في مثل هذا اليوم 17 ديسمبر 2010 م..
طارق الطيب محمد البوعزيزي يضرم النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد..
طارق الطيب محمد البوعزيزي هو شاب تونسي قام يوم الجمعة 17 ديسمبر عام 2010م بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ وقالت له: “ارحل” فأصبحت هذه الكلمة شعار الثورة للإطاحة بالرئيس وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة.
أدى ذلك لانتفاضة شعبية وثورة دامت قرابة الشهر أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي أما محمد البوعزيزي فقد توفي بعد 18 يوماً من إشعاله النار في جسده. أضرم على الأقل 50 مواطناً عربياً النار في أنفسهم لأسباب اجتماعية متشابهة تقليدا لاحتجاج البوعزيزي. أقيم تمثال تذكاري تخليداً له في العاصمة الفرنسية باريس.
اعترض عناصر من الشرطة في فجر الجمعة 17 ديسمبر 2010 عربة الفاكهة التي كان يجرها محمد البوعزيزي في الأزقة محاولا شق طريقه إلى سوق الفاكهة وحاولوا مصادرة بضاعته. عم البوعزيزي رأى الواقعة فهرع لنجدة ابن أخيه وحاول إقناع عناصر الشرطة بأن يدعوا الرجل يكمل طريقه إلى السوق طلبا للرزق ثم ذهب العم إلى مأمور الشرطة وطلب مساعدته واستجاب المأمور وطلب من الشرطية فادية حمدي التي استوقفت البوعزيزي برفقة شرطيين آخرين أن تدعه وشأنه. الشرطية استجابت ولكنها استشاطت غضبا لاتصال عم البوعزيزي بالمأمور.
ذهبت الشرطية فادية حمدي إلى السوق مرة أخرى في وقت لاحق وبدأت مصادرة بضاعة البوعزيزي ووضعت أول سلة فاكهة في سيارتها وعندما شرعت في حمل السلة الثانية اعترضها البوعزيزي فدفعته وضربته بهراوتها ثم حاولت الشرطية أن تأخذ ميزان البوعزيزي وحاول مرة أخرى منعها عندها دفعته هي ورفيقاها فأوقعوه أرضًا وأخذوا الميزان. بعد ذلك قامت الشرطية بتوجيه صفعة للبوعزيزي على وجهه أمام حوالي 50 شاهدا عندها عزّت على البوعزيزي نفسه وانفجر يبكي من شدة الخجل وبحسب الباعة وباقي الشهود الذين كانوا في موقع الحدث صاح البوعزيزي بالشرطية قائلا: “لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط لا أريد سوى أن أعمل”.
حاول أن يلتقى البوعزيزي بأحد المسؤولين لكن دون جدوى ثم عاد إلى السوق وأخبر زملاءه الباعة بأنه سوف يشعل النار في نفسه ولكنهم لم يأخذوا كلامه على محمل الجد. وقف البوعزي أمام مبنى البلدية وسكب على نفسه مخفف الأصباغ “ثنر” وأضرم النار في جسده. اشتعلت النيران وأسرع الناس وأحضروا طفايات الحريق ولكنها كانت فارغة. اتصلوا بالشرطة لكن لم يأت أحد ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزي النار في نفسه. من جانبها نفت الشرطية فادية حمدي صفعها للبوعزيزي وأصرت على براءتها.
أدى حادث محمد البوعزيزي إلى احتجاجات من قِبل أهالي سيدي بوزيد في اليوم التالي حيث قامت مواجهات بين مئات من الشبان في منطقة سيدي بوزيد وقوات الأمن. المظاهرة كانت للتضامن مع محمد البوعزيزي والاحتجاج على ارتفاع نسبة البطالة والتهميش والإقصاء في هذه الولاية الداخلية. سرعان ما تطورت الأحداث إلى اشتباكات عنيفة وانتفاضة شعبية شملت معظم مناطق تونس احتجاجاً على ما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم حيث خرج السكان في مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية.
أجبرت هذه الانتفاضة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على التنحي عن السلطة والهروب من البلاد خِلسةً إلى السعودية في 14 يناير 2011 وفي نفس اليوم أعلن الوزير الأول محمد الغنوشي عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك استنادًا على الفصل 56 من الدستور التونسي غير أن المجلس الدستوري قرر اللجوء للفصل 57 من الدستور وأعلن في اليوم التالي عن تولي رئيس مجلس النواب محمد فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت وذلك لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.!!