشأة
صالح بداية شبابه
ولد علي عبد الله صالح في 21 مارس 1947 في قرية بيت الأحمر بسنحان جنوب العاصمة صنعاء لعائلة فقيرة، وفقد والده مبكراً وتربى على يد زوج والدته في تلك القرية. كانت أسرته تعمل بالزراعة وهو نفسه كان يرعى الغنم وتنقلت أسرته بين القرى أيام الجفاف بحثا عن المرعى. التحق بـ«معلامة» القرية في سنه العاشرة وهو تعليم يقتصر على حفظ القرآن وتعلم الكتابة والتحق بصفوف الجيش الإمامي في سن السادسة عشرة. قبل التحاقه بالجيش، غادر صالح إلى مديرية قعطبة في محافظة إب حيث يتواجد أخاه الأكبر محمد وأراد الانضمام للجيش وهو في سن الثانية عشرة. التحق بالجيش الإمامي إلا أنه رُفض لصغر سنه ولكن وساطة قبلية حسب ما يروي صالح بنفسه مكنته من الالتحاق بالجيش ومن ثم لمدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشرة من عمره.
مع قيام ثورة 26 سبتمبر التحق علي عبد الله صالح هو وباقي أفراد قريته إلى القوات الجمهورية وكان صالح سائق مدرعة وكُلف بحماية مواقع للجيش الجمهوري في صنعاء. ورقي إلى مرتبة ملازم ثان عام 1963 شارك في الدفاع عن صنعاء بصف الجمهوريين أيام حصار السبعين. تدرج صالح في حياته العسكرية، حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات كقائد فصيلة دروع ثم كقائد سرية دروع وترفع إلى أركان حرب كتيبة دروع ثم قائد تسليح المدرعات تلاها كقائد كتيبة مدرعات إلى أن وصل إلى قائد للواء تعز عام 1975 ذلك وفقاً لسيرته الذاتية.
الطريق إلى السلطة
تدرج علي عبد الله صالح في رتب الجيش الجمهوري وبرز نجمه عقب الانقلاب الأبيض المسمى بحركة 13 يونيو الذي قام به الرئيس إبراهيم الحمدي لينهي حكم الرئيس عبد الرحمن الأرياني. عُيِّن علي عبد الله صالح قائداً للواء تعز برتبة رائد. بدأت حكومة الحمدي ببطء ولكن بخطىً ثابتة، بناء مؤسسات وتنفيذ برامج إنمائية على المستوى المحلي والخارجي. وكوّن حكومة من التكنوقراط. لم تكن كل الشرائح المجتمعية سعيدة بتوجهات الحمدي ومحاولته تغييب البنى التقليدية السائدة والالتزام بالمبادئ التي قامت من أجلها ثورة 26 سبتمبر فتم اغتياله في ظروف غامضة لم يُبت فيها.
تولى أحمد الغشمي رئاسة الجمهورية عقب اغتيال الحمدي ولم تمض ثمانية شهور حتى اغتيل الرئيس الجديد بحقيبة مفخخة لا يُعرف مصدرها على وجه التحديد إلا أن تكهنات تشير بضلوع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الحادث انتقاماً لابراهيم الحمدي. بعد مقتل الغشمي تولى عبد الكريم العرشي رئاسة الجمهورية مؤقتا، أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسا للجمهورية العربية اليمنية بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في 17 يوليو 1978 برتبة مقدم.
رئاسته
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصافحا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح
علي عبد الله صالح ويظهر بجانبه علي سالم البيض
أول قرار اتخذه في أكتوبر 1978 كان إعدام 21 شخصًا أدينوا بمحاولة الانقلاب على حكمه، عرف بانقلاب 15 أكتوبر 1978 (الانقلاب الناصري)، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من توليه الرئاسة، تمت ترقيته إلى عقيد عام 1979 وقام بتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام واستمر يرأسه عقب تنحيه من رئاسة الجمهورية أضعف سقوط الإتحاد السوفييتي موقف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فاتفق علي سالم البيض مع علي عبد الله صالح بعد سنوات من المفاوضات على الاتحاد واعتبار علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائباً للرئيس.
في عام 1990، عارض علي عبد الله صالح جلب قوات أجنبية لتحرير الكويت، ومرد معارضته هو خشيته أن تعرقل السعودية مسار الوحدة اليمنية فقد اعتقد صالح أن حليفًا مثل صدام حسين سيمكنه من خلق توازن في العلاقات اليمنية السعودية ولم تكن نية صالح موجهة ضد الكويت، فهو عارض الغزو العراقي ولكنه لم يوافق على جلب قوات أجنبية في نفس الوقت ولطالما كانت السعودية معارضة لوحدة اليمن بمختلف الأساليب والوسائل، وعدم انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي مرده حساسية السعودية من النظام الجمهوري في اليمن.
كانت هناك مباحثات بشأن الوحدة من 1979 وكلها فشلت فقد أثرت السعودية على قرارات شمال اليمن حينها بشأن الوحدة في كل جلسات المفاوضات وكان عبد الله بن حسين الأحمر من أبرز المعارضين للوحدة في 21 مايو 1990 أجمع مجلس الشورى على ترقية صالح إلى رتبة فريق، ورقي إلى رتبة مشير في 24 ديسمبر 1997 بعد إجماع مجلس النواب على ذلك.
عقب الوحدة اليمنية عام 1990، توترت العلاقات بين السعودية واليمن، واتهمت حكومة علي عبد الله صالح «جهات أجنبية» عام 1992 و 1993 بتدبير اغتيالات لمئات من السياسيين اليمنيين رداً على ذلك قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في عسير وبدأت مشروعاً بثلاثة بلايين دولار لتسوير الحدود وضخ الاستثمارات في جيزان ثم حاولوا عزل الحكومة اليمنية، كان اليمن قد وقع اتفاقاً حدوديًا مع سلطنة عمان فقامت السعودية بإثارة خلافها القديم مع السلطنة والضغط على مسقط لإلغاء الإتفاقية مع صنعاء. وقع علي عبد الله صالح على معاهدة عام 2000 ورسمت الحدود «رسميا» بموجبها.
عمل علي عبد الله صالح على إضعاف القيادات الجنوبية وتهميشها بحيث لا يكون للحزب الاشتراكي تأثير على البنية السياسية اليمنية وهو السبب الذي دفع الشطر الشمالي للبلاد بدعم من السعودية لنقض الاتفاقيات في عام 1972 ، 1973 ، 1979 و 1980 ولم تنجح الوحدة في دمج المؤسسات وصياغة دستور موحد وسياسات علي عبد الله صالح المحسوبية ساهمت في تفاقم الخلافات ودخلت البلاد حرباً أهلية وزاد من صعوبة الوضع سياسة اقتطاع الأراضي لمسؤولين ونخب قبلية من المحافظات الشمالية عقب الحرب كان قرار الوحدة فردياً من علي سالم البيض وينتمي البيض إلى محافظة حضرموت التي لم يكن لأبنائها أي نفوذ أو مراكز قوى تذكر في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وكان يخشى إزالته من أبناء لحج والضالع وأبين (محافظة عبد ربه منصور هادي) فرأى في الوحدة وسيلة للبقاء ولكن سرعان مانشبت الخلافات بينه وبين علي عبد الله صالح والخلاف الأكبر كان على طريقة إدارة صالح للبلاد.
في يوليو 2005 أعلن علي عبد الله صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى وأعاد نفس الخطاب أكثر من مرة. ولكن في مقابلة مع بي بي سي في 24 يونيو 2006 أعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات في شهر سبتمبر لإنها إرادة الشعب على حد تعبيره ورأى المراقبون أنها حركة لإظهار دعمه للديمقراطية أمام مؤسسة تحدي الألفية والبنك الدولي الذي أوقفا دعم اليمن بسبب تهم بالفساد والمحسوبية وإنشاء ديمقراطية زائفة نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريراً يُظهر تيقن الأميركيين أنه المسؤول عن فرار ثلاثة وعشرين مشتبه بالإرهاب من سجن الأمن المركزي في صنعاء في فبراير بعد عدة أسابيع من زيارة صالح لواشنطن وإبلاغ كونداليزا رايس والبنك الدولي صالح أن واشنطن لن تعتبره مرشحا شرعيا للانتخابات في 2006 وإبلاغه أن اليمن لم يعد مصدر قلق للولايات المتحدة بشأن الإرهاب صُنفت اليمن من أكثر دول العالم فساداً في كل تقارير منظمة الشفافية الدولية لعدة عقود متواصلة ومرد ذلك تفضيل نخب قبلية وربطهم به شخصيا في شبكة محسوبية واسعة فانقسمت البلاد إلى أربع مجموعات نخبوية. نخب القبائل والتي لها نصيب الأسد في القطاعات العسكرية، ومن ثم رجال الأعمال ووجهاء المناطق والنخبة المتعلمة والاثنان الآخيرتين أقل تأثيرا من النخب القبلية وترك كثير من رجال الأعمال البلاد لاختلاف نظرتهم مع صالح اليمن من أكثر بلدان العالم فساداً سياسياً واقتصادياً الموارد ليست مستغلة ونسبة من يعيشون تحت خط الفقر تقترب من النصف خلال فترة حكمه فالبلاد كانت على حافة الانهيار من عام 2007
قام صالح بتعيين أقاربه في مناصب عسكرية متعددة لضمان ولاء المؤسسة، في المقابل يكافئهم علي عبد الله صالح بعمولات مثل السماح لهم بمد آياديهم إلى احتياطيات الحكومة من النقد الأجنبي وتهريب الممنوعات إلى السوق السوداء، أقارب آخرين تولوا مناصب وزارية متعلقة بالتخطيط والعقارات والتأمين وآخرون استولوا على مشاريع عامة مثل شركة النفط الوطنية وخطوط الطيران، وكافأ آخرين عن طريق منحهم احتكاراً لتجارة التبغ وبناء الفنادق
الجيش اليمني
كان تأثير المؤسسة العسكرية واضح في إيصال صالح إلى السلطة حيث اختير في مقر القيادة العامة للجيش قبل ترشيحه وانتخابه، جاء الرئيس إلى السلطة على أساس خلفيته العسكرية نصر طه مصطفى، علي عبد الله صالح التجربة وآفاق المستقبل، ص 15</ref> في بداية حكمه كانت بعض قطاعات الجيش لا تدين له بالولاء حيث كانت الاتجاهات الفكرية والقومية واليسارية قد تغلغلت في أوساط الوحدات العسكرية، فيما كان الكثير من الضباط والجنود يدينون بالولاء للرئيس السابق إبراهيم الحمدي، فبعد أقل من ثلاثة أشهر من توليه السلطة، تورطت بعض الوحدات العسكرية في ترتيب انقلاب عسكري ناصري في 15 أكتوبر 1978، ولكنه فشل سريعاً لعدم فاعليتها في المواجهة المسلحة، وتم اعتقال مجموعة كبيرة من القيادات العسكرية والمدنية وآخرين المتهمين بالضلوع في المحاولة الإنقلابية، وقد أصدرت محكمة عسكرية ومحكمة أمن الدولة أحكام بإعدام البعض وإدانة وتبرئة آخرين، حيث أعدم 9 من العسكريين في 27 أكتوبر (أي بعد 12 يوم من محاولة الانقلاب)، فيما أعدم في 5 نوفمبر 12 شخص من قادة الانقلاب المدنيين، وحكم مؤبد على أحد المتهمين وتبرئة 115 من المتهمين، فيما صدر يوم 8 نوفمبر عفو رئاسي عن باقي المتهمين المدانين بالمشاركة وعددهم 67.
إعتمد صالح في بداية حكمه على عدد من الوحدات العسكرية التي يقودها أقرباؤه وفي المقدمة منها الفرقة الأولى مدرع والتي ظلت حتى 2012 تحت قيادة علي محسن الأحمر، أحد أهم العسكريين والذي تولى إحباط الانقلاب الناصري، إلا أنه بعد ذلك اتجه لبناء وحدة عسكرية أخرى هي قوات الحرس الجمهوري بقيادة الرائد (لواء في ما بعد) علي صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، وكانت مهمة الحرس تأمين دار الرئاسة وتنقلات الرئيس، وجرى توسيع وتطوير تلك القوات حتى أصبحت جيشاً قائماً بذاته لتشمل كافة مناطق اليمن وأنشئت وحدات جديدة تابعة لها أطلق عليها الحرس الخاص والقوات الخاصة (التي حظيت بدعم أميركي مباشر وقوي)، وجمعت كلها تحت قيادة واحدة أسندها صالح مؤخراً إلى نجله أحمد بعد عزل علي صالح الأحمر من قيادتها.
واسست وحدات عسكرية جديدة أهمها: اللواء الثامن صاعقة، الدفاع الجوي، الدفاع الساحلي، واتسعت ألوية المشاة وتسلم قيادة معظمها أقرباء وأبناء قبيلته وصار الرأس القائد لأهم تلك التكوينات على النحو التالي:
الفرقة الأولى مدرع، علي محسن الأحمر، من قبيلة وقرية الرئيس السابق صالح.
القوات الجوية، الرائد (لواء في ما بعد) محمد صالح الأحمر، أخ غير شقيق للرئيس السابق صالح.
الدفاع الجوي، محمد علي محسن الأحمر من قرية الرئيس السابق صالح.
اللواء الثالث مشاة مدعم بقيادة الرائد عبد الله القاضي، من قبيلة صالح.
اللواء 130 مشاة مدعم، بقيادة الرائد عبد الله فرج من قبيلة صالح.
معسكر خالد، وفيه اللواء الثاني مدرع (33 مدرع حالياً) بقيادة الرائد أحمد أحمد علي فرج ثم الرائد صالح علي أحمد الظنين، والاثنين من قبيلة صالح.
اللواء الثامن صاعقة، بقيادة الرائد محمد إسماعيل، من قبيلة صالح.
اللواء 56 المقدم، بقيادة أحمد إسماعيل أبو حورية من قبيلة صالح.
اللواء 1 مشاة جبلي، بقيادة الرائد مهدي مقولة، من قبيلة صالح، ثم تولى أركان حرب الشرطة العسكرية ثم قيادةالحرس الخاص.
قوات الأمن المركزي اليمني، وهي قوة ضاربة تتشكل من أكثر من عشرة ألوية تتمتع باستقلالية عن وزارة الداخلية، تسلم قيادتها المقدم محمد عبد الله صالح الشقيق الأكبر للرئيس، وورثه ابنه العقيد يحيى الذي شغل منصب أركان حرب الأمن المركزي حتى 2012، حيث تمتع بنفوذ حقيقي يفوق بكثير نفوذ قائد الأمن المركزي سابقاً العميد عبد الملك الطيب.# وأخيراً تشكل الأمن القومي اليمني وهو أمن مخابرات يتبع رئيس الجمهورية يملك مراكز احتجاز خاصة به غير مُعلنة وخارجه عن إطار القانون اليمني وكان يقوده وكيل الجهاز عمار محمد عبد الله صالح ابن أخ الرئيس السابق صالح، حيث تمتع بنفوذ حقيقي أكثر من رئيس الجهاز علي محمد الآنسي.
بدأ الجيش في الشمال يشهد مرحلة بناء جديدة تحت قيادة واحدة تدين بالولاء المطلق للرئيس صالح لأن معظمها من أقاربه وأبناء منطقته أو غير مسيسين ، مستفيدا من حالة الاستقرار الكبيرة نسبيا في فترة الثمانينيات، وتلاشي الأخطار الداخلية. حوّل صالح الجيش من مؤسسة وطنية إلى ما يشبه الإقطاع العائلي، أداره الرئيس السابق عبر شبكة من العلاقات الشخصية والمحسوبية القائمة على الولاء العصبي العائلي والقبلي وتبادل المنافع. وكان الالتحاق بالجيش وكلياته العسكرية امتيازًا تحظى قبيلة صالح والقبائل الموالية لها بالنصيب الأكبر منه. حكم علي عبد الله صالح بالاعتماد على تحالفات قبلية وربط زعماء القبائل اليمنية به شخصيا الترقيات والرتب العسكرية تمنح خارج معايير الأقدمية والتراتبية العسكرية، وأحيانًا كهبات بغرض المراضاة وكسب الولاءات، ويتم التعيين في المناصب القيادية على أساس الولاء وليس الكفاءة. وبعد حرب صيف 1994، مارس النظام السابق سلسة من الإجراءات والسياسات زادت من هشاشته المؤسسية، كان أهمها استبعاد الآلاف من الجنود والضباط المنتمين للمحافظات الجنوبية وإحالة العديد منهم إلى التقاعد الإجباري، ومنح من تبقي منهم مناصب إدارية أو استشارية ثانوية. وفي خطوة لاحقة، اتجه صالح لتسليم المناصب الحساسة في المؤسسة العسكرية والأمنية لجيل الشباب من أسرته تمهيدًا لمشروع التوريث، وكان ذلك بمثابة التصدع الرئيسي في نظام صالح؛ إذ أثار قراره حفيظة حلفائه القدامى من ذات القبيلة، وخلق انقسامًا غير معلن داخل الجيش، جاءت الثورة لتظهره وتخرجه للعلن.
أحكم صالح قبضته على الدولة كاملة والجيش خاصة بعد نجاحه في هزيمة حركة الانفصال، وظلت القيادة الفعلية في أيدي رجال منطقته. لكن «قانون الصعود والهبوط» بدأ يفرض حكمه على دولة صالح، وبدأ مشروع توريث الحكم لابنه أحمد يفرض أجندة أخرى ستنعكس مستقبلا سلبا على وحدة القيادة والجيش، وحتمت فكرة التوريث
وبدأت محاولات إخلاء الساحة من الشخصيات العسكرية القوية بكل الوسائل ومحاولات تصفيتها بعض الأوقات كما حدث في نزاع صعدة مع قائد الفرقة الأولى مدرع أو على الأقل إضعافها وأدخالها في حروب ومعارك والبلد في غنى عنها لتجفيف مصادر قوتها، وتفكيك أجزاء مؤسساتها العسكرية تدريجيا لمصلحة قوات الحرس الجمهوري التي سلمها صالح لابنه ، واعتمدت دون إعلان رسمي الجيش الحقيقي للبلاد، وسخرت لها الإمكانيات المالية الضخمة، وصفقات تسليح المتقدمة، وحظيت بالنصيب الأوفر من الدعم الدولي فنيا وتدريبا وخبرات
تاريخياً، كان الجيش اليمني بحاجة دائمة إلى دعم المليشيات القبلية أو ما أصبحت تعرف باسم (اللجان الشعبية) في حروبه الداخلية والخارجية، وعندما قامت ثورة 26 سبتمبر في الشمال لم ترث الدولة الوطنية عن المملكة الإمامية جيشاً وطنياً قوياً، يدرك رجال القبائل وشيوخها أن استمرار أدوارهم السياسية يتحدد في ضوء ما تتخذه الدولة من إجراءات في مجال بناء جيش قوي محترف وذي طابع مؤسسي ، لذلك ساهموا في تعويق مؤسسة الجيش، وإبقائه في حالة ضعف، وهو ما جعل الدولة بحاجة دائمة للاستعانة بالجيش الشعبي القبلي ولم يتم بناء جيش قوي قادر على خوض الصراعات والحروب بنجاح، وجه الرئيس السابق علي عبد الله صالح رسالة إلى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في 22 فبراير 1979، يطلب منه فيها تعبئة القوى القبلية والاستعداد لمواجهة الأوضاع المضطربة على الحدود.
لتعزيز مكان مشائخ القبائل في السلطة أنشأ علي عبد الله صالح في الثمانينات «مصلحة شؤون القبائل» لتقوم بنفس دور وزارة شؤون القبائل التي ألغاها الرئيس المغتال إبراهيم الحمدي في تنظيم توزيع الأموال على النخب القبلية، وأسس لها فروعا في كل محافظات اليمن، خلال حرب صيف 1994 كان للجان الشعبية دور هام في دعم الوحدات العسكرية الموالية للوحدة ولعلي عبد الله صالح، في معاركها ضد الوحدات العسكرية الموالية لنائبه علي سالم البيض، وبعد الحرب عممت «مصلحة شؤون القبائل» على المحافظات الجنوبية واعتمد للمدن والأحياء مشائخ وعقال حارات وهو ما لم تعرفة تلك المدن والمحافظات من قبل على الإطلاق. أستعان الجيش بالمليشيا القبلية في حروب صعدة الستة ضد المليشيات المتمردة «جماعة الحوثي» في محافظتي صعدة وعمران خلال الأعوام “2004 – 2009” واستعانت الحكومة بها مرة أخرى في محاربة تنظيم القاعدة وتم تشكيل فرق قبلية داعمة للجيش في مواجهة تنظيم القاعدة في 2010 في محافظة شبوة ومرة أخرى في محافظة أبين في الفترة “2011 – 2012″، حيث تمارس اللجان الشعبية في مناطق جنوب اليمن خاصة في محافظة أبين دور كبير في دعم الجيش لمحاربة القاعدة وبعض الأوقات تخوض المعارك بديلاً عنه.
في مقابل دعم المليشيات للنظام في حروبة خلاص العقود الأخيرة من القرن العشرين، منح النظام شيوخ القبائل أموالاً وأراضي وسيارات وعقارات، ومنح بعض شيوخ القبائل رتب عسكرية، ودرجات وظيفية في الجهاز الإداري للدولة، وخلال تلك الحروب حصلت القبائل على كمية كبيرة من الأسلحة، وتكتسب مشاركة المليشيات القبلية في الحرب الأهلية عام 1994 أهمية خاصة في هذا المجال، فقد حصلت على كميات كبيرة من الأسلحة من الوحدات العسكرية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح آنذاك، وغنمت كميات أُخرى من أسلحة الوحدات العسكرية الموالية لنائبه علي سالم البيض بعد هزيمتها، إلى درجة أن مخزونها من الأسلحة الخفيفة يفوق مخزون الحكومة، فقد قدر مخزن الحكومة من الأسلحة الخفيفة بحوالي 1,500,000 قطعة سلاح بينما قدر ما بيد القبائل بأكثر من 5 ملايين قطعة سلاح.
إنجازات اقتصادية
خلال ثلاث وثلاثين سنة من حكمه المطلق لبلاد اليمن بقيت البلاد على ما هي عليه تماماً من لحظة توليه السلطة عام 1978 وحتى 2012. قرابة 45% من المواطنين تحت خط الفقر وذلك من العام 2003. وقرابة 35% يعانون من البطالة وفق إحصاءات رسمية عام 2003 الدخل الحكومي لا يتجاوز سبعة مليارات يقابلها نفقات بضعف القيمة. نسبة الأمية تقارب 35% وبحسب بعض الإحصاءات فإن ما بين 18-20% من الأطفال دون الرابعة عشر يعملون في الشوارع. ما نسبته 55% من المواطنين يتمتع بمياه نظيفة. عدن، أحد أهم موانئ العالم مدينة لا يختلف اثنان على بؤسها حالياً. الماء أصبح سلعة نادرة في تعز وصنعاء مهددة بأن تكون أول عاصمة في العالم تعاني من الجفاف. حتى نظافة المدن وسفلتة الشوارع تحيط بها العديد من علامات الاستفهام الحديدة، ميناء يمني قديم ومدينة تجارية زاهرة في عصور قد خلت تعتبر اليوم من أكثر المدن اليمانية فقراً وما بها سوى ما تهالك بنائه أيام الرئيس إبراهيم الحمدي ، مأرب لا يوجد بها سوى شارع واحد وبضعة أبنية لا تتجاوز الثلاث طوابق تعد على أصابع اليد وسكان ريفها يشكون تجاهل الحكومة وإستيرادها للسلع من الخارج وتجاهل مزروعاتهم بل يتهمون الدولة بـ«محاربتها».
تراجعت زراعة وتصدير البن والفواكة والخضروات في اليمن لصالح القات وأصبح ما نسبته 80% من الغذاء في بلد هو الأكثر خصوبة في شبه الجزيرة العربية مستورداً وذلك عام 2010 بل إن واردات اليمن الزراعية أعلى من صادراته ورغم الملايين المقدمة من الخارج لعلي عبد الله صالح وحكومته لم تستطع البلاد أن تحقق الاكتفاء الذاتي زراعياً.
مقتله
معركة صنعاء 2017
قال المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام إن جماعته رصدت رسائل بين الإمارات العربية المتحدة وصالح قبل ثلاثة أشهر من وفاته. وقال عبد السلام لقناة الجزيرة القطرية إن هناك تواصلات بين صالح والإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول الأخرى مثل روسيا والأردن من خلال رسائل مشفرة. إنهار التحالف بين صالح والحوثي في أواخر عام 2017، مع وقوع اشتباكات مسلحة بين الطرفين في صنعاء في 28 نوفمبر. أعلن صالح انشقاقه عن جماعة الحوثي في بيان متلفز ألقاه في 2 ديسمبر، داعياً أنصاره لاستعادة البلاد وأعرب عن انفتاحه على الحوار مع التحالف الذي تقوده السعودية.
في 16 ربيع الأول 1439 هـ الموافق 4 ديسمبر 2017 قام الحوثيون بنشر مقطع فيديو لمجموعة من المقاتلين مع جثة صالح وبها طلقة نافذة في الرأس. تضاربت الأنباء عن مكان وطريقة مقتله، فنجله أحمد وسكان محليون قالوا أن مجموعة من المقاتلين الحوثيين هاجموا منزل والده وقتلوه في منزله حيث قاتل الحوثيين حتى قُتِل، وفجر المقاتلون المنزل. وصرحت وسائل الإعلام الإيرانية أنه قُتل في طريقه إلى مدينة مأرب، أثناء محاولته الفرار إلى الأراضي التي تسيطر عليها السعودية بعد أن قصفت قذيفة صاروخية سيارته وعطلت سيارته في كمين وأصيب بعد ذلك برصاصه في رأسه من قبل قناص حوثي، وهو ما نفاه حزبه. كما أسفر ذلك الهجوم عن مقتل أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا. وأفادت وكالة الأناضول نقلاً عن قيادي بحزب صالح، أن الحوثيين أعدموا «صالح» رمياً بالرصاص إثر توقيف موكبه قرب صنعاء بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحان وبني بهلول جنوب العاصمة.
وفي رواية أخرى للحادثة – وهي الأقرب للحقيقة من الروايات الأخرى – أورد الأمين العام لحزب المستقبل إسماعيل الجلعي في مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين اللبنانية وهو من الوسطاء المستقلين الذين قابلوا صالح ليلة مقتله أن علي عبد الله صالح قُتِل في منزله بعد أن رفض طلب الحوثيين بتسليم نفسه وقاتل حتى الموت. وقد عزز من صحة هذه الرواية تقرير لطبيب شرعي صدر لاحقاً ومن ضمن ماورد فيه التأكيد على أن صالح قُتِل في منزله وهو في وضعية دفاعية أثناء اشتباكه مع المهاجمين الحوثيين.
في الوقت نفسه، احتفل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بخبر وفاته ووصفه بأنه «يوم سقوط المؤامرة الخائنة». كما ذكر أنه «لا توجد مشكلة» بين مجموعته والمؤتمر الشعبي العام أو أعضاؤه. قدم عبد ربه منصور هادي تعازيه لوفاته ودعا إلى انتفاضة ضد الحوثيين. بينما اتهم الحوثيون الإمارات العربية المتحدة بسحب صالح إلى «هذا المصير المهين».
في 9 ديسمبر 2017 دُفن جثمان صالح في صنعاء، وفقا لأحد المسؤولين. وفقاً لأحد قادة الحوثيين، دُفن صالح في ظروف صارمة بحضور عدد من المشيعين لا يزيد عن 20 شخصاً.!!!!!!