في مثل هذا اليوم 13 ديسمبر1989م..
رئيس جنوب أفريقيا فريديريك ويليم دي كليرك يلتقي مع رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي نيلسون مانديلا.
11 عام مرت على رحيل الرئيس الجنوب الأفريقي نيسلون مانديلا، المناضل الذي أفنى حياته في البحث عن الحرية والمساواة ومحاربة التمييز العنصري، ذلك الرجل الذي لم يختلف عليه أحد، فاحترمه خصومه، وكان يؤمن بمبدأ ثابت لم يحد عنه طيلة عمره، يتمثل في أن الشجعان لا يخشون التسامح من أجل السلام.
دي كليرك: التقيت مانديلا للمرة الأولى في 13 ديسمبر عام 1989
بدأت مشاركة نيسلون مانديلا في المفاوضات، منذ اجتماعنا الأول في 13 ديسمبر عام 1989، والتي توجت بتنصيبه رئيسًا لجنوب أفريقيا في 10 مايو 1994، وفي الفترة الفاصلة التقينا في مناسبات عدة، كمحادثات الكونجرس الوطني الأفريقي، منتدى التفاوض الوطني، والمؤتمرات الأدبية وكذا العديد من اللقاءات المباشرة، كانت العلاقات متوترة غالبا، بسبب العنف المجهول الذي سيطر على جميع أنحاء البلاد، لكن في ذلك الحين كان قادة المعارضة والأحزاب السياسية يخوضون مفاوضات حاسمة حول مستقبل بلدنا، وبعد تقاعدنا من السياسة أصبحنا صديقين، بحسب حديث الرئيس الجنوب أفريقي السابق فريدريك دي كليرك..
لم يكن هناك شخص أفضل من دي كليرك للحديث عن نيلسون مانديلا، فالخصومة التي تتحول إلى صداقة تتسم بالصدق والنقاء، كما أن دوره لا يقل عما فعله مانديلا في جنوب أفريقيا، بل كانت الضغوط عليه كثيرة بسبب إنهاء نظام امتد لسنوات طويلة، لكنه فضل مصلحة بلاده عن السلطة.
يقول دي كليرك: “كان قرار بدء عملية التحول الدستوري لجنوب أفريقيا نتيجة عملية التأمل العميق داخل قيادة الحزب الوطني الحاكم في تلك الفترة، حيث بدأت في وقت مبكر وتحديدا عام 1980، وتوجت في الاستنتاج بأن هناك حلًا عادلًا وقابلًا للتطبيق لمشكلات جنوب أفريقيا التاريخية المعقدة، وهذ الحل لا يمكن العثور عليه إلا من خلال الدخول في مفاوضات مع ممثلي جميع أطياف شعبنا على اعتماد جديد الدستور الذي من شأنه حماية حقوق جميع جنوب أفريقيا، أما عن توقيت المبادرة جاء بسبب التأثر بالتطورات الهامة في أوروبا، بما في ذلك سقوط برلين الجدار في نوفمبر 1989”.
وعن كواليس الاجتماع الأول بينه وبين مانديلا، يوضح دي كليرك، أنه عقد أول اجتماع مع نيلسون سرًا في مكتبه بمدينة كيب تاون في الثالث عشر من ديسمبر عام 1989، كان أطول من المتوقع وكان لديه كرامة فطرية عظيمة منبثقة من ولادته كعضو في منزل “تيمبو الملكي”، ومن نضاله الطويل لتحقيق العدالة لشعبه، لم نناقش أي مسائل جوهرية، ولكن كلانا توصل إلى استنتاج مفاده أننا سنكون قادرين على القيام العمل سويا.
في الثاني من فبراير عام 1990، رفع دي كليرك الحظر المفروض على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي الجنوب أفريقي والمؤتمر الأفريقي الشامل، وفي 11 فبراير أطلق سراح نيلسون مانديلا، لتعقد فيما بعد مفاوضات مع مانديلا وزعماء الأحزاب الأخرى من أجل إنهاء الفصل العنصري بطريقة سلمية والانتقال إلى الحكم الديمقراطي.
توجت جهود الصديقين حديثا العهد مانديلا ودي كليرك، بجائزة نوبل للسلام عام 1993، لإخراجهما البلاد من دائرة الصراع بين المواطنين البيض وأصحاب البشرة السمراء، ويسترجع فريدريك ذكرياته مع الجائزة: “لقد تفاجأت وتشرفت حينما أبلغوني أنني منحت جائزة نوبل للسلام جنبا إلى جنب مع نيلسون مانديلا، أنا أقدر الجائزة بسبب الاعتراف بذلك، فالجائزة لم تكن لي في المقام الأول بل لجميع الأشخاص الذين دعموا بكل أمانة بحثنا عن حل عادل وسلمي لمشكلات جنوب أفريقيا المعقدة”.
بعد انتخابات 1994، جرى تعيين فريدريك دي كليرك كنائب ثاني للرئيس في حكومة مانديلا، وفي عام 1996 انسحب أعضاء الحزب الوطني الآخرون من مناصبهم الوزارية من أجل تأسيس الحزب الوطني كمعارضة فعالة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ليتقاعد دي كليرك من العمل السياسي عام 1997.
وفور إعلان وفاة نيلسون مانديلا، قال دي كليرك: “أكبر إنجازات نيلسون هو توحيد جنوب أفريقيا والسعي إلى المصالحة بين السود والبيض في عهد ما بعد سياسات العزل العنصري، كان موحدا عظيما ورجلا فريدا جدا في هذا المجال فوق كل شيء آخر فعله، هذا التركيز على المصالحة كان أكبر ميراث تركه، كان إنسانا وعطوفا تمكن من تفهم مخاوف الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا أثناء الإنتقال إلى الديمقراطية”.
ويختتم الرئيس الجنوب أفريقي السابق، حديثه لـ”الوطن”: “أقضي معظم وقتي في العمل ضمن مؤسستين ساعدت في تأسيسهما، الأولى مؤسسة كليرك في جنوب أفريقيا والتي تعد مكرسة للنهوض في جنوب أفريقيا ودستورها، وتعزيز العلاقات الإيجابية بين مجتمعاتنا، و المؤسسة القيادة العالمية التي يوجد مقرها في أوروبا”.!!